للمرة الاولى منذ 2009 يوجد لحزب الله انتخابات على الرئاسة .. هآرتس

الساعة 07:05 م|04 مايو 2018

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: في ظل قانون انتخابات جديد ومعقد في لبنان فان المواطنين هناك سينتخبون في يوم الاحد القادم حكومة جديدة، وحتى اذا كانت تشكيلة القوى السياسية في لبنان ستتغير إلا أن ميزان الردع بين اسرائيل وحزب الله لا يتوقع أن يتأثر من ذلك - المصدر).

رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، وضع على نفسه العباءة البنية المذهبة لوالده رفيق، الذي قتل في انفجار سيارته في 2005 على أيدي عملاء سوريين، ويبدو ايضا على أيدي نشطاء في حزب الله، وبدأ يتجول بها في المناطق الريفية اللبنانية. سعد، مثل جميع المرشحين للانتخابات التي ستجري في يوم الاحد القادم، منشغل في هذه الايام بعناقات ومصافحات محمية مع المواطنين. كما أنه لم يجد صعوبة في دفع 5300 دولار من اجل تسجيل ترشحه. على الرغم من أن وضعه الاقتصادي ليس جيدا مثلما كان قبل افلاس شركته الكبيرة في الصيف الماضي، إلا أنه ما زال لديه ما يكفي من الاموال في صندوقه الشخصي من اجل تمويل حملته الانتخابية، التي تشمل مقابلات مع وسائل الاعلام التي يملكها وآلاف اللافتات الكبيرة والدفع لمستشاريه الكثيرين.

فقط قبل حوالي نصف سنة تم اعتقال الحريري في السعودية وأجبر على الاعلان عن استقالته من رئاسة الحكومة كجزء من مناورة سيطرة فاشلة حاول القيام بها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. الاحتجاجات الكبيرة في لبنان على الاعتقال (الذي تم نفيه) وبالاساس تدخل الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون، أدت الى اطلاق سراح الحريري الذي استقبل بالهتافات الكبيرة في بيروت. الى جانب الحريري سيتنافس رؤساء حركات وعائلات كبيرة معروفة اخرى، الذين يمثلون النخبة التقليدية التي تدير السياسة اللبنانية منذ نهاية الحرب الاهلية في 1990. إن استخدام عباءة والده المتوفى تثير ذكريات قاسية من ايام القتل السياسي، التي ميزت العقد السابق في لبنان، ويزيد حدة الخلافات السياسية العميقة بين مؤيديه ومؤيدي حزب الله.

الانتخابات في الاسبوع القادم ستكون الاولى منذ سنة 2009، بعد عدم نجاح الحركات السياسية الرئيسة خلال سنوات في التوصل الى اتفاق حول طريقة الانتخابات وحول قانون جديد للانتخابات. ميزانية الدولة صودق عليها من سنة الى اخرى على اساس ميزانية السنة السابقة. وفقط في هذه السنة طرحت ميزانية جديدة وحديثة وتمت المصادقة عليها. لم يتم اتخاذ قرارات اساسية ولم تتم المصادقة على مشاريع تطويرية تقريبا. أداء الحكومة استند في الاساس على توافقات محددة حول مواضيع الساعة وعلى تحالفات سياسية لم تتطلب مصادقة البرلمان. اجراء الانتخابات لا يضمن سلامة الادارة العامة، رغم أن قانون الانتخابات الجديد (المعقد) يفتح نافذة الفرص لمرشحين جدد غير محسوبين على النخبة القديمة.

