أندرويد 9.. لا تخدعكم المظاهر فما خفي أعظم

الساعة 11:23 م|12 مارس 2018

فلسطين اليوم

بعد 6 أشهر من إصداره في الأسواق، لم تتجاوز نسبة استخدام الإصدار الثامن من أندرويد، المعروف بـ "أوريو" (Oreo)، 1.1٪ من إجمالي الأجهزة الذكية العاملة بنظام شركة غوغل(1).، ورغم انقضاء بضعة أشهر فقط على إطلاق النسخة الثامنة، إلا أن غوغل تبدو جاهزة ومُتحفّزة لإطلاق إصدارها الجديد، أندرويد "بي" (Android P)، وهذا بعدما أتاحت النسخة الاستعراضية الأولى للمُطوّرين قبل أيام قليلة(2).

نظرة على المُستقبل

تحرص شركة غوغل كل عام لتعديل وتحسين واجهات نظام أندرويد قدر الإمكان، لتُصبح موحّدة على مُعظم الأجهزة التي تستخدم هذا النظام، والتي يتجاوز عددها حاجز الـ 2 مليار(3). لذا، فإن ما قامت به في أندرويد "بي" ليس باستثناء أبدًا، وتحديدًا عند الدخول إلى تطبيق الإعدادات الذي أصبح منذ الإصدارات السابقة أكثر تنظيمًا. لكنه في "بي"، تميز بأيقونات مُلوّنة تجعل من السهل التمييز بين أقسامه المُختلفة.

واستمرارًا مع بيئة "ماتيريال" (Material)، لغة تصميم نظام أندرويد، قرّرت غوغل الاعتماد بصورة أكبر على الحواف الجانبية في النظام، فرسائل التنبيه أو النوافذ التي تظهر ضمن النظام تحمل الآن حواف دائرية، إضافة إلى الأيقونات التي أصبحت هي الأُخرى دائرية تحمل في وسطها صورة لعنصر ما.

التنبيهات هي أكثر ما يؤرق غوغل مع كل إصدار جديد من أندرويد، فهي في كل عام تقوم بتعديلها وإضافة الكثير من الميّزات، لتفادي إزعاج المُستخدم من جهة، ولجعل حياته أفضل من جهة أُخرى. الإصدار الجديد يُتيح للمستخدم الرد على الرسائل من داخل قائمة التنبيهات التي تظهر بمُجرّد سحب الشاشة من الأعلى للأسفل، وهنا الحديث عن الرد باستخدام الردود الذكية (Smart Replies) التي تقوم بقراءة محتويات الرسالة، وتحليل علاقة المُستخدم بالمُرسل، لعرض اقتراحات لردود سريعة يُمكن إرسالها بشكل فوري. وعلاوة على ما سبق، يحصل المُستخدم على قنوات التنبيهات التي تسمح بتجميع التنبيهات من بعض التطبيقات ضمن قناة واحدة لها إعدادات خاصّة كضبط نغمة تنبيه ومُستوى صوت يختلف عن البقيّة(4).

أدوات أُخرى رأت النور في الإصدار الجديد الذي سيصل للجميع في وقت لاحق من 2018، وتحديدًا في شهر (أغسطس/آب) أو (أيلول/سبتمبر)، بالتزامن مع الكشف عن هواتف غوغل الجديدة، وتلك أدوات تُتيح التقاط صورة للشاشة مع إمكانية التعديل عليها والرسم قبل حفظها ومُشاركتها، إضافة لنقل بعض النوافذ الخاصّة بتعديل مستوى الصوت وجعلها موجودة في جانب واحدة من الشاشة، وبهذا الشكل يُمكن استخدام الجهاز بكل أريحيّة. وبالحديث عن التقاط الصور، سيدعم "بي" بشكل رسمي إمكانية استخدام أكثر من كاميرا في ذات الوقت، وهذا يعني تشغيل الأمامية والخلفية معًا، أو تشغيل الأمامية والكاميرات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء لالتقاط أبعاد العناصر، معًا أيضًا.

