لجنة التحقيق الدولية في أحداث غزة: نصف إدانة "لإسرائيل"

الساعة 08:40 ص|20 مايو 2018

فلسطين اليوم

مع موافقة "مجلس حقوق الإنسان" في الأمم المتحدة على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في أحداث قطاع غزة الأخيرة وانتهاكات دولة الاحتلال، يكون المجتمع الدولي سجّل نصف إدانة لإسرائيل التي قتلت أكثر من 120 فلسطينياً على الحدود مع القطاع، في أقل من خمسين يوماً.

وأثبتت الوقائع على الأرض والتسجيلات والشهادات الحقوقية المحلية، أنّ الذين قتلتهم إسرائيل على الحدود مع الأراضي المحتلة، لم يشكّلوا أي خطر على جنودها المنتشرين، والذين يحملون أعتى الأسلحة وأدقها وأكثرها فتكاً، ما يعني تعمّد الاستهداف المباشر والقتل والإضرار بالفلسطينيين.

وأوصى "مجلس حقوق الإنسان" في جلسة خاصة مساء الجمعة، بفتح تحقيق دولي مستقل ضد الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة، منذ بدء مسيرات العودة الكبرى في 30 مارس/آذار الماضي. وتبنى المجلس بتأييد 29 صوتاً ومعارضة 2 وامتناع 14، قراراً يدعو إلى إرسال لجنة مستقلة للتحقيق في المواجهات التي وقعت الاثنين الماضي.

وكعادتها ردّت دولة الاحتلال برفض قرار "مجلس حقوق الإنسان"، واتهمت المنظمة بأنها "ذات غالبية معادية لإسرائيل بشكل تلقائي ويسيطر عليها النفاق والسخافة". وقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إنّ "إسرائيل ترفض رفضاً قاطعاً القرار الذي اعتمد من قبل أغلبية تلقائية معادية لإسرائيل، ونتائجه معروفة مسبقاً".

في المقابل، رحّب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، بقرار "مجلس حقوق الإنسان"، مؤكداً أنه "القرار الصحيح تجاه مساءلة قوة الاحتلال ومحاسبتها على خروقاتها للقانون الدولي والإنساني وردع جرائمها، والانتصاف لحقوق الضحايا، ولإحقاق العدالة". وثمّن عريقات في تصريح له، مواقف جميع الدول التي تقف إلى جانب الحق والعدل وخصّ الدول الـ29 التي صوّتت لصالح القرار، بينما استهجن موقف الدول التي صوتت ضد القرار مثل الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا، وكذلك الدول الـ14 التي امتنعت عن التصويت، مؤكداً أن رسالة تلك الدول إلى إسرائيل هي "تشجيعها على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين وفتح المنطقة على دوامة لا تنتهي من التطرف وإراقة الدماء".

وتساءل عريقات: "لماذا ترفض الولايات المتحدة، التي اصطفت إلى جانب إسرائيل ودافعت عن احتلالها وجرائمها وتبنّت روايتها خلال مسيرات العودة وزوّدتها بكل وسائل الحصانة، إرسال لجنة تقصي حقائق لإثبات ادعاءاتها"؟ وأكد أنّ الجانب الفلسطيني "سيقدم كل الدعم والمساندة للجنة التحقيق، وسيتابع مساعيه القانونية والسياسية في جميع المنابر الدولية والعربية والإسلامية لمحاسبة الاحتلال وعقابه على جرائمه وجعله يدفع ثمن احتلاله، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد سيادة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وعرقلت دولة الاحتلال على مدار السنوات الماضية عمل ونشاط لجان التحقيق التي جرى توجيهها للتقصي حول الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، إذ تتعامل إسرائيل وفق منطق أنها  فوق القانون، وتمارس ما يوصف حقوقياً بـ"إرهاب الدولة المنظم".

وهذه هي المرة الثالثة التي يقرّر فيها "مجلس حقوق الإنسان" تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لتقصي الحقائق في الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد قطاع غزة، وهي خطوة يعتبرها حقوقيون وقانونيون في فلسطين "انتصاراً لمنظومة القيم الغائبة". وتصدر مثل هذه اللجان توصيات تكون ملزمة بالعادة، وهذه المرة يمكن استثمار هذه التوصيات والنتائج بشكل أفضل مما سبق، إذا أرادت السلطات الفلسطينية المختصة ذلك، لا سيما في ظلّ انضمام السلطة الفلسطينية لعدد من المنظمات واللجان الحقوقية الدولية المطالبة بمحاسبة إسرائيل، وفي ظلّ حديثها عن الذهاب لمحكمة الجنايات الدولية.

وفي هذا الإطار، قال مدير "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، المحامي راجي الصوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ تشكيل لجنة تحقيق دولية في المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي على حدود غزة "هو بالأساس مطلب فلسطيني، تحوّل فيما بعد، وجرت الاستجابة له دولياً"، معتبراً أنّ ما جرى على الحدود الشرقية لقطاع غزة "انتهاكات خطيرة وجسيمة شكّلت جرائم حرب ضد المتظاهرين الذين احتشدوا بشكل سلمي، وهو ما دعا مجلس حقوق الإنسان للموافقة على فتح تحقيق، كونه إحدى ساحات الصراع بين شريعة الغاب والقانون".

وأشار الصوراني إلى أنّ إسرائيل "لم تحترم أو تتعاون مع أي لجنة تحقيق دولية جرى تشكيلها خلال السنوات الماضية، كما لم تقم بالعمل معها أو تسهيل مهمتها سواء قديماً أو حديثاً، وهو ما يثبت أنها دولة مارقة، ويضع على الفلسطينيين واجب التعامل مع لجنة التحقيق بجدية".

وعن كيفية عمل اللجنة، بيّن الحقوقي الفلسطيني أنه يجري تشكيلها من قبل رئيس مجلس حقوق الإنسان، ثم تبدأ بمزاولة عملها على الأرض. غير أنه نبّه إلى أن إسرائيل لم تسمح في السنوات الماضية بوجود مقرر خاص أو حتى بوصوله وحضوره إلى الأراضي المحتلة.

ورأى الصوراني أنّ موافقة المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان على تشكيل لجنة تحقيق دولية في الأحداث والمجازر التي شهدتها الحدود "بمثابة نصف إدانة للاحتلال، علماً بأنّ توصيات هذه اللجنة ملزمة كونها صاحبة صلاحيات مستقلة"، لافتاً إلى أنّ "المجلس يمنح هذه اللجان الصلاحيات الكاملة للعمل على تقصي الحقائق، ليتبقّى على الإرادة السياسية التنفيذ، وهذا هو الأهم في ظلّ وجود تجربة سابقة مثل تقرير غولدستون الذي كانت توصياته رائعة ومنصفة للفلسطينيين، إلا أنّ الإرادة السياسية أحبطته".

كلمات دلالية