قائمة الموقع

هناك من يعتقد في الجيش مواصلة الهجوم على ايران دون حرب

2018-05-04T19:06:00+03:00
ايران

في الجيش الاسرائيلي يعتقدون أنه يمكن مواصلة

الخط الهجومي ضد إيران دون التسبب بحرب

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: اسرائيل زادت الرهان أمام ايران، وفي الاجهزة الامنية يخشون من تداعيات الانسحاب من المواجهة. وعلى خلفية مهاجمة قوافل السلاح فقد تقلصت ارساليات السلاح الى لبنان. والجنرال مردخاي ينهي وظيفته التي أثر خلالها بصورة استثنائية على سياسة الحكومة في المناطق).

نضال اسرائيل ضد ايران يجري منذ سنوات كثيرة في قناتين منفصلتين، حيث تجري بينهما علاقات متبادلة مركبة. اسرائيل عملت على وقف المشروع النووي الايراني، وفي نفس الوقت وقف تسلح المنظمات المؤيدة لايران، في قطاع غزة، ومؤخرا في سوريا ضد انظمة السلاح المرسلة اليها من ايران. المعركة ضد النووي قادها المستوى السياسي. رئيس الحكومة بلور السياسة وأذرع الامن نفذتها، رغم أن مفترق الطرق الرئيسي – الخلاف حول قصف المنشآت النووية في الاعوام 2009 – 2012 – داس عليه رؤساء جهاز الامن بأرجلهم، وعمليا اوقفوا التطلعات الهجومية لبنيامين لنتنياهو واهود باراك.

في المعركة القريبة قرب الحدود، فان المستوى العسكري هو الذي يقود خط هجومي، المتبنى تقريبا بدون تردد من قبل رئيس الحكومة والكابنت. في الاسابيع الاخيرة، ربما بصورة أشد في الاسابيع القادمة، فان المعركتين تتقاطعان بدرجة كبيرة: في عملية الموساد لسرقة الارشيف النووي الايراني وبضغط نتنياهو على الولايات المتحدة للانسحاب من الاتفاق النووي وبسلسلة الهجمات المنسوبة لاسرائيل على مواقع ايرانية في سوريا وخشية من أن تجر عملية انتقامية ايرانية الى جولة لكمات تؤدي بالطرفين الى شفا الحرب.

المؤتمر الصحفي المليء بالملفات الذي عقده نتنياهو هذا الاسبوع كان له كما يبدو بضعة اهداف متوازية. على المستوى الاستراتيجي، من الواضح أن رئيس الحكومة يريد أن يوفر للرئيس دونالد ترامب ذخيرة اضافية تمهيدا لاعلانه المتوقع بشأن الانسحاب من اتفاق فيينا في 12 أيار. لا توجد لنتنياهو اوهام كهذه فيما يتعلق بمواقف الدول الاعضاء الخمسة الكبرى التي وقعت على الاتفاق. ومع ذلك، فان عرض المعلومات الاستخبارية الموثقة التي تدل على نظام الخداع الذي استخدمته إيران لاخفاء مشروعها النووي العسكري من شأنه أن يساعد في ضعضعة ادعاءاتها في المستقبل ايضا.

لا يمكن تجاهل العامل السياسي في الاعتبارات. نتنياهو صادق هنا على عملية جريئة وخطيرة، انتهت بنجاح. فقط من المنطقي من ناحيته أن يأخذ الارباح المطلوبة، لكن الاعلان، مثلما هي الحال دائما لدى رئيس الحكومة حول المسألة الايرانية، وجه ايضا نحو التاريخ. نتنياهو منشغل بالتحذيرات من ايران ومن مشروعها النووي منذ اكثر من عقدين، ليس من الصعب أن نشخص أنه في نظره فان كشف الارشيف كان دليلا قاطعا على أنه كان على حق طوال الوقت، لا سيما أنه قام بالعمل الصحيح عندما قرر في 2015 القاء خطاب ضد التوقيع على الاتفاق في الكونغرس الامريكي، وهي خطوة تعرض بسببها الى وابل من الانتقادات في اسرائيل وفي المجتمع الدولي.

