خبر لو كنت فلسطينيا / هآرتس

الساعة 09:54 ص|02 يناير 2009

هآرتس  – مقال – 2/1/2009

زعيم حزب ميرتس الاسبق

        (المضمون: لا توجد شعوب طيبة واخرى شريرة، توجد فقط زعامات تتصرف بمسؤولية او بجنون. والان نحن مرة اخرى نقاتل ضد من غير قليلين منا كانوا سيكونون مثلهم لو وقفوا في اماكنهم واحد واربعين ونصف سنة - المصدر).

تحدثت هذا الاسبوع مع طلابي عن حرب غزة في اطار درس عن حرب الامن القومي. احد الطلاب، الذي أعرب عن مواقف دارجة، محافظة جدا، بمعنى – تميل قليلا الى اليمين، نجح في مفاجأتي. دون أن استفزاز من جانبي فتح قلبه واعترف: لو كنت شابا فلسطينيا قال، لقاتلت اليهود حتى الابادة حتى بوسائل ارهابية. كل من يقول شيء آخر، اضاف، يكذب عليك.

        اقواله رنت في اذني كاقوال معروفة، سبق لي أن سمعتها ذات مرة. فجأة تذكرت: قالها قبل نحو عشر سنوات وزير دفاعنا، ايهود باراك. جدعون ليفي سأله في حينه بصفته مرشحا لرئاسة الوزراء ماذا كنت ستفعل لو ولدت فلسطينيا، فاجابه باراك بصدق: "كنت سأنضم الى منظمة ارهابية.

        هذا ليس جوابي؛ فارهاب الافراد او المنظمات او الدول يرمي دوما لاسقاط الضحايا في اوساط السكان المدنيين، الذين لم تسفك ايديهم الدماء. فالارهاب ليس فقط أعمى – بل يوسع دائرة المتزمتين ممن يصعد الدم الى رؤوسهم: دمنا في رؤوسهم، دمهم في رؤوسنا؛ وما ان يفتح حساب الدم حتى يطول ومن يمكنه أن يسدده بكامله، ومتى.

        انا اكره كل الارهابيين في العالم مهما كانت غاية كفاهم. وبالمقابل، أنا اؤيد كل عصيان مدني نشط ضد كل احتلال، واسرائيل ايضا من المحتلين الحقيرين. مثل هذا العصيان محق اكثر وناجع اكثر ولا يفقد الناس نزعتهم الانسانية. قد أكون مجرد ختيار فلا يسعني أن اكون ارهابيا، في عمري.

        ولكن انظروا الى هذه اللكن: اذا كان لشاب عادي جواب عفوي غير جوابي، وذات الجواب يفلت على لسان فريق عسكري اسرائيلي، فان كل شخص يجب أن يرى نفسه وكأن ابنه انطلق نحو ثقافة سيئة. لو انقلبت النوازع واصبح ابناؤنا فلذة اكبادنا ارهابيين فظيعين فمن شبه اليقين أنهم الجيل الثالث والرابع من اللجوء والعبودية الذي يسعى الى الخلاص وليس لديه ما يخسره، غير قيوده.

        اما نحن، امه وابيه، فكنا سنبكي الفقيد اذ انه لن يعود ليرى بلاد موطننا ويرانا  الا من صورته على الحائط كشهيد. فهل كنا سنمنعه قبل أن ينفذ مبتغاه؟ هل كان بوسعنا أن نمنعه لو اردنا؟ هل كنا سنفهم قلبه؟ هل ما فهمه ايهود باراك في حينه كان ممنوعا عنا؟

        شباب عديمو المستقبل بسهولة يتخلون عن مستقبلهم الذي لا يلوح لهم في الافق. ماضيهم كعاملي مجاري وحاضرهم كعاطلين عن العمل يمنعا أي مدخل للامل لديهم: موتهم افضل من حياتهم، بل موتهم افضل من حياتنا نحن الذين نقمعهم كما هم يشعرون. منذ يوم مولدهم وحتى يوم ذهابهم يرون بلادهم امام ناظريهم واليها لن يأتوا كأناس أحرار.

        لا توجد شعوب طيبة واخرى شريرة، توجد فقط زعامات تتصرف بمسؤولية او بجنون. والان نحن مرة اخرى نقاتل ضد من غير قليلين منا كانوا سيكونون مثلهم لو وقفوا في اماكنهم واحد واربعين ونصف سنة.