خبر حُمرة في خدي حماس.. يديعوت

الساعة 12:29 م|29 ديسمبر 2008

بقلم: سمدار بيري

"كلما عذبوه"، كما جاء في الاصحاح الاول من سفر الاسماء، "سيزداد ويكبر" – هكذا توصف المعاناة التي مر بها بنو اسرائيل في مصر، والباقي هو تاريخ. سخرية القدر هي ان هذا الوصف ينطبق الان بقوة في مكان ما في غزة على اسماعيل هنية، محمود الزهار وأمثالهما. بعد اسبوع من نزولهم تحت الارض، تفرك القيادة المحلية المختبئة حماية لارواحها ايديها فرحا. لم يعودوا يحتاجون الى ان يتصبب عرقهم.

بضربة واحدة العالم العربي الذي حلم بلفظهم، والذي تجاهل، غضب، شهر واشتكى منهم – يخرج بجموعه الى الشوارع، يدخل الحكام في حالة ضغط، يبعث باطنان الادوية والمواد الغذائية من ايران عبر الخليج وحتى السودان. 300 قتيل في غزة تقريبا و 700 جريح ولكن الزهار ورفاقه، طالما بقوا على قيد الحياة، مبسوطون. لسنة ونصف وهم يحتجزون مليون ونصف رهينة لديهم في البيت، والان العالم يستيقظ. لا توجد مثل صور الموتى الذين يلفظون أنفاسهم أمام الكاميرات لترفع مستوى العطف عليهم.

لم يريدوا تحرير سجناء حماس؟ خالد مشعل يلوح بالميكروفونات على نمط نصرالله واوبو مازن يركض ليبحث لنفسه عن مأوى لدى مبارك. لم يريدوا فتح معبر رفح؟ خالد مشعل يهدد بانتفاضة ثالثة ويجند بجهاز التحكم من بعيد ارهابيين انتحاريين. ومن خنادق غزة، القيادة المختبئة تحرص على نشر بشرى "المؤامرة" التي نسجت بين لفني ومبارك، والجماهير تحتشد حول السفارة المصرية في بيروت. زعيم حركة الاخوان المسلمين في مصر، والتي ولدت حماس لم يعد يخف التشهير برئيسه في القاهرة وتحريض الجماهير. من المذهل أن نكتشف كم من السهل اغلاق الحسابات المعقدة مع مصر واخافة الملك الاردني.

هواتف عصبية تتطاير بين القصور. عبدالله القلق يهاتف مبارك، بينما 30 برلمانيا اردنيا يحرقون امام الكاميرات (الجزيرة سبق ان قلنا؟) علم اسرائيل. في لبنان يقذفون بالاحذية القذرة (سابقة بوش في بغداد) على العالم المصري والجيش اللبناني يستدعى لصد هجوم عنيف. السعودية تهاتف قطر، المغرب. الجماهير تتظاهر في العراق، في اليمين وفي تركيا. وحتى لبشار يوجد فجأة ما يقوله عن قمة طوارىء. من في العالم العربي يأخذه بالحسبان على الاطلاق؟ من يريد لقاءاً بين زعماء لا يتبادلون كلمة بينهم؟ بسبب حماس، كل حاكم عربي يستعد لمعالجة اوجاع الرأس لديه في الداخل، بحيث لا تستغل الملايين الفرصة لرفع رأسها ضد رئيس الدولة.

المناورة الكبرى، اذا ما نجحت، ترمي الى شق طريق الرئيس الفلسطيني عائدا الى غزة. سلاح الجو يقصف القيادات الامنية الحماسية قبل اسبوعين من نهاية ولاية ابو مازن. لا احد، بما في ذلك أفضل المستطلعين، لا يمكنه أن يخمن نتائج التصويت، اذا ما اجريت انتخابات على الاطلاق، ولكن ابو مازن لا يمكنه ان يسمح لنفسه بالعودة الى غزة على دبابات الجيش الاسرائيلي.

50 طبيبا و 40 سيارة اسعاف وصلوا من  القاهرة خلقوا امس ازمة سير قرب معبر الحدود في رفح. عندما تكون غزة محاصرة والقذائف تسقط، فان قيادة حماستان لن تسمح لمئات الجرحى بتلقي العلاج الطبي. يكرهون مبارك اكثر بكثير من الشتائم التي يوجهونها الى ايهود باراك وغابي اشكنازي. حساب بسيط: 100 قتيل آخر على ايدي جوليات الاسرائيلي ستحصل على صور هامة جدا في غزة، والعالم سيقف على ساقيه.

في نهاية المطاف، مثلما تعلمنا، سيعودون الى نقطة الانطلاق. كيس الضربات مبارك سيتقلص ومصر ستعود لادارة المفاوضات. السؤال هو هل معنية اسرائيل بالعودة الى التهدئة المحدودة التي من شأنها ان تتفجر مرة اخرى، ام ينبغي السعي الى بحث اعمق واكثر اتساعا، والبحث عن حلول ابداعية.