في المستوى السياسي في اسرائيل يعلقون الآمال على قدرة الانسحاب الامريكي على ضعضعة اقتصاد ايران الموجود في ازمة. انخفاض سعر الريال الايراني (الى درجة وقف الاتجار بالعملة الاجنبية لبضعة ايام) وعدد من مظاهرات الاحتجاج التي جرت في ارجاء ايران والخلاف العميق بين المعسكر المحافظ والمعسكر المعتدل نسبيا والفيلم القصير الرمزي حول مئات المؤيدين في لعبة كرة قدم الذين يصرخون باسم الشاه كتحد للنظام – كل هذه الامور تشجع من يعتقدون أن عقوبات جديدة ستؤدي الى موجة احتجاجات واسعة مثل التي نجحت السلطات في احباطها تماما في "الثورة الخضراء" في 2009.

في هذا السياق تجدر الاشارة الى ملاحظة قصيرة في مقال نشره رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال هرتسي هليفي، في العدد الجديد للمجلة العسكرية "انظمة". "في العصر الذي يحصل فيه معظم الناس على اخبارهم الجديدة من الانترنت فان بوسع عملية سايبر متعلقة بالوعي أن تسقط دول أو أن تمنع حروب. على الرغم من الرائحة المستقبلية المنبعثة من اسقاط النظام بواسطة الشبكة، إلا أن هذا هو الوضع الآن".

في انتظار ترامب

جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي نشر مواقف ايجابية جدا بشأن اتفاق فيينا، ورغم أن نتنياهو يؤيد الانسحاب منه تماما حتى الآن، إلا أنه منشغل بصورة اكبر بما يجري قرب الحدود. منذ العام 2009 عندما كان قائدا للمنطقة الشمالية، طلب رئيس الاركان غادي آيزنكوت في وثيقة كتبها، بأن يتم التركيز على الاعداد لمواجهات مع الاعداء في الدائرة الاولى القريبة من اسرائيل. في اساس الخطة متعددة السنوات "جدعون"، التي انطلقت الى حيز التنفيذ فورا بعد التوقيع على الاتفاق النووي، كانت تقف الفكرة التي تقول بأن توقيع الاتفاق يعطي الجيش الاسرائيلي نافذة فرص لاغلاق فجوات في المواجهات مع التهديدات القريبة من البيت. وفي نفس الوقت توسعت في هذه السنوات "المعركة بين الحروب"، التي اساسها منع تسلح منظمات مثل حزب الله بسلاح متطور ودقيق.

في الاشهر الاخيرة فان هذه المعركة غيرت وجهها. يبدو أن حزب الله وايران قاما بتقليص التهريبات من سوريا الى لبنان، ربما بتأثير الاضرار التي تسببت بها مهاجمة قوافل السلاح. ورغم ذلك فقد انتقلت جهود اسرائيل في الشمال، حسب تقارير وسائل الاعلام السورية، الى التمركز في قصف مواقع عسكرية ايرانية. اسرائيل تصرفت بلطف مكنها من البقاء تحت مستوى الحرب، رغم أنها عرفت أنه يمكن أن تتلقى في كل مرة عملية رد. الانجاز الكبير للجيش الاسرائيلي، قال قائد سلاح الجو السابق، الجنرال أمير ايشل، في مقابلة مع "هآرتس" عند تسرحه من الجيش في شهر آب الماضي، هو أن كل هذا النشاط يجري والجيش يعرف كيف "لا يوصل دولة اسرائيل الى الحرب".

حتى الآن نسبت لاسرائيل خمس هجمات ضد مواقع مرتبطة بايران في سوريا: منشأة كبيرة لانتاج السلاح تم قصفها في ايلول الماضي، قاعدة مليشيا شيعية قصفت في كانون الاول الماضي، هجومان ضد ايرانيين في قاعدة سلاح الجو السوري "تي 4" قرب حمص وفي هذا الاسبوع تم قصف ارسالية صواريخ كبيرة كانت في طريقها من الجنوب الى حلب. الهجوم في شباط كان رد اسرائيلي على اطلاق الطائرة الايرانية بدون طيار التي تم اعتراضها في سماء بيسان. ربما أنها تسببت باحراج معين في القيادة الايرانية، التي من المشكوك فيه اذا كان كل زعمائها تم ابلاغهم مسبقا باطلاق الطائرة المسيرة. في نيسان كان هناك هدف آخر للهجوم. حسب تقارير اعلامية فقد احبطت اسرائيل اقامة منشأة ايرانية، نوع من قاعدة جوية داخل القاعدة السورية، التي كان يجب أن تكون محمية من خلال انظمة مضادة للطائرات.