وقرّرت غوغل دعم نتوء الشاشة (Notch) بشكل افتراضي داخل النظام؛ النتوء هو ذلك القسم الموجود أعلى الشاشة الذي يحتوي على سمّاعة الأذن وعلى بعض المُستشعرات تمامًا مثل الموجود في هواتف "آيفون إكس" من آبل، أو "زين فون 5" (ZenFone 5) من شركة "أسوس" (Asus). ما سبق أدّى لنقل الساعة ليسار الشاشة في الأعلى، وإلى جانبها آيقونات التنبيهات، في وقت ستظهر فيه درجة الشحن، وقوّة الإشارة على الجانب الأيمن للشاشة.

أخيرًا، على المستوى الظاهري، وفي خطوة يمتد تأثيرها لوحدات الحماية، قرّرت غوغل اعتماد واجهة واحدة لطلب بصمة الإصبع الخاصّة بالمُستخدم، وهذا بعدما تركت تلك النوافذ وتصميمها للمُطوّرين في السابق، الأمر الذي أدّى لتجربة استخدام غريبة نوعًا ما، ولهذا السبب قرّرت غوغل توحيد الواجهات هنا أيضًا وتوفير طريقة واحدة لطلب بصمة الإصبع من المُستخدم.

ما خفي أعظم

ستكشف غوغل عن النسخة الاستعراضية الثانية في وقت لاحق من شهر (مايو/أيار) 2018 بالتزامن مع مؤتمرها السنوي للمُطوّرين بنسبة كبيرة، وهذا يعني احتمالية رؤية المزيد من التحسينات على مستوى واجهات النظام والأدوات التي ستُقدّمها. لكن ومن ناحية نواة النظام، وتحديدًا وحدات الحماية، فإن ما قامت به غوغل مُثير للإعجاب جدًا يؤكّد أن تلك التحسينات الشكلية ما هي سوى 1٪ بالنظر إلى الجهود الجبّارة التي وصلت للوحدات المسؤولة عن الحماية في أندرويد "بي"(5)(6).

مع كثرة القلق من التجسّس ومن تتبّع نشاط المُستخدم دون عمله، قرّرت غوغل إضافة طبقة جديدة للنظام تمنع التطبيقات من استخدام بعض المُستشعرات دون إذن من المُستخدم ودون علمه. في الإصدارات الحالية، يُمكن على سبيل المثال تشغيل أي تطبيق، وليكن فيسبوك، ومن ثم الانتقال لتطبيق آخر. في هذه الحالة يُصبح فيسبوك في الخلفية وهو قادر على استخدام الكاميرا، المايكروفون، أو أية مُستشعرات أُخرى يرغب بها دون علم المُستخدم، وهذا الكلام ينطبق على أي تطبيق في أندرويد. لكن غوغل في "بي" تنوي منع ذلك، فأي تطبيق في الخلفية لن يكون قادرًا على استخدام الكاميرا، المايكروفون، أو مُستشعرات أُخرى، مثل الحركة والتسارع، دون عرض تنبيه للمُستخدم وطلب إذنه. كما أن النظام سيعرض في الأعلى تنبيهًا بأن التطبيق الفلاني يقوم باستخدام المُستشعر الفلاني، وهنا يُصبح المُستخدم على دراية كاملة.

وإضافة لما سبق، استبقت غوغل الأحداث لمنع الشركات أو التطبيقات من تتبّع نشاط المُستخدم عبر عنوان "ماك" (Mac Address) الخاص به، وهو عبارة عن مُعرّف خاص بالشبكة لكل جهاز. في الوضع الطبيعي، يُمكن لأي شبكة إنترنت رؤية هذا العنوان وتخزينه ليكون مُفتاحًا يربطها بالجهاز، لكن ماذا لو قامت مجموعة من الشبكات بالتعاون لمُراقبة تحرّكات كل جهاز عبر استخدام قاعدة بيانات تُخزّن عنوان "ماك" الخاص بالجهاز ووقت اتصاله بالشبكة؟ في هذه الحالة يُمكن معرفة تحرّكات المُستخدم الأمر الذي لا تنوي غوغل إتاحته، وبدءًا من "بي"، ستقوم بتوليد عنوان "ماك" خاص بكل شبكة، وبالتالي لن يتم ربط جهاز المُستخدم بمُعرّف واحد بعد الآن.

