خبر المنجرة: إسرائيل تخوض آخر معاركها في غزة وتؤسس لنظام سياسي عربي جديد

الساعة 12:08 م|30 ديسمبر 2008

فلسطين اليوم - وكالات

أكد عالم مغربي في علم المستقبليات أن الحرب الإسرائيلية التي يتم تنفيذها في قطاع غزة، هي جزء من ممانعة الغرب للخيار الديمقراطي في العالم العربي، لكنه قلل من أهميتها في إيقاف ما أسماه بحتمية التحول السياسي باتجاه القيم الإنسانية التي قال بأنها أصيلة في الإسلام، وعلى رأسها قيمتي الشورى والديمقراطية.

 

ووصف عالم المستقبليات المغربي الدكتور المهدي المنجرة في تصريحات خاصة لـ"قدس برس" ما يجري في قطاع غزة بأنه جزء من الحرب "الظلاموقراطية"، وتعبيرا ملموسا على أن الغرب الديمقراطي يرفض ذات النظم الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، وقال: "أنا واحد من المقتنعين بأنه لا يوجد أي نظام غربي ديمقراطي مستعد ليقبل الديمقراطية في العالم الثالث ومنه العالم العربي والإسلامي، فهم يريدون التعامل مع أنظمة متواطئة ولا تعكس خيار الغالبية العظمى من شعوبها. ويمكن النظر إلى الموقف الغربي من الانتخابات التي جرت في تسعينات القرن الماضي في الجزائر، ثم الانتخابات في إيران وأخيرا الانتخابات في الأراضي الفلسطينية التي أفرزت الحركة الإسلامية كنموذج لذلك".

 

وقلل المنجرة من أهمية الرهان على الآلة الأمنية والعسكرية في وقف تطلع الشعوب العربية والإسلامية للقيم الإنسانية الراسخة، وقال: "الديمقراطية في العالم العربي ستأتي أراد الناس أم لم يريدوا، وشاء الغرب أو لم يشأ، والولايات المتحدة الأمريكية نفسها تدرك أنها لا يمكن أن تبقى هي القوة الأولى في العالم. والآن تبدو الأمور واضحة تماما، من خلال تزايد أعداد القتلى والضحايا في غزة، فهذه آخر لعبة يمكن أن تقوم بها إسرائيل إلى حد الآن، وستدفع ثمنه من دون شك، ومع أننا إلى حد الآن لم نر موقفا عربيا رسميا حازما وله قيمة من الناحية السياسية أو العسكرية، على الرغم من أن العالم العربي ينفق أموالا طائلة على التسليح لا يستخدمها إلا في مواجهة المظاهرات الشعبية، فإن ذلك كله لن يحول دون التغيير القادم وبأسرع ما يمكن"، على حد تعبيره.

 

وأشار المنجرة إلى أن ما يجري في غزة اليوم من عدوان إسرائيلي يمثل حلقة متقدمة في مشروع بدأ في تسعينات القرن الماضي في العراق، لكنه يؤشر برأيه إلى ميلاد نظام سياسي عربي جديد، وقال: "واضح تماما من خلال ردود فعل الشارع العربي حدة الفجوة بين الشعوب والحكومات، وهذه للأسف جزء من مسلسل بدأ منذ تسعينات القرن الماضي، لكنه الآن وصل إلى آخره، بمعنى أنه لم يعد هنالك مرحلة أكثر ذلا وهوانا يمكن أن يصل إليها العرب والمسلمون، وأعتقد أننا على أعتاب ميلاد نظام سياسي عربي جديد، تختلف معالمه عن النظام العربي القائم على الذل والإذلال".

 

ورفض المنجرة مصطلح "الاسلام السياسي" للتعبير عن التيار السياسي الصاعد في العالم العربي وقال: "أنا لست مع استخدام مصطلح "الإسلام السياسي"، فالإسلام دين وحضارة وقيم، وأعتقد أن القيم الإنسانية ولا سيما منها الديمقراطية والشورى قيم ثابتة، وما نعيشه الآن هو أزمة حضارية بالكامل لم تبق فيها للبشرية أية قيمة، وأعتقد أننا ميؤولون جميعا ـ حكومات وشعوب ـ عن هذا الوضع، وهو وضع لا يتصل بغزة وحدها وإنما هو وضع يجد جذوره في أوسلو ومدريد بل وفي كامب ديفيد. ولهذا لا يمكن الرهان على أي موقف قمة عربي سواء على مستوى وزراء الخارجية أو الرؤساء والملوك، وما نراه اليوم أن الشعوب لا يمكن أن تبقى على ما هي عليه اليوم، ونحن على وشك تغييرات كبيرة، لا سيما بعد خيبة الأمل في مواقف الدول الكبرى مثل الصين وروسيا، أو في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة التي تحولت إلى منظمة تابعة إلى الإدارة الأمريكية، أو في المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية التي ماتت عمليا".

 

واعتبر المنجرة أن جوهر الأزمة الدولية اليوم هو أخلاقي وقيمي بالأساس، وقال: "الأزمة الآن أزمة أخلاق، ذلك أن أي إنسان يمكنه أن يتابع ما يجري في غزة من مجازر لا يمكنه أن يقبل ذلك ولا يمكن أن يدوم، وهذا ما أسميه بأزمة الأخلاق الدولية، وأظن أن ما يسمى بالإسلام السياسي، وهذا مصطلح لا أوافق عليه، أو النظام الإنساني الحقيقي هو حاجة أساسية إذا أردنا البقاء، خصوصا أننا نرى أن الغرب يجود بالملايين على السلطات الرسمية التي فشلت في الانتخابات، والتي من بين مهماتها محاربة الديمقراطية محليا"، على حد تعبيره.