خبر كرامة العدو..يديعوت

الساعة 09:28 ص|01 يناير 2009

بقلم: زئيف تسحور

في 31 كانون الاول 1948، قبل ستين سنة ويوم بالضبط، قرر رئيس الوزراء دافيد بن غوريون انهاء حرب الاستقلال. وفي وقت لاحق روى بان هذا كان أحد القرارات الحاسمة الاشد التي اتخذها. في حينه ايضا كان في بؤرة القرار قطاع غزة. قبل بضعة ايام من ذلك خرج الجيش الاسرائيلي، بقيادة قائد الجبهة الجنوبية، يغئال الون في حملة لاحتلال القطاع.

 

 

الحملة، التي كانت ترمي الى انهيار القوة العربية التي احتشدت في القطاع استندت الى احاطتها من سيناء. الخطوة نجحت. غزة اغلقت من كل الاتجاهات وبقيت دون مؤن او وسائل قتالية. وضربت مدفعية الجيش الاسرائيلي الجيش المحتشد فيه بقوة شديدة. واستمر القتال على نحو شديد، ولكن كان واضحا بان استمرار الضغط العسكري الاسرائيلي سيؤدي في غضون وقت قصير الى انهيار العدو.

 

بن غوريون، الذي رغم انعدام المعرفة العسكرية لديه قرر بنفسه كل خطوات الحرب، قرر التخلي عن ثمرة النصر التي كانت تبدو قريبة جدا، وانهاء الحرب والتخلي عن احتلال القطاع. الاحداث الدراماتيكية لذاك اليوم العاصف أثارت في هيئة الاركان العامة جلبة كبرى. يغئال الون، قائد الحملة، غادر الجبهة على نحو سريع، طار الى بن غوريون وتوجه الى مكتبه في محاولة لاقناعه بمواصلة الحرب ولو حتى لعدة ايام اخرى. وكل جنرالات هيئة الاركان تقريبا انضموا الى الضغط الذي مارسه الون. عمليا، بن غوريون كان شبه وحيد في موقفه المصمم على انهاء الحرب في غضون يوم واحد.

 

في احداث ذاك اليوم شاركت مشاركة فاعلة الدول الغربية. في منتصف الليل، تماما في ساعة السلفستر (نهاية عام وبداية عام جديد)، طلب السفير الامريكي جيمس ماكدونالد لقاءا عاجلا مع بن غوريون. وللحديث الذي دار بينهما عدة روايات بما في ذلك القصة التي قالت ان الولايات المتحدة فرضت على اسرائيل انذارا باخلاء قوات الجيش الاسرائيلي من سيناء فورا.

 

الخلفية لهذه القصة ولقصص اخرى تتعلق بقرار بن غوريون انهاء الحرب قبل لحظة من النصر الكبير تنبع مما بدا في حينه في نظر جنرالات الجيش الاسرائيلي الشاب كخطوة غريبة وغير منطقية. كان هناك من سأل بن غوريون صراحة: كيف حصل أنك انتَ بالذات تنزع من يد الجيش الاسرائيلي نصرا عسكريا واضحا وتترك بيد الفلسطينيين رأس جسر في البطن الطرية لاسرائيل؟

 

الجواب المعمق لبن غوريون يكمن في امور كتبها هو نفسه في مذكراته قبل ذلك ببضعة ايام، تحت عنوان "افكار حانوكا". وهذه الاقوال تنطبق بذات القدر على اليوم ايضا. فمن يريد أن يفهم طرق تفكير زعيم عظيم مدعو لان يقرأ ذلك في كتابه "مذكرات الحرب"، القسم الثالث، صفحة 901 – 903: فحين اراد فحص كيفية انهاء حرب الاستقلال، خصص بن غوريون اهمية كبرى لتعظيم قوة ردع الجيش الاسرائيلي، ولكن بقدر لا يقل عن ذلك للوعي بحدود استخدام القوة. الامن، كما كان يذكر نفسه وقراءه، لا يتحقق فقط بواسطة البنادق والمدافع، بل هو ايضا معامل للمتانة المدنية، الاحساس بالتضامن داخل الشعب ومسؤولية القيادة الوطنية. في تلك الليلة الاحتفالية الدراماتيكية قال للسفير ماكدونالد، انه عند انهاء حرب قاسية جدير أيضا التفكير بكرامة العدو وقدرته على احتمال هزيمته.

 

في السنوات الاخيرة يولي البحث أهمية شديدة لفحص سبل تصميم دولة اسرائيل. وبطبيعة الحال، يعطي البحث دورا مركزيا لدافيد بن غوريون. معظم الباحثين يتناولون قراراته السياسية والعسكرية بتقدير شديد. وفي مسافة الزمن يظهر خطأ جوهري واحد: افترض أن الزعماء الذين سيأتون بعده سيكونون مسؤولين مثله وفي مواضيع القوة العسكرية واستخدامها سيتمكنون من السير في طريقه. هنا، لشدة الاسف، اخطأ.