شركاء"مجلس المقاطعة".. شركاء "حصار غزة"!.. حسن عصفور

الساعة 09:30 ص|26 ابريل 2018

بقلم

بعض القوى التي أعلنت حضورها مجلس مقاطعة رام الله، شاركت في أعمال اللجنة التحضيرية لعقد مجلس وطني توحيدي في بيروت عام 2017، والتوافق العام على مخرجات تلك اللجنة، استعدادا لبدء مرحلة جديدة لبناء منظمة التحرير لتصبح بيتا للكل الفلسطيني، في ضوء التطورات السياسية، مع استعداد حركتي حماس والجهاد الانخراط في المنظمة، لتعزز دورها التمثيلي العام للشعب الفلسطيني.

وبدلا من أن تدافع تلك القوى، عن نتائج أعمال اللجنة التحضيرية، باعتبارها "حدثا مفصليا" لوحدة البيت الفلسطيني، أصابها "خرس سياسي" عام، ورضخت لرغبة محمود عباس بشطب أعمالها في اليوم التالي لانتهاء اللقاءات، وقبل ذهاب وفود فلسطينية إلى موسكو، نتيجة مكالمة هاتفية بين عباس ومندوبه في اللقاء.

بعض الفصائل، اختارت الانحياز لـ "القسمة العباسية" في المسار الوطني، بديلا عن الاستمرار في المسار التوحيدي، الذي فتح لقاء بيروت بوابة كبرى لعهد وطني جديد.. الصمت ثم الموافقة على رغبة عباس ستمثل موضوعيا نهاية حقبة وبداية حقبة، رغم كل "الكلام الوطني المعسول" بحثا عن "وحدة وتوحد ومصالحة".. فمن فشل في الدفاع عن نتائج لقاء توحيدي توافقت على نتائجه كل فصائل العمل الوطني، ورسم "خريطة طريق" لمرحلة سياسية تعيد مكانة منظمة التحرير لقوتها الكفاحية، بل وزيادة قدرتها بعد دخول كل القوى المؤثرة بها.. لن يتمكن من فعل عكسه لاحقا..!

ولأن "الضلال السياسي" بات طريقا لتبرير مشاركة البعض في مجلس المقاطعة، الذي تم بالتوافق الكامل مع الجانب الإسرائيلي، سيكون لقاء رام الله جزءا من معادلة سياسية ترسم مسارا لتكريس القسمة الوطنية، ولمواصلة الحصار العباسي لقطاع غزة، مكانة وأهلا، دون اي تمييز بين مكوناته.

أن توافق قوى بالانضمام إلى مجلس مقاطعة رام الله، في ظل إجراءات العقاب الجماعية ضد قطاع غزة، ودون أي خطوة تراجعية، رغم محاولة بعضا من "طبالي الزفة" نثر "خدعة إعلامية، أن الرئيس عباس قرر التراجع عن خطواته وصرف رواتب "71 ألف موظفي غزة" إلى جانب أسر الشهداء والأسرى، فما كان من عباس سوى تعميم القطع ليصل لشهداء فتح، وآخرهم الشهيد أسعد الصفطاوي.

خدعة لم يلتفت لها عباس، لأنه يعلم أن تلك "الأبواق" تحاول تجميل مشاركتها، والتي لا تملك خيارا غيره بعد أن قبضت الثمن المالي مسبقا، حتى أن بعض تلك الفصائل لم تستند إلى قرارات هيئاتها المركزية.