القانون يحاول أن يحل الانتخابات القائمة على اساس الطوائف الدينة. هو يقوم على طريقة مدمجة مكونة من انتخابات نسبية وشخصية فيها الدولة مقسمة الى 15 منطقة انتخابية، في كل منطقة تترشح قوائم فقط وليس مرشحين مستقلين. الناخب مطلوب منه اختيار قائمة، وفي كل قائمة عليه تحديد مرشحه المفضل. كل منطقة حصلت على حصة من المقاعد من بين الـ 128 مقعد في البرلمان، والحصص مقسمة حسب الانتماء الديني. المصفوفة التي ستنبثق عنها قائمة المنتخبين هي المصفوفة الاكثر تعقيدا في تاريخ لبنان. وهي تأخذ في الحسبان ثلاث قواعد اساسية: حصص المقاعد، نسبة نجاح كل قائمة والمرشحين داخل القوائم الذين حصلوا على العدد الاكبر من الاصوات.

فوائض الاصوات ستوزع بين القوائم الفائزة بطريقة معقدة اكثر، التي تناسب دولة توجد فيها 18 طائفة دينية ذات مكانة رسمية معترف بها. يجب علينا فقط الأمل بأن فرز الاصوات وتوزيعها لا يفجر حواسيب لجنة الانتخابات اللبنانية أو يؤدي الى مواجهة على خلفية التزوير وتشويهات حسابية.

الجديد في هذه الانتخابات هي أنها تصعب تقدير من سيكونون المرشحين الفائزين، وليس اقل من ذلك من ستكون القوائم التي ستفوز بمقاعد في البرلمان. في جزء من المناطق اضطرت قوائم الى وضع مرشحين لا يؤيدون برنامجهم الانتخابي، من اجل زيادة احتمالات نجاحها في الانتخابات. اللامعقول يصل احيانا الى أنه يحدث في احدى المناطق تستطيع قوائم أن تتقدم للانتخابات معا، في حين في مناطق اخرى ستواجه الواحدة الاخرى.

حب استطلاع خاص تثيره القوائم الجديدة التي يتنافس فيها مرشحون شباب سيحاولون ازاحة ارجل النخب القديمة بفضل برامج انتخابية جديدة. هم يتحدثون عن مطالبات بتحسين حقوق الانسان وتطهير الفساد المستشري في الجهاز البيروقراطي وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. هذه الحركات تعاني من نقص الاموال، لذلك لا يمكنها أن تسمح لنفسها بوقت بث اذاعي لاغراض الدعاية أو تبذير اموال على اللافتات في الشوارع، التي قبيل الانتخابات ارتفعت اسعارها الى ارقام خيالية.

الخلاف الاساسي بين المحللين اللبنانيين هو هل القانون الجديد سيفيد أو يضر حزب الله. عدد منهم يعتقد أن الكتلة التي يرأسها سعد الحريري من شأنها أن تخسر الاصوات، لكن رغم ذلك سيكلفه الرئيس بتشكيل الحكومة على خلفية التوافقات التي تم التوصل اليها في الحكومة السابقة بين حزب الله والحريري، ومكنت من تشكيلها.

ولكن عشية الانتخابات يبدو الحريري وكأنه تبنى موقف متشدد ضد حزب الله. هذا الاسبوع غرد في تويتر: "كل من لا يشارك في الانتخابات يعطي صوت آخر لحزب الله". ايضا هنا استعان الحريري بشخصية والده عندما كتب "القائمة الزرقاء (قائمته) هي التي تقف بالمرصاد امام كل من يريد نسيان ذكرى بيروت وشطب رفيق الحريري وانجازاته وتضحياته. اذا اردتم أن يواصل مشروع الحريري من اجل لبنان ومن اجل بيروت فصوتوا له في الانتخابات".

التصويت لتراث والده؟ مقولة كهذه لا يجب اثارة الاستغراب، بالتأكيد ليس في اسرائيل التي فيها يطرح المرشحون للانتخابات من جديد تراث رابين وجابوتنسكي ويهودا مكابي. في لبنان بالاحرى هناك اهمية عملية لهذا التراث، لأن تفسيرها يخلق هوية وتماهي وطني مع مستقبل لبنان، أو كما شرح المحللون، هل سيصبح لبنان ايراني أم عربي.

