خبر صحف امريكية: عقدة لبنان وراء العدوان على غزة ووصف أولمرت بـ« أبو الهزائم »

الساعة 06:33 ص|30 ديسمبر 2008

فلسطين اليوم-القدس العربي

تعدد اتجاه الصحافة الامريكية في تغطية الغارات الاسرائيلية والعملية المتواصلة على غزة، فمن ناحية ذكّرت الصحف بالتفوق العسكري الاسرائيلي وبآثار العملية على مواقف الرئيس المنتخب باراك اوباما ومهمته القادمة، وعلى تراث ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي سيرتبط بحربين، حرب لبنان 2006 وغارات غزة 2008.

 

وقالت صحيفة 'نيويورك تايمز' ان الهدف الرئيسي لعملية غزة، القضاء على قوة حماس وقدراتها العسكرية ولكن الهدف الاهم هو تخليص اسرائيل من اشباح هزيمتها في لبنان عام 2006 واستعادة قوة الردع الاسرائيلية من جديد.

 

وفي الوقت الذي حشدت فيه اسرائيل دباباتها على مشارف غزة، اصطف قادتها للتأكيد على ان اسرائيل لا تريد الاطاحة بحكومة حماس او احتلال غزة وحكم 1.5 مليون فلسطيني لان البديل عن حماس وغياب سلطة هو الفوضى.

 

اسرائيل لها اسنان

 

واشارت 'نيويورك تايمز' الى ان الهدف المعلن هو اجبار حماس على وقف صواريخها تجاه اسرائيل مما يعني معاهدة سلام اخرى جديدة معها، ولكن التهدئة الجديدة ستحمل شروطا جديدة.

 

وتقول الصحيفة ان هذا الامر يجب ان لا يخفي الحقيقة ان اعداءها في غزة لم يعودوا يخافون منها وعليه فان استعراض القوة يجب ان يكون كفيلا بحل المعضلة. ونقلت الصحيفة عن محلل اسرائيلي قوله ان تصريحات مسؤولي الحكومة عن القوة والطاقة التي تميزت بها قرارات الحكومة تعكس في النهاية قلق الشارع بضرورة استعادة قدرة اسرائيل الدفاعية.

وقال ان شعورا مقلقا ساد في الاعوام الماضية حول فكرة ان كان هناك احد يخاف من اسرائيل.

 

واشار انه في الماضي ـ الاسطوري ـ لم يكن احد يتجرأ على اسرائيل لخوفه من العواقب، اما الان فان المنطقة مليئة بالاصوات التي تتحدث عن اسرائيل كنمر من ورق. وقال ان هذه العملية هي من اجل استعادة اسرائيل احترامها كقوة يجب ان لا يتجرأ عليها احد.

 

عقدة لبنان

 

واشارت الى ان غالب المعلقين الاسرائيليين والعرب لم يفتهم الربط بين استعراض القوة في غزة وبين هزيمة لبنان عام 2006.

ولكن الصحيفة تقول ان هناك مخاطر لاسرائيل موازية لما حدث في لبنان حيث خرج حزب الله بعد حرب 34 يوما ليعلن الانتصار.

 

وفي حالة غزة فانه لو فشلت العملية او تركت حماس بقدرة ولو بسيطة على البقاء وحتى لو اعلنت النصر، فستخرج الحركة من المعركة كقوة لا يمكن ان ينازعها احد في الميدان السياسي الفلسطيني.

وترى الصحيفة ان هناك مقامرة من جانب اسرائيل على ان العملية العسكرية القوية لن تؤدي الى عزلها عن ادارة الرئيس القادم اوباما. وتعتقد الصحيفة ان ايهود باراك، زعيم العمل ووزير الدفاع سيكون اول من يجني ثمار العملية ان نجحت، ففي حالة اجبر حماس على تهدئة واوقف صواريخها فسينظر اليه باعتباره الزعيم الذي تريده البلاد خاصة انه سيرشح نفسه في الانتخابات. اما في حالة فشلها او تركت انعكاسات اقليمية فسيكون الخاسر. وكان باراك قد اعتبر حرب لبنان في حينها خطأ استراتيجيا ولهذا كان وراء عمليات التحضير الاخيرة لعملية غزة ووقف خلف عملية الخداع التي مورست على الاعلام.

