خبر ليس اختبارا للمواطنة..هآرتس

الساعة 09:21 ص|30 ديسمبر 2008

بقلم: أسرة التحرير

الجدال الذي وقع أمس في الكنيست بين نواب من اليمين وزملائهم من الاحزاب العربية (الذين انضم اليهم ايضا مندوبون عرب من حزب العمل) لم يضف احتراما لاي من المتحدثين. والاخطر من هذا – اضاف بعدا زائدا من الاشتباه، تصفية الحساب والعداء بين دولة اسرائيل ومواطنيها العرب.

 

الحرب بين اسرائيل وجيرانها تضع مواطني اسرائيل العرب المرة تلو الاخرى في اختبار مضنٍ وأليم. وحتى من يعتقد بان الهجوم على مراكز نشاط حماس في غزة مبرر لا يحق له أن يغلق قلبه في ضوء الثمن الدموي الباهظ الذي تجبيه العملية، وهو ملزم بان يأخذ بالحسبان بان كل انسان بصفته هذه يرى هذه المشاهد بقلب يتفطر.

 

أزمة مواطني اسرائيل العرب تحتدم في السنوات الاخيرة لان كل الوعود الرسمية بردم الثغرة الاقتصادية – الاجتماعية بينهم وبين المجتمع اليهودي تنكث. الذكرى الاليمة لاحداث تشرين الاول 2000 وتوصيات لجنة أور (التي تشكلت في اعقابها)، والتي لم تنفذ حتى يومنا هذا، تفاقم احساس الجمهور الغفير هذا، نحو 20 في المائة من عموم السكان، في أنه يعتبر في نظر المؤسسة بل وفي نظر المجتمع بأسره كجمهور من الدرجة الثانية.

 

حكومة إثر حكومة أهملت هذا الجمهور وقراه، بلداته ومدنه وتركت لمصيرها اجهزة التعليم والرفاه بل والحكم المحلي بيد منظمات خاصة، منها متطرفة دينية أو متطرفة قومية. ثمن هذا الترك باهظ، وهو يجد تعبيره في الاغتراب المتزايد للعديد من الشباب تجاه دولة اسرائيل ومؤسساتها.

 

ما كان أمس برميل بارود خلقه الاحساس بالجور من شأنه أن يشتعل الان بنار خيبة الامل، المهانة والغضب.

 

الى منطقة الخطر هذه القى امس رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب اسرائيل بيتنا افيغدور ليبرمان – ولكن ليس اقل منهما رؤساء الاحزاب العربية، شعلة متلظية. بانعدام تام للمسؤولية وعد نتنياهو بان يعالج "بيد من حديد" ما اسماهم بـ "مؤيدي حماس في الداخل"، وكأنه لا يفهم بان الحديث لا يدور عن تأييد لحماس بل عن تضامن مع المصير المأساوي لسكان غزة. اما ليبرمان، ووراءه كل النواب العرب، فقد تبادلوا الضربات اللفظية الضحلة.

 

لا ريب أن التطرف في الجانبين يتأثر باقتراب الانتخابات، وواضح أن نتنياهو، ليبرمان، محمد بركة، احمد الطيبي وآخرين لا يعبرون عن احساس وأماني معظم مواطني اسرائيل، من يهود وعرب.

 

ليس هذه هي المرة الاولى التي تخطيء فيها القيادة العربية في اسرائيل بتطرف المواقف في طالح الجمهور الذي تدعي تمثيله، ولكن الديمقراطية المحصنة لا يفترض بها أن تفزع من فئات سكانية مغتربة، بما في ذلك في إبان الازمة، بل ان تعمل على تفكيك عناصر الاغتراب.

 

طالما لا تحرك اسرائيل اصبعا لاعادة بناء الثقة بينها وبين مواطنيها العرب، فلا ينبغي لها أن

تتهمهم في أنهم لا ينجحون في اختبارات الولاء النازفة التي تطرحها عليهم صبح مساء. وبالعكس: عليها أن تتجلد ازاء المصاعب التي تنطوي على ذلك وان تستوعب بفهم المهم واحتجاجهم.