نفس الأمر ينطبق على مُعرّف الجهاز (Build.SERIAL identifier) الذي يُمثّل رقم خاص بكل جهاز لا يتغيّر أبدًا مع مرور الوقت حتى بعد استعادة ضبط المصنع، والذي قد يُستخدم بشكل خبيث لتتبّع نشاط المُستخدم عن طريق بعض التطبيقات. في أندرويد "بي" لن تُصبح التطبيقات قادرة على الوصول لهذا المُعرّف دون إذن من المُستخدم، وبهذا الشكل يُغلق باب آخر في وجه الجهات التي تُحاول تتبّع نشاط المُستخدم اليومي.

وبعيدًا عن التتبّع، كان لحماية الخصوصية جزء كبير، فالمُستخدم يقضي مُعظم وقته على شبكة الإنترنت، وجميع التطبيقات تقوم بإرسال واستقبال البيانات منها، الأمر الذي يُمثّل خطرًا في بعض الأوقات إذا ما كان الاتصال غير آمنًا، وإذا ما كانت الخوادم لا تعتمد على بروتوكول "إتش تي تي بي إس" (HTTPS). في "بي"، يُمكن للمُطوّر منع تطبيقه من التواصل مع أي خادم غير آمن بشكل كامل، وهذا لضمان حماية بيانات المُستخدمين طوال الوقت، مع إمكانية تحديد بعض العناوين الإلكترونية بشكل يدوي لتجاوز تلك القيود، وتلك أمور تقع على عاتق المُطوّر أولًا وأخيرًا.

واستمرارًا مع الحماية، ستعتمد الشركة في الإصدار الجديد على مفهوم مُختلف في تشفير بيانات النسخ الاحتياطية، فمفاتيح التشفير ستعتمد على رمز القفل، أو كلمة المرور، الخاصّة بالمُستخدم، مع استخدام مفاتيح خاصّة بكل جهاز أيضًا. وهذا يعني أن فك تشفير تلك النسخ لن يكون مُمكنًا دون توليد مفاتيح تعتمد على الجهاز أولًا، وعلى كلمة مرور المُستخدم ثانيًا، وبالتالي رفع مستوى الأمان بشكل كبير جدًا.

أما آخر الجهود على مستوى الحماية، فكان على صعيد تنبيه المُستخدمين عند وجود تطبيق يعتمد على واجهات برمجية (API) قديمة، فمع كل إصدار جديد، تُقدّم غوغل واجهات برمجية جديدة تهدف لجعل أداء التطبيقات أفضل وأكثر أمانًا، إلا أن امتناع المُطوّر عن اعتماد تلك الواجهات الجديدة من شأنه تعريض خصوصية المُستخدم للخطر، الأمر الذي ستبدأ غوغل بتنبيه المُستخدمين حوله للبحث عن بدائل أو لإخطار المُطوّر بضرورة اعتماد أحدث المعايير التي تكشف عنها غوغل باستمرار.

كثّفت شركة غوغل من جهودها في تطوير نظام أندرويد بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة، وهذا شيء يُمكن لمسه عبر مستوى الولاء الذي ارتفع كثيرًآ في الآونة الأخيرة، فبحسب الدراسات، أكثر من 90٪ من مُستخدمي أندرويد يستمرّون في استخدامه بفضل التحسينات التي تصل له سنويًا(7). إلا أن هذا لا يمنع من وجود مُشكلة كبيرة تتمثل في وصول تلك التحديثات للمستخدمين، فحتى الآن، لا تعمل سوى 1.1٪ من الأجهزة بالإصدار الأخير -أندرويد 8- الذي سيأتي إصدار يليه -أندرويد 9- بعد أشهر قليلة، وتلك مشاكل مرهونة بوصول أندرويد 8 لمجموعة أكبر من الأجهزة، الإصدار الذي أكّدت غوغل أنه يُعالج تلك المُشكلة، وهذا قد يعني أخيرًا التوقيع على نهاية أكبر مشاكل نظام أندرويد.

كلمات دلالية