 

وتقول الصحيفة ان هناك رضى الان في اسرائيل حول مسار العملية التي ينظر اليها على انها ناجحة، لكن هذا هو نفس الشعور الذي ساد اثناء حرب لبنان قبل ان تتحول العملية الى كارثة. وقالت في تقرير اخر ان ازمة غزة هي تحد اخر لاوباما. واشارت الى ما قاله اوباما عندما زار اسرائيل وذهب لسديروت في تموز (يوليو) الماضي. وقالت انه اكد انه سيفعل كل ما بوسعه لوقف من يطلق النار على بيته، وهو الان سيبدأ رئاسته ليواجه اثار العملية المضادة التي تقوم بها اسرائيل، العملية الاكثر دموية التي تقوم بها ضد الفلسطينيين منذ عقود.

ومع انه منذ انتخابه لم يقل الكثير فيما يتعلق بالسياسة الخارجية اكثر مما تحدث عن المشاكل الاقتصادية وحاول تجنب الاسئلة حول السياسات الخارجية وحولها الى ادارة الرئيس بوش. ومنذ انتخابه فان الاحداث تدفعه وفريقه لاتخاذ مواقف وتحديد اتجاه بطريقة سريعة خاصة ان انتخابه ادى لرفع سقف التوقعات من الحلفاء والاعداء ان مسار السياسة الخارجية سيتخذ مسارا مختلفا.

 

ويعتقد باحث ان ما يحدث في غزة يضع الادارة امام ازمة طارئة بدون ان تكون لديها القدرة على عمل الكثير. ونقلت عن محلل فلسطيني ان ادارة اوباما لا تملك تجاهل الازمة او الملف الفلسطيني ـ الاسرائيلي لانها ستجد نفسها امامه دائما. وكان اوباما قد تلقى تقارير امنية عن الوضع ويخطط للحديث مع المرشحة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشاره للامن القومي جيمس جونز. ومن الخيارات امام اوباما هو ان يقوم بانتقاد اسرائيل الا ان متحدثا باسمه اكد انه ملتزم بما صرح به في الصيف وتأكيده على العلاقة الخاصة مع اسرائيل.

وهناك خيار اخر هو ان يطلب من وكلاء بمن فيهم مصر الضغط على حماس او بناء ضغط دولي عليها كي توقف الصواريخ او يقوم بملاحقة تسوية بين محمود عباس في الضفة الغربية كوسيلة للضغط على حماس.

 

خطة اوباما تواجه تعقيدا

 

من جهة اخرى قالت صحيفة 'لوس انجليس تايمز' ان خطة اوباما للسلام تواجه امتحانا صعبا خاصة ان اولى خطواته لتحسين العلاقات بين امريكا والعالم الاسلامي هي خطاب كان سيلقيه في العالم الاسلامي.

وقالت ان العنف في غزة المستمر حتى الان سيجعل من الحديث عن محادثات السلام امرا صعبا، كما ان عدد الضحايا المدنيين سيعزز من مواقف العالمين العربي والاسلامي التي تؤكد ان امريكا دائما تتخذ جانب اسرائيل. ونقلت عن مفاوض سابق قوله ان العنف خفض من امكانية احياء الوضع الصعب اساسا الى درجة الصفر.

وعن خطاب اوباما المقرر في العالم الاسلامي قال ان الوضع يتطلب صراحة اكثر من كلمات اوباما ذلك ان عدم رضا المسلمين عن مواقف امريكا من مسألة الصراع مع اسرائيل هو اساس الغضب والحنق على امريكا اضافة لدعمها للانظمة الديكتاتورية واحتلالها لافغانستان والعراق.

