مسيرة العودة الكبرى.. "البلاد طلبت أهلها"

الساعة 04:00 م|24 مارس 2018

فلسطين اليوم

تمثلُ مسيرة "العودة الكبرى" المقرر انطلاقها في تاريخ 30/آذار باتجاه السلك الفاصل شرق قطاع غزة رداً شعبياً فلسطينياً على صفقة القرن، وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان مدينة القدس عاصمة للاحتلال، وذلك كخطوة عملية لمواجهة مسلسل تصفية القضية الفلسطينية التي تتسارع في ظل تواطؤ دولي.

ويرى محللون وكُتاب رأي أنَّ مسيرة العودة قد تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، على اعتبار أنها تظاهرة تتقاطع معها رؤى جميع القوى الوطنية والإسلامية والشعبية واللجان من مختلف المشارب السياسية والفكرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

وشدد المحللون وأصحاب الرأي -خلال حلقة نقاش بعنوان "مسيرات العودة .. التحديات والآفاق" نظمها معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية- على ضرورة توعية الجمهور الفلسطيني بالمسيرة الكبرى وآلياتها وأهدافها والتحديات التي يمكن ان تواجهها المسيرة، مع ضرورة إقامة الحُجة والدليل على سلمية المسيرة وقانونيتها وقطع الطريق على الاحتلال لتبرير ممارسة العنف المفرط ضد المسيرة أثناء رحلتها للعودة إلى الديار.

اكرم عطالله: المسيرة فعل وطني شعبي من الممكن أن يحقق الكثير من الإنجازات في حال الإعداد الجيد لها مع ضرورة التواصل مع الخبراء في شتى المجالات لتفادي إفشال الاحتلال للمسيرة

 

الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله يرى أن المسيرة هي فعل وطني شعبي من الممكن أن يحقق الكثير من الإنجازات في حال الإعداد الجيد لها، واستثمارها على الوجه المطلوب، وهو أمرٌ بحاجة إلى تفعيل القوى ومكونات المجتمع المدني في التحشيد وكافة أشكال الدعم، وتوزيع الأدوار بما يعزز فرص نجاح المسيرة ويحد من المخاطر التي تهددها.

وأوضح عطالله أن "إسرائيل" جهَّزت نفسها لكل الحروب .. قنابل نووية .. جيش أقوى من الجيوش العربية كما أراد بن غوريون .. ترسانة أسلحة ضخمة وسلاح طيران قوي .. وتفوق في أجيال السلاح .. لكن إمكانية مواجهة سيول بشرية فهذه لم تحسب لها حسابا.

وقال عطالله: إن زحف كهذا وحده الكفيل بتحييد القوة المسلحة الإسرائيلية وهذا لم يجهز جيش إسرائيل نفسه مواجهته ولن يستطيع، ففي حزيران 2011 بعيد الاضطرابات في الإقليم كانت خلاصة ورشة لكبار ضباط الجيش تقول إنه لو بدأ ربيعا في الضفة الغربية لن يستطيع الجيش الإسرائيلي مواجهته وبعدها قامت إسرائيل بشراء مدافع صوتية وقنابل برائحة كريهة وقنابل غاز ..".

ويشير عطالله إلى أن "إسرائيل" ستقف عاجزة عن المواجهة ولن تستطع ممارسة القتل بالجملة أمام كاميرات العالم، وبذلك تكون المسيرة عرَّت إسرائيل مجدداً أمام الرأي العام العالمي، ويكسب قضيتنا مزيداً من التعاطف على أكثر من مستوى".

ولفت إلى أن "إسرائيل" لم تكن تتوقع أن الفعل السلمي بهذا الحجم يخرج من قطاع غزة، كون القطاع يمتاز بنمط المقاومة العسكرية، وكانت إسرائيل تتوقع الفعل الشعبي والسلمي أن يخرج من الضفة المحتلة.

ودعا عطالله القائمين على المسيرة للتركيز على ما عند الاحتلال من أدوات من الممكن أن تستخدمها ضد المشاركين في المسيرة للتغلب عليها، قائلاً "من الضروري التواصل مع مختصين في كل النواحي (عسكريين – قانونيين - أطباء) لمواجهة التحديات وعدم السماح للاحتلال بإفشال المسيرة".

وأشار إلى ان التحدي الأكبر الذي بات يواجه الاحتلال الإسرائيلي والذي ظهر جلياً بعد قرار ترامب يتمثل في تعدد الأجيال (شيوخ – شباب – نساء - أطفال) المشاركة في الفعل الثوري والمقاوم لإسرائيل، وهو ما يجب أن يكون في المسيرة بشكل لافت، لافتاً إلى أن إسرائيل أضاءت "الأضواء الحُمر" تخوفاً من السيناريوهات المحتملة.

