خبر نزاع شخصي في القيادة /هآرتس

الساعة 09:58 ص|02 يناير 2009

بقلم: أسرة التحرير

 

        رئيس الوزراء، ايهود اولمرت، يتوقع عن حق رص صفوف الجمهور الاسرائيلي خلف عملية الجيش الاسرائيلي في غزة، والحفاظ على قدرة صمود سكان الجنوب الذين يتعرضون لهجوم صواريخ حماس. ولكن كان يجدر باولمرت أن يطبق ذات المعايير التي يطالب بها من مواطني اسرائيل على نفسه وعلى رفاقه في قيادة الدولة.

ففي الاسابيع التي سبقت القرار بحملة "رصاص مصهور" وبقوة اكبر منذ الانطلاق الى العملية يوم السبت، اشتعل جدال مغطى اعلاميا بين اولمرت وشريكيه الكبيرين في القيادة السياسية، وزير الدفاع ايهود باراك ووزير الخارجية تسيبي لفني. في بؤرة الخلاف يقف تبادل للاتهامات على كشف اسرار عملياتية وخروج عن الصلاحيات، ومشادات على الحظوة العامة لما يلوح كنجاح عسكري في الايام الاولى.

اولمرت، باراك ولفني هم سياسيون، ولا يمكن أن نتوقع منهم ان يتجاهلوا مشاعرهم وتطلعاتهم. وزير الدفاع ووزيرة الخارجية هما زعيمان لحزبين يتنافسين في الانتخابات ويتصارعان على ذات اصوات الناخبين. خصومتهما الشخصية – السياسية مفهومة. رئيس الوزراء وان كان لا يتنافس، الا أن لديه حسابا طويلا مع وزيريه الكبيرين، باراك الذي ادى الى تنحيته عن الحكم، ولفني التي خرجت ضده وبعد ذلك ورثته في رئاسة كديما. عشية اعتزاله، يكافح اولمرت ايضا في سبيل انقاذ شرفه وصورته اللذين تضررا بشدة من الادارة الفاشلة لحرب لبنان الثانية.

هذه هي الخلفية للنزاع الشخصي في القيادة، والذي ينزلق الى جدال حول السياسة. باراك قاد اتفاق التهدئة مع حماس، وروج للانتظار والى ترسيخ الشرعيتين الداخلية والخارجية قبل الخروج الى حملة عسكرية. لفني دفعت نحو ردود عسكرية قاسية على نار الصواريخ من غزة، ودعت الى اسقاط حكم حماس هناك. اولمرت تردد الى أن اقتنع بان العملية ضرورية، وجذب الى جانبه وزير الدفاع.

من اللحظة التي تقرر فيها الخروج الى الحملة، كان جديرا باعضاء "الثلاثية" ان يتواضعوا في خصوماتهم الشخصية، ان يدحروا جانبا الحملة الانتخابية، وان يركزوا على ادارة الحرب وعلى تحقيق تسوية جيدة لوقف النار. لشدة الاسف هذا لم يحصل. وبدلا من اظهار التضامن والتمسك بالمهمة، اولمرت، لفني وباراك ينشغلون ببناء صورتهم الاعلامية.

الى الذروة وصلت الامور في قضية اقتراح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بـ "توقف انساني للقتال" لمدة 48 ساعة. وفي تبادل غريب للادوار، ولكنه مفهوم على خلفية مواقفهم المختلفة في الحملة الانتخابية، ادار وزير الدفاع الاتصالات السياسية واعرب عن تأييده للاقتراح، ووزيرة الخارجية انضمت الى رئيس الوزراء في رفض الفكرة. واذا كان هذا غير كافٍ، كلف اولمرت نفسه عناء النشر بانه "وبخ" باراك على محادثاته مع كوشنير.

مسموح وجدير ادارة مباحثات وجدالات حتى في اثناء الحرب، ولا حاجة لاخفاء التفكير بدعوى "الصمت، يطلقون النار". ولكن محظور ان تلعب الاعتبارات السياسية والخصومات الشخصية دورا رائدا في القرارات على الخروج للحرب وتعريض حياة المدنيين والجنود للخطر. السكان التي تتعرض منازلهم للهجوم، والجنود الذين قد يكونون مطالبين باجتياح غزة، يحتاجون الى أن يعرفوا بانهم يعرضون انفسهم للخطر من اجل هدف وطني، وليس كحجارة شطرنج في الملعب السياسي.