خبر حرب من نوع اخر.. معاريف

الساعة 12:25 م|29 ديسمبر 2008

بقلم: عاموس جلبوع

تتبجح حماس وتسلك سلوك حزب الله، تقلده في تكتيكات القتال ولا سيما انشاء عالم انفاق قتال؛ حزب الله نفسه يشجع حماس الان على مواصلة اطلاق صواريخ القسام علامة على عدم الخضوع. لكن توجد ثلاثة فروق بارزة بين حماس وحزب الله والساحة اللبنانية تسهل مواجهة الجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل في قطاع غزة.

الفرق الاول هو اننا في حرب لبنان الثانية حاربنا حزب الله لا دولة لبنان وبنيتها التحتية؛ فلم تكن لحزر الله اي مسؤولية رسمية ولهذا لم يكن يهمه ان يسبب ضرر ومعاناة وان يقتل مواطنون لبنانيون. اما حماس فمنذ سيطرة على قطاع غزة في صيف 2007 فان لها مسؤولية عن مصير غزة وسكانها. فهي صاحبة السلطة على الدولة في غزة.

والفرق الثاني هو ان حزب الله كان يملك جبهة استراتيجية داخلية من دمشق وطهران زودته على الدوام بالسلاح والذخيرة والمعلومات الاستخبارية وما اشبه. وذلك منح نصرالله قوة الصمود؛ وقد وزنت سورية نفسها انذاك امكان التدخل لمصلحة حزب الله. اما حماس فتعوزها جبهة استراتيجية كهذه. فمن الغرب يحدها البحر ومصر ولهذا لا يوجد اي بديل عتيد وسريع من مخازن الذخيرة التي ابادها سلاح الجو.

والفرق الثالث هو ان قطاع غزة منطقة جغرافية صغيرة سهلية بالقياس بجنوب لبنان الجبلي الذي هو اكبر منها بعدة اضعاف في مساحاته.

بخلاف هذه الفروق الثلاثة التي هي لغير مصلحة حماس، يوجد فرق رابع لمصلحتها كثيرا وهو تجمع سكان من الاكثر ازدحاما في العالم. فهنالك مليون ونصف من الناس يذوب داخلهم الاف من مقاتلي حماس كذرات الرمال. من اجل الموازنة نقول ان بنت جبيل الشهيرة في حرب لبنان الثانية هي بلدة فيها ثلاثون الفا من السكان. في مخيم اللاجئين الشاطىء في القطاع، وهو واحد من ثمانية مخيمات، يعيش مئة الف انسان. والمعنى واضح وهو صعوبة كبيرة في القتال البري للسيطرة والتطهير.

ونقول كلمة عنا: اهم اختلاف عن حرب لبنان الثانية هو شخصية رئيس هيئة الاركان ووزير الدفاع ورئيس الحكومة بعد تجربة اليمة ذات عبرة قبل انهاء ولايته. والى جانب ذلك قامت مصر بتحول استراتيجي مضاد لحماس وترأس المعسكر العربي المشايع للغرب، والمعتدل والذي يشعر بان الاسلام المتطرف يهدده. والى جانب حماس يقوم كما هو متوقع كل المعسكر المتطرف، معسكر "المقاومة"، الذي تبرز فيه سورية التي حرضت حماس على الا تجدد التهدئة، وتدعو الى عمل عربي مضاد لاسرائيل، وتنسق المواقف مع ايران وتوجه الى اسرائيل الشتائم المعادية للسامية. من المثير للاهتمام ان قيادات عرب اسرائيل ايضا تقيم نفسها دائما في المعسكر العربي الايراني المتطرف.

والسؤال المقلق هو كيف ننهي العملية؟ حدد اولمرت وباراك الهدف وهو تحسين الواقع الامني ازاء قطاع غزة تحسينا اساسيا وايتان سكاننا بالهدوء والسكينة. من الواضح جدا من هذا التحديد انه لا توجد للعملية اي اهداف سياسية بعيدة المدى وانها لا ترمي الى احتلال القطاع.

لكن ما هو المعنى العملي لـ "تحسين الواقع الامني تحسينا اساسيا"؟ يمكن ان نفترض ان القصد هو صياغة اتفاق تهدئة جديد محسن بالنسبة لاسرائيل، يحظر على حماس وجميع المنظمات الاخرى ان تنفذ اي عملية عسكرية من اي نوع كان، مثل وضع الغام على الجدار وتهريب سلاح، واما اسرائيل من جهتها فستفتح فهم المعابر للبضائع.

كيف نجعل حماس توافق على ذلك؟ يجب ان نقول بصراحة انه لا يوجد لذلك جواب واضح حتى الان. ولا يبدو ان متخذي القرارات ايضا يملكون جوابا قاطعا. ان عنصر عدم اليقين في عملية من هذا النوع كبير. ان "عملية نامية" كهذه قد تنمو في اتجاهات مختلفة يصعب التنبؤ بها بعد اليومين الاولين .