ودعا إلى ضروري التركيز على مخاطبة الإعلام لدولي، ودعوته لتغطية فعاليات المسيرة على مدار اللحظة من خلال بث حي ومباشر لفعالياتها.

اسعد أبو شرخ: من الضروري وضع خطة إعلامية شاملة لمخاطبة العالم بكل اللغات والاستفادة من تجربة الحملة العالمية لمقاطعة الاحتلال BDS

 

من جانبه، أشاد الكاتب والمحلل السياسي د. اسعد أبو شرح في مسيرة العودة الكبرى، داعياً إلى الأخذ بعين الاعتبار بعض التحديات لإنجاحها بالشكل المطلوب، والتي من بينها تظهير الحشد الشعبي وليس الفصائلي وأن يكون دور الفصائل في الخلفية وليس في المقدمة.

وذكر أبو شرخ أن انجح عمل فلسطيني شعبي –حتى اللحظة- هي حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل (بي دي أس) التي أثرت على "إسرائيل" في مختلف المجالات، داعياً إلى الاستفادة من تجربتهم والتواصل معهم.

ودعا أبو شرخ إلى ضرورة وضع خطة إعلامية شاملة لمخاطبة العالم بكل اللغات، مشدداً على أهمية أن يتصدر مشهد المقابلات الصحفية أثناء المسيرة خبراء في جميع لغات العالم، والاهتمام بالمصطلحات التي سيتم تناولها في الاعلام.

عبدالكريم شبير: من الضروري إعطاء المسيرة أبعاد قانونية وحقوقية والاستفادة من الخبراء في القانون الدولي والمحامين والحقوقيين

 

 في السياق، أكد الخبير في القانون الدولي عبدالكريم شبير على ضرورة العمل المشرك من جميع أطياف الشعب الفلسطيني لإنجاح مسيرة العودة الكبرى، مع ضرورة دراسة الأبعاد والآليات القانونية والإجرائية للمسيرة.

ودعا شبير القائمين على المسيرة للتواصل مع حقوقيين ومحامين يمكنهم مقاضاة العدو الإسرائيلي على الجرائم والانتهاكات التي يمكن أن تحدث للمشاركين في المسيرة.

وشدد شبير على ضرورة إعطاء المسيرة أبعاد قانونية تتعلق بالقرارات الأممية التي تدعم حقوق اللاجئين، داعياً إلى ضرورة وضع خطة إعلامية تتناسب مع أهداف المسيرة السلمية، وأن يتم نشر رسائل المسيرة بأكثر من لغة (انجليزية – فرنسية - اسبانية).

جمال أبو عامر: مطلوب من كل مشارك أن يكون بمثابة عنصر ضبط ميداني لإنجاح المسيرة وافشال المكر الإسرائيلي

 

بدوره، قال جمال أبو عامر -واحد من الذين خاضوا تجربة مسيرة العودة بذكرى النكبة في العام 2011 من الحدود السورية-: خُضتُ تجربة اقتحام الحدود التي نفذها شباب فلسطينيين في عام 2011، وبعضهم اخترقوا السلك الفاصل ووصلوا إلى مدينة يافا المحتلة، الموضوع حساس وملهم، ولأنه كذلك علينا التخطيط والإعداد الجيد للمسيرة الكبرى".

وأضاف أبو عامر: الإسرائيليون يدركون أن مسيرة العودة تشكل خطراً كبيراً على كينونتهم، لذلك علينا أن ننجح الحراك من خلال الترتيب والإعداد الجيد، وان يكون كل فردٍ منا عنصر ضبط ميداني واسناد للمسيرة التي لا تقبل العمل العشوائي.

وحذر أبو عامر من المكر الإسرائيلي لإفشال مسيرة العودة الكبرى، الامر الذي يتطلب دراسة ميدانية في كل لحظة من لحظات المسيرة، بحيث يتم دراسة الترتيب والتنظيم والتخييم والاقتراب المدروس من السلك الفاصل والعودة عنه، وعدم ترك المسيرة لعشوائية المتظاهرين الذين قد يفشلوا المسيرة بطريقة عفوية.

إبراهيم حبيب: مطلوب تظهير العمل المجتمعي والشعبي وليس العمل التنظيمي وإدارة الحشود بحكمة والتركيز على وضع الفئات الأكثر جلباً للتعاطف في المقدمة
 

من جانبه، أوضح الخبير الأمني والمحلل السياسي د. إبراهيم حبيب، أن هناك تحديات داخلية وخارجية تحدقُ بمسيرة العودة الكبرى وعلى الجميع تداركها والتنبه لها، فعلى صعيد التحديات الداخلية هناك تحدي كبير وهو تصدر الفصائل للمشهد الأمر الذي قد تستغله إسرائيل للتحريض على المسيرة السلمية.

