اسرائيل وامريكا تنسقان جيدا.. هارتس

الساعة 02:00 م|09 مايو 2018

(المضمون: ترامب ونتنياهو موحدان حول الانسحاب من الاتفاق النووي وتشجيع تغيير نظام الحكم في ايران ووقف انتشارها في سوريا. الانسحاب من الاتفاق يبشر بتغيير استراتيجي جاء على خلفية التوتر المتزايد في الحدود الشمالية - المصدر).

بعد سنة ونصف بالضبط على فوز الرئيس الامريكي في الانتخابات فان العاصفة المسماة دونالد ترامب تضرب للمرة الاولى بكامل القوة في الشرق الاوسط. اعلان الرئيس عن انسحاب امريكا من الاتفاق النووي مع ايران يبشر بتغيير استراتيجي في المنطقة، هو يندمج بذلك مع التوتر الحالي والمباشر بين اسرائيل وايران في سوريا.

أمس في الساعة 22:30 جاءت من سوريا تقارير عن هجوم جوي اسرائيلي في الكسوة القريبة من دمشق. وظهر ذلك كضربة استباقية مانعة لسلاح الجو. قبل ساعات قليلة من ذلك عزز الجيش الاسرائيلي استعداده الدفاعي في هضبة الجولان وأرسل تهديدا واضحا لايران واستعد لما سيأتي. فتح الملاجيء المعلن في الجولان، الخطوة التي لم يتم اتخاذها خلال السنوات السبعة للحرب الاهلية، يشير الى خطورة الانذار: اسرائيل تصمم على منع رد عسكري ايراني على الحدود.

المؤتمر الصحفي الذي عقده ترامب ظهر وكأنه منسق تماما مع رسائل رئيس الحكومة نتنياهو. ترامب كرر كل العيوب التي وجدها نتنياهو في الاتفاق النووي خلال السنوات الاخيرة وأعلن أنه يعتبر كشف وثائق النووي الايراني عن طريق الموساد هو دليل قاطع على نوايا طهران للاستمرار في تضليل المجتمع الدولي.

ترامب ونتنياهو يتبعان خطا واحدا في القضايا الثلاثة المركزية: الانسحاب من الاتفاق النووي وتشجيع تغيير النظام في ايران ومنع التواجد العسكري الايراني في سوريا. ترامب من خلال تشجيعه الكبير لنتنياهو يقود الآن خطا هجوميا أكبر ضد المشروع النووي. وهو ايضا يدعو عمليا الشعب الايراني للانتفاض ضد حكامه على أمل أن يضع تدهور الوضع الاقتصادي مع العقوبات الجديدة النظام أمام تحد أكثر خطورة مما كان في السابق. الرئيس الامريكي يترك لاسرائيل محاربة ايران في سوريا، لكن تنديده بدعم ايران للارهاب يفسر على أنه دعم للعمليات الاسرائيلية في الشمال.

خلافا لعدد من التسريبات التي نشرت قبل نشر اعلان الرئيس أمس، تبين أنه سيقوم بتجديد العقوبات الواسعة ضد ايران بوتيرة سريعة نسبيا، على الاقل حسب صيغة الاعلان فان ترامب لا يترك مجال كبير لمفاوضات اخرى على الخطوات القادمة مع الدول الاوروبية الثلاثة الكبرى التي وقعت على الاتفاق. امريكا تعمل وتترك شركاءها يقررون بأنفسهم كيفية التصرف.

ترامب الذي انتقد حقا الاتفاق بشدة خلال حملته الانتخابية، يعمل حسب قاعدتين موجهتين: اثبات أنه يفي بوعوده الانتخابية (هكذا تصرف ايضا بخصوص نقل السفارة الامريكية الى القدس الذي سيجري في الاسبوع القادم)، وشطب كل ما يتماهى مع ارث سلفه براك اوباما. حسب وجهة نظر اسرائيل لا يوجد شك بأن مستوى التماهي والدعم من قبل ترامب ورجاله مرتفع جدا. ولكن الاختبار الاشد هو الحفاظ على خطوات مخططة ومنسقة لاحقا. وهنا لم تظهر حتى الآن الادارة الامريكية مقاربة محسوبة ومتواصلة، رغم التنسيق الوثيق بين المؤسستين الامنيتين والاستخباريتين في الدولتين.

قواعد اللعب تتغير

المشكلة الاكثر الحاحا بالنسبة لاسرائيل تتعلق بالتطورات في سوريا، ايران سبق لها وأعلنت عن نيتها الانتقام لسلسلة الهجمات المنسوبة لاسرائيل، وعلى رأسها قتل الاشخاص السبعة من حرس الثورة في قاعدة "تي 4" قرب حمص في 9 نيسان.

في بداية الاسبوع نشرت اسرائيل معلومات عن انتظام واضح لحرس الثورة الايراني وحزب الله والمليشيات الشيعية في سوريا من اجل اطلاق الصواريخ على قواعد الجيش الاسرائيلي في الشمال. من صيغة اعلان المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي أمس يبدو أن المعلومات الاستخبارية قد زادت حدتها، ووفقا لذلك تم اتخاذ خطوات اخرى.

تأخير تنفيذ الخطط الايرانية يمكن تفسيره بانتظار اعلان ترامب، وكذلك النشر الاسرائيلي الذي بالتأكيد احتاج اعادة النظر في قيادة قوة القدس لحرس الثورة. الآن ربما المصالح الايرانية تندمج معا: ترامب قام بخطوته والحساب مع اسرائيل ما زال مفتوحا – العملية في الوقت القريب يمكن أن تبدو ايضا تماهي مع النضال الفلسطيني قبيل الاسبوع الذي تصادف فيه ذكرى يوم النكبة ونقل السفارة الامريكية الى القدس.

عدد من الخطوات التي نشرت أمس تم اعدادها منذ فترة. منذ بضعة اسابيع والجيش يعمل على تعزيز دفاعه وزيادة استعدادات نظام اعتراض الصواريخ. إن فتح الملاجيء في المستوطنات لا يمكن اخفاءه، لذلك جاء الاعلان العلني عنه.

إن اطلاق الصواريخ الايرانية يمكن أن يتحول سريعا الى مناوشات متبادلة على طول الحدود. لذلك الامر يحتاج الى استعداد مسبق في الجبهة الداخلية وابلاغ السكان مسبقا. في المشاورات أمس تقرر عدم اتخاذ خطوات مشابهة على الحدود اللبنانية وفي الجليل وفي مركز البلاد. ولكن يجب الافتراض أن كل حادثة تتسبب بعدد كبير من المصابين من شأنها أن تؤدي الى خطوات كهذه فيما بعد.

كان للواقع الاستراتيجي الاقليمي في السنوات الاخيرة عاملين مشكلين اساسيين: الحرب الكثيفة التي أدارها المحور الشيعي والسني في سوريا والاتفاق النووي الذي قادته ادارة اوباما والذي في اعقابه امتنعت الولايات المتحدة عن أي مواجهة مباشرة مع ايران.

الحرب في سوريا تم حسمها فعليا قبل بضعة اشهر لصالح نظام الاسد وايران والشيعة. أمس بدأ ترامب في تفكيك العامل الثاني. قواعد اللعب تتغير من الآن – المكان الاول الذي سيتم الشعور فيه بذلك سيكون في المواجهة بين اسرائيل وايران في سوريا.