واشارت الى ان وضع عباس اضعف، وانه حتى لو انتهت العملية فمن الصعوبة بمكان العودة لطاولة المفاوضات. ونقلت عن مسؤول في ادارة بوش ان ضربة اسرائيل لغزة تعتبر خطوة للوراء وضربة للجهود والاهداف التي كان يعمل على تحقيقها بعد مؤتمر انابوليس عام 2007. ونقلت عن مفاوض سابق قوله ان نتائج العملية قد تعقد موقف الادارة القادمة منها احتلال طويل لغزة مع ان هذا ليس خيارا لاسرائيل وتعزيز موقف ايهود باراك ضد نتنياهو. وكان اوباما قد وعد في المئة يوم الاولى من رئاسته بزيارة عاصمة اسلامية والقاء خطاب منها يعيد شروط العلاقة بين امريكا و 1.5 مليار مسلم.

 

اولمرت ابو الهزائم

 

وفي مقال لصحيفة 'واشنطن بوست' تحت عنوان ' الفشل الاخير لاولمرت' كتب جاكسون ديهل قائلا ان المعركة الاخيرة لاسرائيل تعني ان ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الاسرائيلي سيتم تذكره بشن حربين دمويتين، وحروب صغيرة ضائعة في اقل من ثلاثة اعوام، والتحدث عن الحرب الاولى في لبنان التي فشلت في هزيمة حزب الله.

 

وقال ان هذه الحرب ستترك نفس الاثر على حماس التي ستبقى بشكل محتمل مسيطرة على القطاع ولديها القدرة على ضرب اسرائيل بعد خروج اولمرت من الحكومة في الاشهر القادمة. وتحدث عن الشيء المثير للحزن في حالة اولمرت، اليمني المتشدد سابقا، المؤمن باسرائيل الكبرى والذي كرس نفسه اكثر من رئيس وزراء سابق لانهاء نزاعات اسرائيل مع اللبنانيين والفلسطينينين والسوريين.

 

 وتحدث الكاتب عن طموحات اولمرت التي اثرت عليها حرب لبنان، ومحاولته التوصل لسلام مع السلطة وكشفه عن محادثات غير مباشرة مع سورية.

 

 وكان اولمرت قد امن متأخرا بحل الدولتين كصمام امان لاسرائيل من الفلسطينيين وحتى وقت قريب في زيارته لواشنطن كان يدفع باتجاه التوصل لاطار اتفاق مع عباس يصادق عليه مجلس الامن مع ان كل الاطراف المنخرطة في المحادثات تخلت عن طموحاتها. وقال الكاتب ان اولمرت بدلا من تحقيق تقدم واختراقات سيترك ارضا محروقة في غزة، وجبهة لبنانية تنتصب عليها صواريخ حزب الله وضفة غربية توسع فيها الاستيطان بدلا من تراجعه مع مئات البيوت التي تبنى لليهود. وفوق كل هذا قد يدخل السجن على خلفية اتهامه بالفساد. مما يعني ان ادارة اوباما مثل ادارة بوش قبلها سترث جولة جديدة من حمام الدم بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

 

وقال انه في حالة فوز بنيامين نتنياهو في انتخابات اسرائيل القادمة فستتعامل ادارة اوباما مع حالة ازمة في المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي. وتحدث عن حسابات اولمرت الخاطئة في لبنان وربما في غزة التي ستترك انعكاسات سلبية على اسرائيل وستؤدي لفقدان ارواح وتحرف الانتباه عن ايران.

 

وقال ان اولمرت عبر عن عدم استعداده للتصدي للمستوطنين في الضفة الغربية وفشل حتى في تفكيك المستوطنات التي اعتبرها غير قانونية. واكد ان اولمرت ليس وحده الملام بل بوش الذي لم يستثمر الكثير من الوقت للتفاوض وارسل بدلا من ذلك وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس التي زارت المنطقة 16 مرة واثبتت انها عرابة سيئة للسلام. وختم مقاله بعد انتقاده محمود عباس قائلا ان اولمرت مثل ايهود باراك سينهي ولايته بقصف الفلسطينيين وليس تحريرهم وسيُذكر بحروبه فيما ستنتظر اسرائيل اعواما لظهور قائد يرغب في السلام