الطيبي لرئاسة بلدية القدس؟ -هآرتس

الساعة 01:30 م|14 مارس 2018

فلسطين اليوم

فكرة مجنونة لكنها مغرية

بقلم: أوري افنيري

(المضمون: الفكرة التي قام بطرحها ابراهام بورغ وهي تشكيل قائمة مشتركة من الفلسطينيين الذين يشكلون 40 في المئة من الناخبين في القدس ومن يؤيدون السلام، وبذلك تكون لهم قدرة على حسم الانتخابات لصالحهم، هي فكرة مجنونة لأن مشاركة الفلسطينيين في الانتخابات ستفسر كموافقة على الاحتلال، لكنها في نفس الوقت فكرة مغرية - المصدر).

 

توجد أمامي صورة ساحرة، التقطت من قبل راحيل افنيري قرب سور البلدة القديمة في القدس بتاريخ 4 ايلول 2000. في المركز يقف فيصل الحسيني وأنا تحت لافتة كتب عليها "القدس عاصمة دولتين"، وقربنا يقف سرحان السلايمة، رئيس بلدية الرام.

 

فيصل الحسيني كان إبن البطل الوطني عبد القادر الحسيني الذي قتل في حرب 1948 في المعارك على الطريق الى القدس، والتي شاركت فيها. فيصل كان صديق روحي. احترمنا بعضنا البعض كوطنيين لشعبين يبحثان عن السلام الحقيقي، وقمنا بتنظيم عدد كبير من المظاهرات المشتركة.

 

تلك المظاهرة التي نظمتها حركة "كتلة السلام"، التي أسست قبل ثماني سنوات من ذلك. برنامجها كان يتضمن بند جاء فيه "القدس عاصمة للدولتين، بحيث تكون القدس الشرقية (بما في ذلك الحرم) عاصمة لفلسطين واالقدس الغربية (بما في ذلك حائط المبكى) تكون عاصمة لاسرائيل. المدينة تكون موحدة ماديا وبلديا".

 

فيصل الحسيني ورفاقه وقعوا على هذا البرنامج واعلنوا أن ياسر عرفات أعطى موافقته الشفوية.

 

هذه الفكرة قمت بطرحها قبل سنوات في الكنيست. عندها ظهر الامر هستيريا. والآن تمثل اجماع عالمي باستثناء اسرائيل. في اسرائيل ما زالوا يتمسكون بوهم أن العرب سيوافقون أو سيضطرون الى التنازل عن القدس. ذات يوم ساد هنا وهم "الخيار الاردني"، الفكرة تقول إننا

 

سنعطي ملك الاردن الضفة الغربية شريطة تنازله عن القدس. الملك الاردني هو من أحفاد سلالة النبي محمد، الفكرة في أن يتنازل عن المدينة المقدسة الثالثة في الاسلام (بعد مكة والمدينة)، المكان الذي صعد منه النبي محمد الى السماء، هي من تراث جاهلين مثل شمعون بيرس المتوفى.

 

تذكرت تلك المظاهرة عندما قرأت هذا الاسبوع مقال ابراهام بورغ (هآرتس، 11/3) بعنوان "احمد الطيبي لرئاسة بلدية القدس". بورغ هو منتج افكار غير عادية، وأشك في أنه يستمتع من اسماع افكار متحدية ومثيرة للغضب.

 

تمهيدا للانتخابات البلدية القادمة في القدس يقترح بورغ تشكيل قائمة توحد الناخبين العرب، ميرتس وباقي اجزاء الجمهور العلماني المؤيد للسلام في المدينة، لاحداث ثورة فيها – ازاحة رئيس البلدية الوطني – المتطرف الحالي، نير بركات، وتحويل القدس الى مدينة تقدمية وديمقراطية. صحيح، هذه تبدو فكرة مجنونة. هذا كان ايضا ردي الاول عليها. ولكن بعد ذلك، الفكرة تغلغلت وبدأت في التفكير أنه مع ذلك يوجد فيها شيء ما.

 

العائق الاول يبدو حاسما: مشاركة الفلسطينيين في شرقي القدس في انتخابات بلدية القدس تبدو في نظرهم كاستسلام للاحتلال. لا أحد منهم سيفعل ذلك بدون موافقة وطنية واسعة توافق عليها حركة فتح وحماس، لكن الفلسطينيين في جيل الانتخابات يشكلون حوالي 40 في المئة من اجمالي الناخبين. اذا شاركوا في الانتخابات فان بركات، المؤيد للمستوطنين وطرد العرب، لن ينتخب. هل سيحل احمد الطيبي محله؟ في الحقيقة، لماذا لا. من ناحية سياسية هذا بالتأكيد منطقي. فكرة القدس الموحدة كعاصمة للدولتين مقبولة الآن على اغلبية دول العالم، وعلى اغلبية العرب، ويمكننا أن نتوقع أنها مقبولة ايضا على اغلبية الاسرائيليين.

 

اثناء حرب التحرير في ايرلندا ضد بريطانيا جلس الممثلون الايرلنديون في البرلمان البريطاني وأثروا ككتلة موحدة ومناضلة على اعمال الحكومة. فلماذا لا تعلن قائمة يهودية – عربية كهذه عن أن اقامة بلدية مشتركة هي جزء من تطبيق خطة "دولتان لشعبين" والقدس الشرقية تكون عاصمة الدولة الفلسطينية؟.

 

كخطوة اولى تضع البلدية الجديدة حد للاستيطان في المدينة. وأن لا يتم طرد أي عائلة عربية من بيتها. جمعيات المستوطنين التي تتصرف الآن في المدينة وكأنها ملك خاص ستكون مشلولة. سيكون ذلك ايضا رد مناسب على افعال دونالد ترامب الظالمة. السفارة الامريكية الجديدة ستكون محصورة في الشطر الغربي الاسرائيلي للمدينة، أو أنها ستكون سفارة للحكومتين.

 

أمر واحد مؤكد وهو أنه في اللحظة التي تشق فيها هذه الفكرة طريقها سيندلع ذعر فظيع في المعسكر الوطني و"الاستيطاني"، ايضا اذا لم تنجح القائمة المشتركة في أن ينتخب رئيس بلدية من قبلها، فسيكون لها يد قوية تستطيع تحطيم الاحتكار الوطني – الديني في المدينة، وايضا قوة الحريديين ستقل. هكذا، فان الفكرة مغرية من عدة جهات. يجدر نشرها والاستمتاع بها.

 

هل أوصي بها للجمهور الفلسطيني؟ بالتأكيد لا. منذ بداية اتصالي مع ممثلي هذا الشعب، من ياسر عرفات وأبو مازن وحتى أدنى المستويات، امتنعت عن تقديم توصيتي. دائما شعرت أن ذلك سيكون وقاحة من ناحيتي، كاسرائيلي، أن أوصي للفلسطينيين ماذا يفعلون. أنا اقوم باسماع رأيي لهم كمادة للتفكير وهذا هو كل شيء، وفي الحالة الراهنة، هذه ايضا الفكرة المجنونة لابراهام بورغ وليس أنا.