هذا السؤال يقلق ليس فقط لبنان مع مواطنيه الستة ملايين والمليون لاجيء سوري الموجودين على اراضيه، بل السعودية وايران تعتبران لبنان ساحة نضال حيوية، لذلك هناك ايضا تداعيات لمكانة لبنان في الساحة الدولية، السعودية اظهرت عضلاتها قبل نحو سنتين عندما جمدت، كعقاب على تدخل حزب الله في الحرب السورية، المساعدات الاقتصادية للبنان التي تقدر بمليار دولار، والقرض الذي يبلغ 3 مليارات دولار للمشتريات العسكرية. العقوبات لم تحقق اهدافها وحزب الله لم يسحب قواته من سوريا، كما أن عملية استقالة الحريري بضغط السعودية لم تحدث تحول في موقف حزب الله.

الآن تقترح السعودية تحرير خط الاعتماد الذي يبلغ مليار دولار كاشارة الى "الرخاء" المتوقع للبنان اذا صوت مواطنوه للحريري والقوائم المؤيدة له. ولكن بالنسبة لايران التي تساعد بشكل كبير حزب الله ومؤيديه، فان ولي العهد السعودي اثبت أنه عندما لا يكون قادرا على القيام بعمليات سياسية أو سياسياتية فانه ينطوي على نفسه. هكذا يفعل الان بالنسبة للقضية الفلسطينية التي كفت عن أن تكون مهمة له، وهكذا في الازمة السورية التي انسحب منها، والأدق التي ازيح عنها، وهكذا سيكون الامر كما يبدو في لبنان ايضا.

ايران في المقابل لا تستطيع السماح لنفسها بأن ترفع يدها عن لبنان، ولو بسبب انها نجحت فيها في بناء ميزان ردع امام اسرائيل، بواسطة حزب الله. البنية السياسية في لبنان وقوة الشيعة الى جانب النسيج الهش في العلاقة بين الطوائف، تمنح ايران رافعة تأثير فريدة من نوعها في دولة عربية. تأثير مشابه نجحت ايران في تحقيقه في العراق، خلافا للبنان، في العراق كان عليها أن تواجه قوى سياسية، منها ايضا حركات شيعية ورجال دين اقوياء مثل آية الله علي السيستاني، الذين لا يرون بنفس المنظار الذي ترى به ايران وسائل ادارة الدولة ونظامها. في لبنان لم تتبلور قوة سياسية داخلية يمكنها التنافس امام قوة حزب الله.

في المقابل، في العراق سجلت ايران نجاح كبير في المجال السياسي والاقتصادي بسبب سياسة السعودية التي قررت مع مرور السنين أن تبعد نفسها عن العراق وحتى أن لا تفتح سفارة لها فيه حتى العام 2016. السؤال الرئيسي من ناحية ايران والسعودية، لن يكون فقط نتائج الانتخابات، بل تشكيل الحكومة التي سيتم تشكيلها. التقدير هو أن سعد الحريري حتى لو خسر اصوات فسيواصل دوره كرئيس للحكومة – سواء بسبب أنه حاليا هو الوحيد الذي يستطيع أن يحصل على دعم من معظم الاحزاب أو بسبب مكانته الدولية. هذا موقف هو بصورة متناقضة يمنح شرعية ايضا لحزب الله، الذي سيكون مندوبوه اعضاء في الحكومة. اذا حظي الحريري بفترة ولاية جديدة، فسيكون السؤال التالي من الذين سيكونون اعضاء في الحكومة وبأي درجة يستطيع أن يقود سياسة اقتصادية وعسكرية وماذا ستكون القيود سيضعها حزب الله على نفسه.

من ناحية اسرائيل لا يتوقع حدوث تغييرات دراماتيكية طالما أن توقعات تشكيل القوى السياسية التي ستدير الدولة تشير الى استمرار الوضع الراهن. حكومة جديدة لن تزيل تهديد حزب الله ولن تعمل على نزع سلاحه. مستقبل ميزان القوى بين اسرائيل ولبنان متعلق بنتائج الحرب السورية وليس بنتائج الانتخابات في لبنان.

كلمات دلالية