وأشار حبيب إلى أهمية الحفاظ على أن يكون مشهد مسيرة العودة الكبرى مشهداً مجتمعياً خالصاً، الأمر الذي يكسب المسيرة زخماً بأبعاد أكثر تعاطفاً على جميع الصُعد، ويمكن من خلال المشهد المجتمعي تحقيق اهداف أكبر مما لو تصدرت الفصائل الفلسطينية المشهد، مع ضرورة حضورها ومشاركتها بشكل فعال في الخلفية، مع استعدادها ليكون لها موقف في حال ارتكب الاحتلال حماقات للمشاركين في المسيرة.

وعن التحدي الإسرائيلي للمسيرة، قال: أعتقد أن الصهاينة لن ينتظروا يوم 30/آذار، وسيبدؤون بافتعال الأحداث لإحباط المسيرة، حتى إذا ما وصلنا إلى موعد 30/آذار سيكون هناك آلية للتعامل على غرار ما يحصل في بلدتي نعلين وبلعين، وقد تستخدم "إسرائيل" أدوات قمع قاسية مثل الطائرات التي تحمل الغاز لتفريق المتظاهرين، وللحيلولة دون وصولهم إلى السياج الفاصل.

ودعا حبيب القائمين على المسيرة أن يتخذوا من أسلوب وتكتيك "مسير الذئاب"، الذي يتمثل في تقديم الفئات الأكثر جلباً للتعاطف في المقدمة والتي تتميز بالحكمة مثل الشيوخ، والمخاتير، والأطفال، والنساء، وفي المنتصف وضع الشباب، وفي مؤخرة المسيرة وضع القيادة والفصائل.

كما، ودعا حبيب إلى تنظيم فقرات "فلكلورية" من التراث الفلسطيني والتركيز عليها في الإعلام الفلسطيني، وهي رسالة قوية من شأنها تعزيز الحقوق الفلسطينية.

وأشار إلى أن نجاح المسيرة ولو بنسبة ضئيلة سيكون بمثابة نجاح كبير لأسلوب جديد من أساليب النضال الفلسطيني، لافتاً إلى أن نجاح المسيرة سيسهم في كسر الحاجز الذي وضعته إسرائيل، ويكون واحد من الخيارات الجديدة على طاولة واجندة العمل الفلسطيني المقاوم.

عمر شلح: المسيرة أداة لمواجهة "صفقة القرن" القادمة ومن الضروري التنبه لمكر الاحتلال ومحاولته التشويش على المسيرة بطريقة أو بأخرى

 

من جانبه، أوضح المختص في الشأن الفلسطيني د. عمر شلح أن مسيرة العودة الكبرى أداة لمواجهة "صفقة القرن القادمة" نحو المنطقة، مشيراً إلى أن الفلسطينيين سيواجهون الصفقة بحزم من خلال التعبير عن رفضهم لتصفية حقوقهم.

وبيّن شلح أن الاحتلال الإسرائيلي ينظر إلى المسيرة على أنها تهديد حقيقي لكينونته، مشدداً على ضرورة دراسة كافة أبعاد المسيرة، والعمل على إنجاحها من خلال الترتيب والتنظيم والاقتراب والابتعاد عن السياج.

وأشار إلى أن التحديات الداخلية التي تواجه المسيرة تتمثل في انشغال الطلبة في المدارس، وحلول شهر رمضان المبارك، والتحدي الآخر هو تعدد "المشارب السياسية"، إذ من الممكن أن تتخلف بعض الفئات عن المشاركة في الربع ساعة الأخيرة بحجة أو بأخرى.

وأشار إلى أن التحديات الإسرائيلية تكمن في محاولة "إسرائيل" التشويش على المسيرة من خلال دسِّ عملاء لها في أوساط المسيرة لتنفيذ أجندتها، مما يحتم مزيداً من اليقظة وتشكيل لجان مهمتها كشف هذه الحالات والتعامل معها، كمل يمكن أن يُقدِّم الاحتلال بعض التسهيلات لغزة في محاولة للتشويش على المسيرة.

وحذَّر شلح من محاولات إسرائيلية للتعامل مع المتظاهرين الفلسطينيين في حال أقدموا على التقدم السريع وغير المدروس نحو الحدود، والتعامل معهم على أساس أنهم لاجئين سياسيين كما يحدث في الدول الأوروبية، ومن الممكن أن يحتجزهم الاحتلال في "كانتونات"، ومن ثم يطلب التعامل معهم دولياً من خلال وضعهم في سيناء بحجة أنهم لاجئين، مشيراً إلى أن المطلوب التنبه والحذر من المحاولات الماكرة تجاه المسيرة والمشاركين فيها.