في حرب الادمغة التي تجري بين آيزنكوت وضباطه وبين الجنرال قاسم سليمان، قائد وحدة "القدس" في حرس الثورة الايراني والمسؤول عن النشاطات في الخارج، يبدو أن اسرائيل زادت بشكل كبير مبلغ الرهان. في الاجهزة الامنية يقولون إن الانسحاب الآن من المواجهة سيكون تكرار للاخطاء الاسرائيلية في العقود السابقة في لبنان. في 1996، بعد عملية "عناقيد الغضب" وضعت اسرائيل على نفسها قيود في عملها من اجل ضمان الهدوء في بلدات الشمال، ومكنت حزب الله من التطور ليصبح تهديدا عسكريا أكثر جدية، أزعج قوات الجيش الاسرائيلي حتى انسحابها من جنوب لبنان بعد اربع سنوات. في العام 2006، بعد حرب لبنان الثانية، قفزت المنظمة عدة درجات في قدراتها، ايضا بسبب أن اسرائيل لم تصمم على تطبيق ذاك البند في قرار مجلس الامن رقم 1701، الذي حظر تهريب السلاح لحزب الله. النتيجة هي أن ترسانة الصواريخ والقذائف لحزب الله زادت بعشرة اضعاف، ووصلت الى أكثر من 100 ألف صاروخ، وهو قادر الآن على ضرب أي هدف في اسرائيل.

"يحظر السماح لهذا المسخ بأن يكبر مرة اخرى، برعاية ايران في سوريا"، قال مصدر أمني. وزير الدفاع افيغدور ليبرمان أعلن أن اسرائيل ستعمل على احباط ذلك "مهما كان الثمن". هل هذا الثمن يشمل حرب مع ايران في سوريا؟ رغم الروح القتالية التي تبثها القدس، إلا أنهم في الجيش يعتقدون أنه ما زال هناك مجال مناورة واسع لمواصلة عمل مصمم دون التدهور والوصول الى حرب. التطورات متعلقة ايضا بالتذبذبات في القناة النووية، جزء من الخط الهجومي الحالي يتم تبريره بادعاء أن ايران تنتظر قرار ترامب في 12 أيار الحالي بشأن الاتفاق، لذلك ستفكر مرتين قبل أن ترد الآن على الهجمات في سوريا. اذا انسحبت الولايات المتحدة حقا فان الظروف ستتغير وستقتضي بالتأكيد ايضا اعادة دراسة جديدة في طهران بخصوص سياستها في سوريا.

  • مفاجئة، لا يجري في اسرائيل اليوم أي نقاش سياسي بشأن التداعيات المحتملة لعمليات في سوريا. المستوى الذي حددته اسرائيل هنا مرتفع جدا: احباط تام للتواجد العسكري الايراني في سوريا، ايضا بعد كبير جدا عن حدودها. التقدير هو أن ايران، وبالتحديد في اعقاب العمليات المنسوبة لاسرائيل، زادت جهودها وارسلت المزيد من الاشخاص وانظمة السلاح الى سوريا. اذا كان هناك الهدف هو دق اسفين بين المحافظين والمعتدلين في ايران على خلفية طموحات سليماني، والخلاف حول المبالغ الكبيرة التي ينفقها النظام لتشجيع فروعه في الخارج، فيبدو أن هذا الهدف لم يتحقق بعد. خلافا لجولات توتر سابقة فان اسرائيل تواجه الآن ايران بصورة مباشرة. صحيح أن ايران توجد مقابلنا في موقع متدني في سوريا، لكن في وقت لاحق وفي حالة التصعيد، تستطيع أن تدمج في هذه المواجهة حزب الله.

في السيرة الذاتية الجديدة والممتعة التي كتبها توم سيغف عن حياة دافيد بن غوريون "دولة بأي ثمن"، يورد حوار بين بن غوريون ورئيس الاركان موشيه ديان قبيل حرب سيناء في 1956. "سأل ديان ما هو مستوى الاستعداد لدى الجيش الذي يجب أن يكون. بن غوريون قال إن هذا سؤال صعب، لكنه اجاب: الخطط يجب أن تأخذ في الحسبان حرب فجائية وكذلك القدرة على تجنيد، بأسرع وقت، كل القوات المطلوبة. يجب أن يكون الجيش مدرب... ديان لم يقتنع، لكنه استنتج من محادثاته مع بن غوريون بأنه لا مانع من اتباع ما سماه "مقاربة التدحرج": ليس هناك ضرورة لاستفزازات اسرائيلية، شرح لرجاله. يكفي الرد بشدة على كل العمليات العدوانية لمصر. "نهاية سياسة كهذه هي أن توصل التوتر الى انفجار من تلقاء نفسه". ولكنه لم يتنازل عن خيار الحرب المبادر اليها".

