كيف يستعد الجيش لتظاهرات "يوم النكسة" على حدود غزة؟

الساعة 01:24 م|24 مايو 2018

فلسطين اليوم

بقلم: أمير بوحفوت

أطلس للدراسات / ترجمة خاصة

في هذه الأيام، يستعدون في هيئة الأركان العامة للجيش لاستبدال مسؤول القيادة الجنوبية اللواء ايال زمير باللواء هرتسي هليفي، في الثالث من يونيو، قبل يومين فقط من تظاهرات "يوم النكسة" في قطاع غزة لإحياء يوم خسارة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة.

حتى الآن، ووفقًا لمسؤولين رسميين، لا يوجد نية لتأجيل موعد استبدال اللواء زمير رغم التوقيت الإشكالي؛ لذلك يجدر القول بأن مسؤولو الاستخبارات يقدرون بأن حماس لا تنوي صنع "نسخة" من تظاهرات يوم النكبة، التي قتل فيها خلال يوم واحد أكثر من 60 فلسطينيًا برصاص الجيش الإسرائيلي.

إن تغير الأدوار في القيادة العامة يلعب دورًا مهمًا، قريبًا ستأتي مرحلة الترشح لمنصب نائب رئيس الأركان القادم، وانتخاب رئيس الأركان الـ 22 للجيش الاسرائيلي. كل الاطراف تريد أن ترى الخطوة تتكتك مثل عقارب ساعة سويسرية، وأي تأجيل بالاستبدال سيجر وراءه تعطيلًا باتخاذ القرارات في أدوار الآخرين.

عيون المنظومة الأمنية موجهة نحو مصر، التي تساهم بشكل كبير بالاستقرار الإقليمي، وتعمل كوسيلة ضغط أساسية على حماس. هذا رغم أن مسؤول حماس في غزة يحيى السنوار حرص في الأسبوع الماضي على تذكير الجميع بتأثير إيران على الذراع العسكرية لحماس، مساهمة تنعكس في صورة مساعدة بما لا يقل عن 100 مليون دولار سنويًا.

منذ فترة طويلة جدًا، ومصر تعمل وفقًا لمصالحها الواضحة في كل ما يتعلق بخطوة إنعاش قطاع غزة، وحماس اصطفت أمام هذه السياسات. في المقابل، كان هناك كثير من الخطوات التي لم تتغاضَ عنها إسرائيل، مثل القرار أحادي الجانب في عام 2017 بفتح معبر رفح لنقل مواد البناء، حين فرضوا في إسرائيل عقوبات على غزة في أعقاب كشف الأنفاق.

لقد سمحت القاهرة في الأشهر الماضية للشارع الفلسطيني في قطاع غزة بتنفيس البخار، وفي مرحلة معينة حين قررت ان الأحداث آخذة في التدهور وقد تخرج المنطقة عن توازنها، وضعت خطًا أحمر لحماس وأوقفت التظاهرات الضخمة. في المقابل، أجرت قيادة حماس محادثات سياسية حول قضايا متنوعة، من بينها - حسبما يمكن التقدير - خلق آلية لنقل مساعدات من العالم العربي، فتح معبر رفح طوال أيام رمضان وقضايا أخرى لم يتم الحديث عنها بشكل علني.

الآن، بعد فترة الانتخابات في مصر، سيشعر الرئيس المصري السيسي بأنه أكثر تحررًا من الالتزامات والضغوطات، ممّا يساعده في اتخاذ قرارات حاسمة. بعبارة أخرى: ليس كل شيء في المنطقة مرتبط بإسرائيل، ماذا كانت تريد حماس؟ حرف الانتباه نحو السلطة الفلسطينية وإسرائيل، للحصول على الأموال من أجل إنعاش صندوقها النقدي الواهي، إخراج المواطنين من قطاع غزة وفتح أفق سياسي. كان الانطباع مؤقتًا بأنها إنجازات قصيرة الأمد، لكن حماس لم تحل مشاكلها.