وشدَّد شلح على أهمية العمل على قدم وساق لفتح جبهات مماثلة في دول طوق فلسطين (مصر – لبنان - سوريا)، لأن إسرائيل لا تستطيع مشاغلة أكثر من جبهة، غير أنه من السهل عليها التفرد بجبهة واحدة.

عصام عدوان: التاريخ المعاصر الفلسطيني لم يشهد مثل تلك المحاولة لا من حيث طبيعتها كونها تريد التوجه بمئات الآلاف من اللاجئين نحو أراضيهم المحتلة، ولا من حيث الجهات المشرفة إذ ينخرط في المسيرة جميع فئات الشعب الفلسطيني

 

من جانبه، أكد عصام عدوان، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة "حماس"، وعضو لجنة اللاجئين في فعاليات العودة، أن المسيرات تشهد تحضيرات استثنائية، يسودها التوحد والاتفاق بين كافة الفصائل والقوى الوطنية، من أجل تحقيق أهدافها بأفضل صورة ممكنة.

وقال عدوان "إن الهدف الأساسي من مسيرات العودة، هو عودة اللاجئين بعد مضي 70 عاماً على شتاتهم، رغم وجود قرارات وقوانين دولية، كفلت لهم عودتهم المشروعة"، مشدداً على أهمية تنظيم ونجاح مسيرات العودة في هذا الوقت الحساس الذي يتجه فيه العالم إلى طمس قضيتهم العادلة، وفي ظل الحديث عن صفقة القرن التي ترغب أمريكا و(إسرائيل) بتمريرها دون عودة اللاجئين.

كما، على أهمية تنظيم ونجاح مسيرات العودة في هذا الوقت الحساس الذي يتجه فيه العالم إلى طمس قضيتهم العادلة، وفي ظل الحديث عن صفقة القرن التي ترغب أمريكا و"إسرائيل" بتمريرها دون عودة اللاجئين.

وبين عدوان أن فعاليات المسيرة الكبرى ستبدأ بالاعتصام الحاشد قرب المناطق الحدودية لقطاع غزة بتاريخ 30/3، وهو فاتحة لمسيرة العودة ونصب الخيام والاستمرار بالاعتصام والتحشد على الحدود حتى تحقيق الأهداف الكبرى.

وذكر أن التاريخ الفلسطيني المعاصر لم يشهد مثل تلك المحاولة لا من حيث طبيعتها كونها تريد التوجه بمئات الآلاف من اللاجئين نحو أراضيهم المحتلة، ولا من حيث الجهات المشرفة إذ ينخرط في المسيرة جميع فئات الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن المسيرة الكبرى تضم 14 لجنة وهي (القانونية – الإعلامية - العمل الجماهيري  والتحشيد، اللوجستيات – اللاجئين – المرأة - الشباب والطلاب - لجنة التدريب - الفنية والثقافية – المخاتير – والنواب)، لافتاً إلى أن اللجان بدأت بالعمل.

وأشار إلى أن تخوف الاحتلال من المسيرة الكبرى يعكس أهمية الخطوة ويعزز من ثقة أبناء شعبنا، آملاً أن تضغط المسيرة إعلامياً وسياسياً وامنياً على الاحتلال حتى تحقق انفراجات متعددة في كل الاتجاهات.

اياد الشوربجي: نجاح الحراك الشعبي الفلسطيني الذي يضم مختلف الفصائل والأطر الفلسطينية سيؤدي إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية وإفشال المخططات الدولية لتصفية القضية الفلسطينية وفي مقدمتها "صفقة القرن" الأمريكية الإسرائيلية

 

بدوره فقد أشار المحلل السياسي إياد الشوربجي إلى أن نجاح هذا الحراك الشعبي الفلسطيني الذي يضم مختلف الفصائل والأطر الفلسطينية سيؤدي إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية وإفشال المخططات الدولية لتصفية القضية الفلسطينية وفي مقدمتها "صفقة القرن" الأمريكية الإسرائيلية.

ويتحمس كثير من الفلسطينيين في غزة والمناطق الأخرى للفكرة، فهي ورغم مخاطر أن تجابها قوات الاحتلال بالقوة، فرصة للفت الأنظار إلى أوضاعهم وإلى قضية اللاجئين، كقضية مركزية يجري التحضير لتصفيتها ضمن مقررات ما بات يعرف بـ"صفقة القرن".

كلمات دلالية