كوشنر يحرج الأردن ..الوصاية لمن في القدس؟

الساعة 10:36 ص|16 مايو 2018

فلسطين اليوم

أردنياً قد لا ينطوي المشهد على جديد. لكن مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر تكفل عملياً بإعلام الراي العام الأردني بأن إسرائيل الآن هي «الوصي الوحيد» على كل ما في القدس.

عبارة كوشنر واضحة الملامح ولا تقبل القسمة على تفسيرين وبصرف النظر عن السياق والإطار القانوني فهذه العبارة تعني أن الولايات المتحدة وليس إسرائيل تآمرت علناً على الوصاية الأردنية على أوقاف مدينة القدس.

تعلم الحكومة الأردنية ذلك لكنها لا تعلنه ولا تتحدث عنه بانتظار المعلومة التالية من واشنطن التي تريح وتستريح بهذه الحالة لان الأردن في النهاية وبالحلقة الأخيرة من مسلسل ضم القدس بقرار أمريكي قد يكون البلد العربي الوحيد الذي يتحدث رسمياً بلغة مناهضة للتصور الأمريكي والإسرائيلي.

رد أسرع

الرد الأسرع كان عبر الناطق الرسمي الدكتور محمد المومني الذي وصف تصريح كوشنر بأنه مرفوض ولا يتفق مع القانون الدولي.

احتفظت عمان بهذه اللغة إلى اللحظة الأخيرة فقبل ساعتين فقط من إعلان كوشنر سالف الذكر كان الناطق المومني يؤكد ويعلن بجرأة أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وبأن الإجراء الأمريكي من حيث القانون «باطل» كأنه لم يكن وبأن الأردن لن يغير من موقفه.

حسابات الحكومة الأردنية في السياق قد لا تعود معقدة لان كوشنر حسم عمليا المحطة التي تثير خجل الأردنيين في الواقع على المستوى الرسمي عندما استهدف في جملته مباشرة الوصاية الأردنية الهاشمية عبر التأكيد على استخدامه لكلمة الوصاية هنا لصالح إسرائيل وباعتبارها الطرف الوحيد المعني.

أبرقت الخارجية الأردنية مباشرة للسفارة الأمريكية في عمان تسأل عن تفسير فحضر الجواب وبسرعة على شكل استعارة سياسية على المقولة الرائجة..» ما المسؤول بأعلى من السائل». في الأثناء نصح دبلوماسي بريطاني رفيع المستوى صديقه المسؤول الأردني: لا تسألوا سفارة واشنطن فهي لا تعلم شيئاً عن سياسة بلادها ليس في سوريا فقط ولكن في القدس أيضاً.

ما يحاول دبلوماسيون أمريكيون من المستوى المتدني قوله هو أن كوشنر في النهاية مجرد مستشار وتصريحاته لا تزيد عن كونها تعبيراً عن موقف الرئيس الشخصي وعائلته. عمان تواصلت مع الرئيس الفرنسي وبحثت معه التطورات الأخيرة فيما عقد إجتماعين الأول أمني والثاني لمجلس السياسات لإستعراض المستجدات وتقرير خطة التحرك بما هو على المحك اليوم «شرعية الدورالأردني في القدس» وفقاً لمسؤول بارز.

«تأخير نعي الوصاية»

الرئاسة الفرنسية نصحت بالتريث وتحدثت عن الاستعداد للعمل ثنائياً لـ «تخفيف التوتر». في هذا الوقت لم يعجب الاتصال الأردني بفرنسا تحديدا الدولة التركية على اساس ان فرنسا قليلة التأثير ولن تقود اي مواجهة ضد الأمريكي أو الإسرائيلي لصالح الموقف الأردني.

تردد بعد ظهر أمس الثلاثاء أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يحاول الدخول على الخط ولديه خطة تحرك قد يعرضها على الملك عبدالله الثاني باتصال هاتفي مع التذكير بأن تركيا هي التي وصفت الأردن بـ «حامي المقدسات».