مصلحة أخرى لحماس هي تخفيف حدة اللهب والأحداث السياسية في الضفة الغربية، مع التأكيد على الوضع الصحي المتدهور لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. تمارس حماس في السنوات الماضية من قطاع غزة، الخارج وداخل الضفة، جهودًا كبيرة لإشعال المنطقة ضد السلطة، وحين تهتز الأرض في الضفة فهو الوقت المناسب لتكون متأهبة "لليوم التالي" ولا تكون منشغلة بالتظاهرات على حدود غزة.

لذلك، يقدرون في جهاز الأمن بأن حماس ستستمر بالتخفيف من حدة اللهب على الحدود، وستحصل على الفطيرة من الباب الخلفي، لكنها لن تتنازل تمامًا عن الاحتكاك على الحدود من أجل الحفاظ على روح المقاومة، ومن بينها التظاهرات التي ستتم يوم غدٍ على حدود القطاع. في ضوء ذلك، تسلل المتظاهرين الفلسطينيين أمس لإسرائيل وإضرام النار في موقع عسكري قرب حدود القطاع كان من السهل أن ينتهي بنشاط

"إرهابي"، ما يعكس أن الردع ضد حماس يعمل بشكل نسبي.

على خلفية القلق من مفاجآت حماس أو من سوء الفهم من كلا الطرفين للواقع، على الجيش ان يستعد لتظاهرات حاشدة عنيفة "يوم النكسة"، بما يشمل أحداث "إرهاب" جماعية. لا تستطيع اسرائيل أن تمتص الضربات في الساحة السياسية خوفًا من العقوبات، وبشكل خاص ليس حين يحاول الرئيس تسوية الشرق الأوسط من جديد، مع التأكيد على الاتفاق النووي مع إيران والاستراتيجية السياسية مع السلطة التي ستطرح في الشهر المقبل؛ لكن هذه ليست الأسباب الوحيدة التي تفسر "لماذا يجب على الجيش ان يتحلى بالحذر في كل ما يتعلق بحدود قطاع غزة في الفترة المقبلة؟".

الجيش يواصل تدريباته الروتينية

في حال قررت حماس - حسب سيناريو متطرف - أن تكسر القواعد على حدود القطاع "يوم النكسة" من أجل تحقيق تحسينات على الساحة السياسية مع استغلال الأشهر الأخيرة لرئيس الأركان غادي ايزنكوت في الزي العسكري؛ سيكون على الجيش ان يتصرف بحكمة شديدة على خلفية الأحداث الأخيرة في الحدود الجنوبية. حماس ستحاول بكل قوتها استغلال الرواية التي تمت صياغتها في وسائل الإعلام الأجنبية من أجل تشديد الانتقاد ضد إسرائيل.

الهدف الرئيسي سيكون الحفاظ على حرية العمل والشرعية في جميع الساحات، منع تدهور إقليمي كذلك، أيضًا حرمان حماس من الإنجازات في الساحة الدولية، ليس فقط من خلال آليات عدم القتل؛ بل بشكل أساسي بالوعي، وفي الساحة الإعلامية. الهدف الثاني أمام التظاهرات الجماعية هي منع استنزاف قوات الجيش؛ لذلك سيكون مطلوبًا من الجيش ممارسة الضغط متعدد الأبعاد على حماس لمنع تصعيد وتمديد فترة التظاهرات، وإلا سيتضرر استعداد وحرية عمل الجيش في الساحات الأخرى.

يستعد الجيش لكل السيناريوهات "يوم الكنسة" من أعمال فوضى قد تضر بالسياج، مرورًا بمئات البالونات والطائرات الورقية الحارقة، وحتى عمليات تخرج من بين الجماهرية، وحتى المفاجآت. هذه المرة سيصل الجيش من البداية بعدد كبير من الطائرات بدون طيار من أنواع مختلفة وقوات احتياط على الجبهة.