خبر العملية البرية الإسرائيلية: احتمالات ... ومخاوف ..حلمي موسى

الساعة 10:19 ص|02 يناير 2009

برفضها المقترح الفرنسي للهدنة الإنسانية، أعلنت إسرائيل عمليا بداية نهاية المرحلة الأولى من الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ويعني ذلك اتخاذ القرار بالهجوم البري بعد استكمال الاستعدادات له وإنجاز التمهيد المدفعي لذلك. وقد ترافق هذا القرار مع بدء التدخل الأميركي في المداولات الجارية بشأن استراتيجية الخروج الإسرائيلي من هذه المعركة.

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية في وقت متأخر من مساء أمس إلى أن القوات الإسرائيلية المحتشدة حول قطاع غزة تلقت تعليمات بإتمام جاهزيتها للعملية البرية حتى صباح يوم الجمعة المقبل. ورغم الطابع التظاهري لهذه التعليمات فإن كثيرين يعتقدون أن استمرار القصف الصاروخي وتوسعته ليصل إلى بئر السبع جعل العملية البرية محتومة. وكتب العديد من المعلقين العسكريين أن العملية باتت بانتظار تحسن حالة الطقس في اليومين المقبلين.

وتشدد جهات إسرائيلية كثيرة على أن العملية البرية التي يجري الحديث عنها هي في الواقع مجموعة عمليات تكتيكية ترمي إلى تشديد الضغط على قيادة حماس للقبول بالتهدئة بشروط إسرائيلية. وترمي هذه العمليات إلى مباغتة المقاومين في مناطق غير متوقعة وبهدف إخراجهم عن توازنهم وتحطيم نقاط تواصلهم. ومع ذلك لا تستبعد هذه الجهات أن

تتعقد الأمور وتغدو العملية البرية ورطة كبرى تفضي إلى إعادة احتلال القطاع. وهذا ما يدفع كثيرين إلى التأكيد بأنه من الصعب رؤية نهاية هذا الصراع من الآن.

وتحدد القيادة العسكرية من الآن أهدافا موضعية للعمليات البرية المقصودة. وبين أبرز هذه الأهداف قتل أكبر عدد ممكن من أفراد المقاومة وتدمير بنى تحتية ومخازن يصعب تدميرها من الجو. غير أن هناك هدفا لا يقل أهمية من تحقيق الاشتباك المباشر وهو توفير معلومات استخبارية أفضل تزيد من شدة الضغط على حماس.

ومن الجائز أن تحطيم إسرائيل لقواعد العمل المعروفة وللخطوط الحمر ولجوءها إلى تدمير المساجد واستهداف المشافي وطواقم الإسعاف يرمي إلى تأكيد نظرية الجنون. فهذا التدمير يتم بشكل مقصود وبإعلان رسمي وبزعم أنها تستخدم لإيواء المقاومين أو لتخزين صواريخهم أو نقلها.

غير أن هذا الجنون يقع في لحظة مميزة. فقد أعلنت إسرائيل رفضها مبادرة الهدنة الإنسانية الفرنسية. وبرر عدد من المعلقين ذلك بأن هذه المبادرة كانت »طلقة قبل الأوان« وأن وزير الدفاع إيهود باراك الراغب في اجتذاب الناخبين اليساريين تبناها بتسرع. ومع ذلك فإن الواقع يشهد على أن القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل تناقشان مسألة استراتيجية الخروج. ويبدو أن جميع البدائل لا تخلو من وجهة نظر إسرائيل من مساوئ. وما يربك القيادة الإسرائيلية أكثر من أي شيء آخر أنه لا توجد هناك ضغوط حقيقة تحول دون إسرائيل ورفض الدعوات والمبادرات الإقليمية والأوربية والدولية. وقد جاء هذا الرفض في وقت تعاظمت فيه المطالبات الدولية بوقف النار وبدأت فيه المشاركة الأميركية. وترددت أنباء عن أنه رغم التأييد الرئاسي الأميركي للحرب على غزة إلا أن المستويات الأميركية الأدنى بدأت تناقش المسؤولين الإسرائيليين في بنود استراتيجية الخروج. ولا ريب أن لذلك أيضا أهمية قصوى عندما تصل اليوم وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني للعاصمة الفرنسية لمناقشة مبادرات وقف النار.

ورغم السجال القائم بين ترويكا القيادة الإسرائيلية حول نهاية العملية فإن هناك اتفاقا بينهم على أفضلية تقريب انتهاء العملية. ويدور السجال من ناحية بين أولمرت وباراك وبين ليفني من ناحية أخرى حول وجوب التوصل إلى تسوية. وفيما يريد الأولان بطــرق مختلفة تسويات معينة غير مباشرة مع حماس تصر الأخيرة على رفض أي تسوية تمنح حماس أية شرعية. ويقول أولمرت وباراك باستعدادهما لتسوية بشروط إسرائيل والأفضل نيل ضمانات لسلوك حماس وربما المطالبة بآلية مراقبة دولية كالقائمة في الجنوب اللبناني. ورغم هذا السجال تصل ليفني إلى باريس مكلفة بالتفاوض على مبادرة تحقق وقفا لإطلاق النار ولكن بشروط تضمن التهدئة لأطول فترة ممكنة.