في اليوم التالي لانتهاء "مجلس المقاطعة" مجلس "الخيبة الكبرى"، وانتخاب "تنفيذية عباس"، ستصبح هي أداة الحصار العملي للقطاع، وعليه تكون هي الجهة المطلوبة وطنيا وشعبيا عن جريمة حرب قطع الرواتب وحصار قطاع غزة، وعمليا يمكن وضع كل من شارك في مجلس المقاطعة ضمن "قائمة سوداء"، لفضح دورهم في جرائم تجويع القطاع، وتنسيقهم مع العدو القومي، سلطات الاحتلال لفرض حصار مركب، تزيد عليه سلطة رام لله، بكل أدواتها القديمة والجديدة، وقف الراتب بعد أن أحاله عباس و"تحالفه الجديد" من حق الى منحة.. وأحال الإنسان من موظف إلى مستقبل خدمة إنسانية تقدم له وفقا للرغبة.

من يعتقد أنه قادر على وضع خيط فاصل بين الاستمتاع بمميزات المشاركة في مجلس "الخيبة الكبرى"، ثم العودة للحديث بلغة تمييزية، لن يكتب له النجاح أبدا، خاصة وأن أهل القطاع باتوا يدركون جيدا حقيقة المشهد ومكوناته، ولذا فكل مشاركي "مجلس المقاطعة" هم مشاركين عمليين في الجريمة الكبرى لحصار قطاع غزة.

تغافلت بعض القوى عن أن "الهدايا المالية" التي قدمت لها للمشاركة، ليست سوى جزء بسيط جدا من المال الحرام- المسروق من لقمة موظفي القطاع، أن يستقطع عباس ما يقارب النصف مليار دولار دون أن يعرف أي كان مصيرها، سوى توزيع بعض فتاتها كـ"رشوة" حضور المجلس، باتت "هدايا مسمومة"..

أن يمارس البعض لعبة عدم المعرفة أو التجاهل لتلك الجريمة، وكأنه "خبر إعلامي" يمكن التعايش معه، يكشف أن المرحلة القادمة حددت ملامح "اولويات "تحالف مجلس الخيبة الكبرى"، وأن الرؤية الوطنية الشاملة لم تعد هي قاعدة العمل لمشترك.

المشاركة في "تحالف مجلس المقاطعة" ليس سوى "جرم مركب الأبعاد"، يبدا بتكريس الأخطر سياسيا في الانقسام ونقله إلى مرحلة جديدة تمس بشكل كبير بمنظمة التحرير الدور والتمثيل، كما أنه "شرعن جريمة الحصار" تحت باب "الشرعية وتجديدها"، والحكم على 2 مليون فلسطيني موتا علانية وبقرار غير مجهول المصدر.

شراكة مجلس المقاطعة هي شراكة في الجريمة الكبرى.. والشعب الفلسطيني قادر على حساب من يحاول تركيعه قهرا وحصارا وجوعا.

كان أكثر حكمة سياسية ووطنية لو تمسكت تلك القوى بالعمل على فرض مخرجات لقاء بيروت، وعندها لن يجرؤ عباس أن يذهب وحيدا مع بعض منتجاته الفصائلية، لكن الذهاب إلى تنفيذ أمره مقابل "رشوة خاصة" لن تكون حامياً لا للشرعية ولا للقضية الوطنية، بل هي فتحت الباب واسعا لخلاف ذلك.

لا زال في الوقت بقية لمن لا يريد "التلوث" بحسرة أهل القطاع وحصرتهم.. ومن يرتضي بغير ذلك سبيلا فمصيره "سواد سياسي" غير مسبوق.. ومعه لا ينفع الندم!

ملاحظة: فتح بعض أهل القطاع الباب للتساؤل كيف فتحت سلطة الاحتلال معبر بيت حانون فوراً لمرور أعضاء مجلس المقاطعة، في حينه تغلقه أمام المرضى ورجال الأعمال ومن يبحث السفر عبر الأردن.. المسألة مش سر أنه "التنسيق الأمني المقدس"!

تنويه خاص: ودعت غزة ابنها أحمد أبو حسين كما ودعت ياسر مرتجى شهداء القلم والصورة، كما عشرات غيرهم.. ضريبة المسيرة الوطنية الكبرى مقابل مسيرة مجلس "الخيبة الكبرى"!

كلمات دلالية