تقرير "لفتا المقدسية" في عيون الحاج فوزي معلا

الساعة 12:59 م|12 مايو 2018

فلسطين اليوم

تسعة أعوام كان عمره عندما خرج من عائلته من قريته المقدسية "لفتا"، بعد أن قرر أهالي القرية وبشكل جماعي الخروج خوفا من عمليات القتل في بلدتهم. ولكن " فوزي معلا" لم يعتقد أن هذا الخروج سيكون الأخير، وإن رحلته ستستمر 70 عاما.

يقول:" لفتا كانت جنة الدنيا على الأرض" ولكن هذه الجنة سلبت منه ومن باقي أبناء القرية وباتت بيوتها التي كانت العامرة بهم خاوية على دمارها.

تهجير مبكر

وقرية لفتا كانت من أوائل القرى التي خرج أهلها منها، كان ذلك في بداية آذار من عام النكبة، حيث قرر مخاتير القرية ووجهائها الخروج المؤقت:" خرجنا قبل مذبحة دير ياسين، ففي البلدة دخلت عصابة من الصهاينة وقتلوا أربعة من "كبار البلد" مخاتير الحمائل، والذين كانوا يجتمعون في قهوة البلد، فخاف الناس وخرجوا".

ومثل أهالي البلدة خرجت عائلته، والده ووالدته وأشقائه وأعمامه، إلى مدينة اللد غربا، بقيت العائلة في اللد شهر كامل، في بيارة برتقال كان تملكها، وعندما هجرت اللد خرجت العائلة مع أهل اللد إلى البيرة، حيث بقيت حتى الأن.

عاشت عائلة أبو معلا الهجرة مرتين، الأولى حينما خرجوا من بلدتهم " لفتا" والثانية عندما خرجوا بعد مجزرة المسجد من اللد، قال: "خرجنا من اللد مشيا على الأقدام لثلاثة أيام حتى وصلنا قرى رام الله شرقا".

استأجرت عائلة " معلا" منزلا في البيرة وسكنته، وعمل والده في مهنته الأصلية " حجار" وهو ما وفر عليهم معاناة عاشها باقي اللاجئين الذين عاشوا الفقر والجوع حتى بناء المخيمات، كما أكمل" أبو معلا" دراسته هو أشقائه.

مقاومة و مجازر

وحسب توثيق أهالي القرية، من خلال جمعية لفتا الناشطة في أحياء ذكرى تهجيريها وتوثيق كان ما يتعلق بها، فإن العصابات الصهيونية بدأت بمحاولات تهجير القرية في مرحلة مبكرة عن باقي المدن والبلدات، في ديسمبر/كانون الأول 1947، بعد قيام ابن البلدة "أحمد العبيدي" بتفجير عبوة ناسفة بحافلة تقل مجموعة من عصابات الهاغانا واشتيرن والأرغون الصهيونية على طريق القدس -يافا وأسقط بينهم قتلى وجرحى.

حيث هاجمت عصابات الهاغانا، القرية بعد ساعات واقتحمت مقهى يقع قريبا من شارع القدس يافا، وقتلت سبعة من أبناء القرية بينهم أربعة من وجوه عائلاتها، وأصابت 12 آخرين. ومنذ ذلك الحين وحتى خروج القرية بالكامل في التاسع من أذار/مارس 1948، بقيت القرية تتعرض لهجمات متواصلة من قبل هذه العصابات.

زار الحاج معلا قريته " لفتا" مرتين منذ خروجهم منها، الأولى في العام 1967 وكان لا يزال بيته في منطقة " الشيخ بدر" ومرة ثانية بعد وكان المنزل قد انهدم ولم يبق منه سوى حجارته.

أكبر البلاد وأجملها

وكانت لفتا من أكبر البلدات المحيطة بمدينة القدس، تمتد حتى واد الجوز وحي الشيخ جراح، وطلعة المستشفى المقاصد. وفي لفتا عين الماء تقع في وسط البلدة، كانت مشهورة بإن مياهها خفيفة، وكان السكان يتداولون بعض المقولات عن أنها " تشفي المرضى" فكانت النساء يجتمعن حولها لنقل المياه للشرب، وتغسيل أبنائهن تبركا بها.

وفي القرية مدرسة كانت تسمى بالمدرسة الأميرية، وكان يدرس فيها أبناء البلدة والقرى والبلدات المجاوزة أيضا، وقبل النكبة بعام أفتتح فيها صفوفا لتعليم البنات.

وعرف عن أهالي القرية أنهم كانوا ميسوري الحال، حيث عمل معظم سكانها بالمحاجر التي كانت تشتهر بها القرية، وكانت نسائها يشتهرن بلبس الذهب، حتى كان يقال على سبيل المبالغة " أنهم يلبسنه في أرجلهن".

ورغم مرور 70 عاما على تركه القرية، لا يزال الحاج " يأمل" بأن يعود إلى قريته:" سنعود حتى لو عشنا على حصيرة".

الحاج فوزي معلا
 

كلمات دلالية