ما بين مسيرات العودة والمجلس الوطني

الساعة 12:36 م|29 ابريل 2018

فلسطين اليوم

ما بين مسيرات العودة والمجلس الوطني

بقلم: حمدي فراج

منذ شهر تقريبا، تنشدّ افئدة الناس نحو مسيرات العودة في غزة، في كل يوم جمعة يخرج الناس بالآلاف من جميع الأطياف السياسية والاجتماعية والعمرية، يقضون صباحات ربيعية في خيام رمزية اقيمت خصيصا بمناسبة مرور سبعين عاما على نكبتهم، اقلية قليلة بقيت على قيد الحياة ممن عايشت الخيمة، عايشتها بمعنى انها عاشت فيها، صيفا وشتاء، لعدة سنوات وصلت الى حوالي عشر سنوات كما حصل مع اسرتي التي انحدرت منها، وكثيرون ماتوا تحت وطأة زمهرير الخيمة، وخاصة الاطفال، دراسات قليلة عرضت لشيء من هذا القبيل ، لكن هناك من سجل ان طفلا واحدا على الأقل قد قضى تحت كل خيمة، ومن بينهم أجي "عرفات" التي قالت امي انه قد بدأ يحبو.

شكلت المسيرة حالة من الصدمة للعدو، أدخلته في دائرة جديدة من "إعادة الحساب" حول قضايا استراتيجية، كاد ان يطويها ويضعها في درج النسيان، مستندا في ذلك على مقولات خاطئة، من على شاكلة الكبار يموتون والصغار ينسون، وانهم خلال السبعين سنة الماضية اعتمدوا على قوة عسكرية مهولة وعلى اسطورة جيشهم الذي لا يقهر، وكأنه جيش الهي قادم الينا من السماء، لكن الذي "طبش الميزان" كما يقال هو ما اطلق عليه صفقة القرن ، حيث قرر الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب ان يمنح القدس كلها عاصمة موحدة ابدية للدولة اليهودية، صفقة القرن هذه ما كانت لتكون "طبش الميزان" لو لم تلق قبولا عربيا وازنا ، ليتقرر على هديها اعلان برنامج التنفيذ، تفاصيل الصفقة يعلن عنها في آذار، لكنهم على ما يبدو ارجأوا الاعلان، نقل السفارة الى القدس في ذكرى اعلان "الاستقلال" بحضور ترامب نفسه، ثم الاستغناء عنه بحضور وزير خارجيته الجديد.

الصدمة التي اصابت العدو، ضربت في اعماق مكوناته الروحية والوجدانية، من انه بعد سبعين سنة، يخرج علينا هؤلاء باجسادهم العارية واصوات حناجرهم وكاوتشوك عجلاتهم وورق طائراتهم ليقولوا لنا "نحن هنا وانتم هناك"، يهتدي هؤلاء بمن فيهم حركات دينية استظلت برموز عالمية غير مسلمة: نيلسون مانديلا من اقاصي افريقيا والمهاتما غاندي من عمق آسيا ومارتن لوثر كينغ من قلب امريكا، توجوا نضالاتهم التي استمرت مئات السنين بالنصر المبين، يبدد هؤلاء فرحة الاندماج بمحيطات عربية جديدة مزعومة وعدهم بها زعيم تلاحقه تهم الفساد وخيانة الأمانة حتى من أهل بيته، فهي الصدمة، التي شكلت في الوقت نفسه، حالة انبهار وإعجاب لدى جماهير الأمة بل لدى أحرار العالم في كل مكان.

عقد المجلس الوطني في رام الله أو غزة أو بيروت، توحيديا كان أو تفسيخيا او توفيقيا، لن يحرف افئدة الجماهير ولا انظارها عن مسيرات العودة في جمعتها الخامسة و السادسة والعاشرة . فهذا نضال طويل يمتد الى الخيمة قبل سبعين سنة.

كلمات دلالية