خبر وماذا بعد ذلك؟.. هآرتس

الساعة 11:02 ص|31 ديسمبر 2008

بقلم: ألوف بن

وماذا سيحدث بعد ان تنتهي عملية "الرصاص المصهور" ما الذي تريد اسرائيل احرازه في قطاع غزة، فوق عقاب حماس وتعزيز صورة قادة اليسار السياسي القوية وهم ايهود اولمرت وايهود باراك وتسيبي لفني؟

كانت مشكلة غزة حتى التصعيد الاخير في هامش الخطاب العام والسياسي. فقد فضلت قيادة اسرائيل الحديث عن التهديد الايراني وشغل نفسها بمحادثات فارغة مع محمود عباس وبشار الاسد، والا تواجه دولة حماس الصغيرة التي نشأت في النقب الغربي. تناولوا غزة كأنها مرض مؤذ، اذا تجاهلوه فسيمضي من تلقاء نفسه. لكن نشوب الحرب ذكر بانه لا يمكن التجاهل وبأن اسرائيل ستضطر الى ان تصوغ لنفسها استراتيجية جديدة في الجنوب. يخطر على البال ثلاثة سيناريوهات هي:

•نظام جديد. تحتل اسرائيل غزة، وتسقط حماس وتسلم القطاع من جديد الى سلطة ابي مازن الفلسطينية- مباشرة او بوساطة قوة دولية او عربية عامة. لا توجد شخصية اسرائيلية تناصر هذا التوجه، لكن بنيامين نتنياهو يلمح اليه بحديثه عن "اسقاط نظام حماس في الامد البعيد".

•يمكن قرار المجلس الوزاري الامني قبل اسبوع الجيش الاسرائيلي من احتلال القطاع من جديد، وتسليم غزة مرة اخرى الى فتح يساوق مسيرة انابولس بل اتفاق اوسلو الذي رأى الضفة والقطاع وحدة جغرافية واحدة. المشكلة هي انه يصعب التخطيط مقدما لاجراءات معقدة كهذه، التي قد تواجهها تشويشات في واقع عنيف مضطرب. حاولت اسرائيل مرة هذا التوجه في لبنان في 1982 وفشلت ولست إخالها تنجح في غزة بعد. سيتردد ابو مازن في العودة الى هناك "على حراب الجيش الاسرائيلي"، وان وافق فسيصعب عليه ان يحكم. سيصعب على اسرائيل ان ترد على اطلاق صواريخ من القطاع عندما تكون فتح الصديق في الحكم.

•ميزان رعب. بعد اظهار القوة ستراجع اسرائيل هدنة متوترة ومسلحة ازاء حماس التي اذلت وهي تحتفظ بالسيطرة على الغذاء والوقود في غزة كأداة ضغط اقتصادي. هذا هو توجه وزير الدفاع الذي يؤيد القوة والردع. يمكن ان نراه صيغة محسنة من الهدنة مع حزب الله في الشمال.

بحسب هذا التوجه لا يجب على اسرائيل ان تملي هوية حكام غزة، كما لا تحاول منع سيطرة نصرالله على لبنان. يجب على اسرائيل ان تهتم بان يتمتع مواطنيها بالهدوء ولهذا عليها الحفاظ على غزة هادئة قدر المستطاع، مع وسائل عسكرية واقتصادية بتنسيق وثيق مصر. سيظل القطاع دولة لحماس غير معترف بها الى ان تنضج فيها مسارات تغيير واعتدال.

حاول باراك في السنة الاخيرة اقرار ميزان رعب في الجنوب باتفاق التهدئة واللعب بفتح المعابر واغلاقها. يمكن ان نرى المواجهة الحالية محاولة من الطرفين اسرائيل وحماس، لتحسين مواقفهما بـ "سفك دم العدو" – وهي محاولة احتمالات نجاحها مشكوك فيها.

ضعف هذه السياسة في انها تعطي حماس شرعية تأخذ في الازدياد، وتثقل على جهود احياء المسيرة السلمية. سيكون من الصعب جعل ادارة براك اوباما النشيطة تقبلها حلا مرادا لوقت طويل.

•اتمام الانفصال. تتوصل اسرائيل مرة اخرى الى هدنة مع حماس وتعلن ازالة مسؤوليتها عن غزة واغلاق المعابر في نهاية فترة انتقال واعادة تنظيم، يعد القطاع فيها لاستقبال مدد وموارد ضرورية من طريق مصر والبحر بمساعدة دولية. وهكذا يستكمل اخر الامر انفصال اريئيل شارون.

تميل تسيبي لفني التي تقدر التأييد الدولي لاسرائيل جدا، الى تأييد هذا التوجه. لقد اعتقدت لحينه انه كان يجب على شارون "التبرؤ من غزة" بتصديق مجلس الامن ولم يجهد نفسه بقدر كاف.

ان من يؤيد اتمام الانفصال يرى معابر البضائع الى غزة عبئا على اسرائيل لا ذخرا. ان المسؤولية عن رفاهة غزة تجعل اسرائيل متهمة دائما في نظر الجماعة الدولية، ولا تحدث في الحقيقة ضغطا على حماس التي سيطرت على القطاع وتسلحت بالاف الصواريخ برغم الحصار الاسرائيلي. لكن لا يوجد ها هنا حل سحري. يوجد شك قانوني كبير هل تستطيع اسرائيل ببساطة ان تتخلى عن غزة بلا  اتفاق. القاء التبعة على مصر سيعقد العلاقات بالقاهرة، وخاصة في الفترة الحساسة لاواخر حكم حسني مبارك. سيحتاج الى مناورة دبلوماسية معقدة للتخلص من عبء القطاع.

في الوضع السياسي الحالي، مع قيادة في اختلاف وعشية انتخابات وتبدل الادارة في امريكا، لا يوجد اي احتمال، وكذلك لا يرغب فيه، لان تبحث الحكومة التاركة عملها مستقبل غزة. ستضطر الحكومة الاتية الى صوغ استراتيجية اسرائيلية جديدة في شأن القطاع، وان تعرضها على الجماعة الدولية. يحسن فقط ان تفعل ذلك في اقرب وقت.