في عمان لا يريد مسؤولون تأسيس إنطباع بأن الأردن سيلعب مع حساب المناكفات التركية للإدارة الأمريكية وأن الدولة «غير معنية» بالمحاولة هنا وإن كانت ستستعين باردوغان. ناصحون فرنسيون وبريطانيون يحاولون تأخير نعي الوصاية الأردنية على القدس عبر الإشارة إلى ان التعليمات والتوجيهات النهائية لم تصدر بعد وإن مذكرة ترامب في توقيع نقل السفارة أصلاً لم تحدد موقفاً من الوصاية قبل ان ينعاها كوشنر وبلغة لا يمكن الاختلاف على نصوصها وهدفها.

كالعادة تريد عمان ابتلاع الأمر وكأنه لم يحصل فقبل أسابيع من احتفال افتتاح سفارة واشنطن الدموي في القدس كانت ممارسة الوصاية أصلاً على أرض الواقع أمر في غاية التعقيد مع ان الوزير المومني أشار الشهر الماضي على هامش نقاش مع القدس إلى أن مسالة الوصاية الأردنية جزء من منظومة القانوني الدولي وهي ليست قيد نقاش أصلاً مع أي طرف وإن كان ملف عملية السلام برمته قيد النقاش.

تقدير المومني المبكر كان يؤشر على ان أسوأ ما في قرار ترامب أصلاً ليس نقل السفارة ولا افتتاحها بل تقديم مثل هذه المكافأة لليمين الإسرائيلي المتطرف مجاناً. لاحقاً التقطت عمان بسخرية مرة إشارة الرئيس دونالد ترامب في خطابه الوسائطي خلال حفل افتتاح سفارة بلاده في القدس عندما جدد التزامه بعميلة السلام.

عن أي عملية سلام يتحدث الأمريكي؟.. هذا ما يحاول سياسي أردني بارز الإشارة إليه وهو يتحدث عن عبثية الترتيب والخطوة وحجم المجازفة بعملية السلام في الوقت الذي يعتبر فيه مفكر من وزن عدنان ابو عودة ان مجمل ما حصل في القدس قد يساهم في إعادة تصديرها إلى واجهة الحدث ويدفع الجميع للبحث عن مقاربات واقتراحات سياسية وان كان سينقل مجمل ما سمي بصفقة القرن إلى مستوى تداعيات الأسئلة اللاحقة.

يحاول أبو عودة الاستفسار عن مصير حق العودة وقضية اللجوء ومسألة الحدود والديموغرافيا وابتلاع وتهويد الأرض. اما ما حاول المومني الاستفسار عنه وامام «القدس العربي» فهو عن اليوم التالي بعد دفن خيار الدولة الفلسطينية او الدفع باقتراحات تتحدث عن دولة فلسطينية ليس من ضمنها الضفة الغربية حيث يريد الأردن ان يعلم ما الذي يعنيه ذلك في النتيجة.

المشهد عبثي بامتياز.. يقر كل الساسة الأردنيين بذلك ويستذكر بعضهم مقولة قيلت على هامش لقاء مغلق عن «استحقاق دولي وإقليمي ضخم وغامض» سيبرز في شهر حزيران وسيكون الأردن طرفاً فيه».

لكن عمان التي تصدم على جرعات سياسية وتشعر بأن الجميع يخذلها لم تكن متهيأة على الأرجح لإعلان جاريد كوشنر الغامض حيث لا وصاية كما قال على كل ما في داخل القدس إلا لطرف واحد هو إسرائيل. وهو موقف يريد الأردن ان يعرف اليوم ماذا كان يشمل الوصاية الهاشمية التي أصبحت وبرأي اوساط عميقة في القرار الأردني وفي ظل ارتماء السعودية ومصر في الحضن الإسرائيلي عبئاً كبيراً على الأردنيين قيادة وشعباً.

الصدمة كبيرة حتى في أعمق قنوات القرار الأردني. لكن الخجل ملموس سياسياً من التحدث عنها بانتظار توضيح ما من واشنطن مع ان المزاج الشعبي الأردني سبق الحكومة بأميال سياسية وهو يعلن عبر كل أوساط التواصل الاجتماعي بأن الفتى كوشنر الذي أطاح عملياً بمكانة الأردن المتقدمة في الإدارة الأمريكية أعلن بوضوح وفاة الوصاية الأردنية على القدس دون أن يعلن وفاة الدور الأردني في المسجد الأقصى.

كلمات دلالية