خبر ينبغي ان نعلم كيف ننهي..هآرتس

الساعة 09:45 ص|30 ديسمبر 2008

بقلم: يوئيل ماركوس

قبل نحو من اسبوعين من حرب الايام الستة استصرخ الفريق حاييم بار - ليف من سنة دراسية في الولايات المتحدة وعين نائبا لرئيس هيئة الاركان. كان ذلك في اوج ايام الانتظار، عندما ضغط الجيش من اجل الخروج للحرب وترددت الحكومة، وبهذا زرعت الحيرة عند الجمهور. في اول يوم لبس فيه بار-ليف بزته العسكرية ابتدع عبارة لا تنسى: "سنضربهم ضربا قويا سريعا وعلى نحو ذكي".

 

كان هذا بالفعل ترجمة شهية لنظرية حرب بن غوريون التي تقول اننا لكوننا دولة صغيرة يجب ان ننقل الحرب، في كل وقت نهاجم فيه، الى ارض العدو وان نأتي بحسم سريع. لكن للأسف الشديد لم تجر الامور كذلك دائما.

 

عندما اعلن ايهود اولمرت هذا الاسبوع ان "الصبر، والتصميم وقدرة صمود الناس في الجبهة الداخلية ستحدد القدرة على اكمال المهمة"، فانه يثير غضبي. جرنا هذا الرجل الى ثلاثة وثلاثين يوما من حرب لبنان الثانية وجعل الجبهة الداخلية المقدمة؛ كيف يملك وقاحة ان يعظنا ويقول ما هو المطلوب لننهي الحرب على حماس بانتصار؟ ما هو الانجاز الذي اتت به حرب لبنان الثانية سوى انها كشفت نقاط ضعف اسرائيل واضرت بقوة الردع؟

 

يبرهن الهجوم الجوي المفاجىء للجيش الاسرائيلي في السبت على غزة ان عازف البيانو الهاوي ايهود باراك عازف ممتاز في المجال العسكري. فالاستعدادات السرية والايحاءات المضللة عندما كانت تسقط ها هنا عشرات الصواريخ في اليوم جعلت قادة حماس ينامون بحيث ان عجرفتهم جعلتهم غير مستعدين وفي ذعر.

 

عمل سلاح الجو ويعمل كما يعرف، ولا اخفي لذتي- بخلاف عدد من زملائي- للهب والدخان الذي يرتفع فوق غزة عندما غمرا اعيننا فوق شاشات التلفاز. حان اخر الامر ان ترتجف الارض تحتهم وان يدركوا انه يوجد ثمن لتحرشهم الدامي باسرائيل.

 

سمع باراك هذا الاسبوع يقتبس المثل الفرنسي القائل "في الحرب كما في الحرب". لكن القرار الصعب الذي يواجهه هو ماذا سيكون بعد؟ مهما كانت عمليات سلاح الجو ناجحة، فليس واضحا هل يمكن بالقصف وحده اسكات القدرة على اطلاق الصواريخ والقذائف المتسعة على الجبهة الاسرائيلية الداخلية. فسلاح الجو على نحو عام هو الوجبة الاولى فقط. لكنها مهما تكن لذيذة فهي غير كافية.

 

مع افتراض ان تحريك قوات المشاة نحو غزة ليس حيلة نفسية، فان احد الخيارات هو تقطيع اوصال غزة الى عدة مناطق وان يترك في بعضها قوات محدودة، لزمن محدود، من اجل اتمام الاهداف التي لم يكن سلاح الجو قادرا على الوصول اليها. لكن من جهة اخرى دخول غزة والبقاء فيها سيجعلان الجيش الاسرائيلي هدفا للعمليات كما كان في حرب لبنان الاولى. الخروج الفجائي من لبنان بامر من باراك في ايار 2000 علم المنظمات الارهابية ان البقاء الطويل في منطقة معادية هو نقطة ضعف اليهود.

 

من الواضح انه لا عزم على احتلال غزة، كما انه لا عزم على الاكتفاء بعمليات سلاح الجو. بالرغم من تجنيد قوات الاحتياط وتجميع الدبابات والمدافع قرب غزة ينبغي ان نؤمل انه لا عزم على دخول غزة بقوات كبيرة والبقاء فيها فوق ما تحتاجه مهمات محدودة مثل تطهير محدد والسيطرة على المكان الى ان تأتي قوة دولية في تسوية ما.

 

توجد جهات امنية تقول انه يجب على اسرائيل ان تفعل كل شيء بتناسبية. وألا يتم ادخال قوة برية في غزة الا من اجل دخول قصير ومحدد وخروج سريع. لا يرمي تركيز القوة البرية الى القضاء على حماس بل الى تحديد ثمن لاطلاق صواريخ القسام في المستقبل. فالبقاء الطويل وتوسيع الحرب نوع من العمليات لا يفهمه العالم ولن يقبله.

 

تتمتع اسرائيل الان بتأييد الادارة الامريكية. لكن كلما اقترب العشرون من كانون الثاني، يجب على اسرائيل ان تجعل نفسها "بعد غزة" كثيرا وقبل ان يؤدي الرئيس باراك اوباما اليمين الدستورية. لا يقولن احد ان اوباما سيشغل نفسه قبل كل شيء بالازمة الاقتصادية وحدها. فالرئيس يستطيع ان يتخذ موقفا من عدة موضوعات في الان نفسه- ولا نستطيع ان نعلم ماذا سيكون موقفه من هذه الحرب وفروعها اذا لم ننهها في التوقيت الصحيح.

 

لا شك في ان وزير الحرب عالم بجميع التعقيدات الممكنة. ولا يعلم احد مثله انه لا يمكن ازالة حماس، ولا يمكن القضاء التام على قدرتها على اطلاق الصواريخ، لكن يمكن تحطيم دافعها على تحقيق ذلك. فكما علم متى وكيف بدء العملية ينبغي ان نؤمل ان يعلم متى ينهيها ايضا.