مبادرة مردخاي

في يوم الثلاثاء الماضي أنهى الجنرال يوآف مردخاي فترة ولاية استمرت أكثر من اربع سنوات كمنسق للنشاطات في المناطق. لقد كان لمردخاي تأثير استثنائي على تشكيل السياسة الاسرائيلية في المناطق. الفترة التي تولت فيها حكومتين يمينيتين، الاخيرة كما يبدو هي الاكثر صقرية في تاريخ الدولة، فقد نجح اكثر من مرة في كبح مبادرات مجنونة من الجانب الاسرائيلي، والحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله وضمان استمرار التنسيق الامني بين الجانبين. الخطاب اللاسامي الذي ألقاه هذا الاسبوع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برهن الى أي درجة كانت هذه المهمة غير سهلة حتى في الجانب الآخر من المتراس.

في نفس الوقت طور مردخاي شبكة علاقات ناجعة مع شخصيات رفيعة المستوى في الدول العربية. يمكن الافتراض أن برنامج رحلاته الجوية في هذه السنوات سيبقى سريا لفترة طويلة. أبعد بكثير من حدود وظيفته، فان منسق الاعمال الذي ترك وظيفته عرف كيف يجعل حكومات غربية تعطي اهتمام معين لما يجري في الضفة والقطاع، حتى في الوقت الذي فيه تم دفع النزاع الاسرائيلي الفلسطيني الى أسفل سلم الأولويات. الوزير ليبرمان اشار في مراسيم تبديل الوظائف الى أن جهاز الامن سيظل بحاجة الى مردخاي. يبدو أنه سيواصل تقديم استشارته بصورة غير رسمية، في مجال الدعاية امام الفلسطينيين، لكن ربما سيطلبون تجنيده في المستقبل لمهمات اخرى.

في ربيع 2014 كمنسق جديد، وجد مردخاي صعوبة في اقناع المسؤولين عنه الى الحاجة الى تخفيف الحصار على قطاع غزة، والسماح بنقل المزيد من البضائع وتقليص تأثير العقوبات التي فرضها عباس على خلفية المواجهة الداخلية مع حماس. بعد فترة قصيرة من ذلك تدهور التوتر حول القطاع ووصل الى عملية "الجرف الصامد"، وبعد ذلك ندم مردخاي لأنه لم يكن اكثر تصميما. في السنة الاخيرة يبدو أن هذا الشرك كرر نفسه. جهود المصالحة بين السلطة وحماس فشلت، عباس قلص تحويل الاموال والقطاع تدهور الى ازمة اقتصادية وازمة بنى تحتية خطيرة اكثر مما شهده القطاع قبل اربع سنوات.

في الاشهر الاخيرة طرح مردخاي برنامج طموح كان يمكنه أن يوفر تخفيف جزئي على القطاع. الفكرة حسب مصادر سياسية في القدس كانت تقول إن مساعدة قطاع غزة تأتي من سيناء، بواسطة مشاريع اقتصادية وصناعية كبيرة سيتم افتتاحها في الفضاء الواقع بين رفح المصرية والعريش. من بين هذه المشاريع انشاء منطقة صناعية، منشآت لتحلية المياه، محطة لتوليد الكهرباء ومصانع لصناعة البناء، التي ستوفر مصدر رزق للغزيين وسكان سيناء وستساعد على الاقل في البدء في اغلاق جزء من الفجوة الكبيرة في البنى التحتية في المنطقتين. لقد كان هناك اهتمام مبدئي بالمشروع من قبل الدول التي كان من شأنها أن تموله. ولكن في الاسابيع الاخيرة يبدو أن هذه العملية متوقفة – إما بسبب أن مصر غير متحمسة أو بسبب شكوك في الجانب الاسرائيلي.

قطاع غزة، حتى قبل الضجة الكبيرة والعنيفة التي تقوم حماس بالتخطيط لها على طول الجدار في 15 أيار، في الطريق الى صيف آخر مروع. رغم حضور وزير الدفاع لمراسيم تبادل الوظائف، فان الرسالة بين السطور في خطابات مردخاي ومنسق الاعمال الجديد الجنرال كميل أبو ركن، كانت واضحة جدا: اسرائيل ستضطر في نهاية المطاف الى المساعدة في معالجة الازمة في القطاع. السؤال الوحيد هو هل سيحدث هذا قبل حرب مع حماس أو فقط بعدها.

اخبار ذات صلة