ما الذي يحدث حقا على جسر روكح- هآرتس

الساعة 12:30 م|22 فبراير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الشارع هو القالب الذي يضم كل غرائز وقيم وثقافة الشعب، ولا يغيره زيادة عدد رجال الشرطة أو وضع الكاميرات والدليل على ذلك هو أن الاسرائيلي يتصرف بصورة مختلفة عندما يقود سيارته في دولة اخرى - المصدر).

 

لقد أحسن نيتسان هوروفيتس في وصفه هنا هذا الاسبوع الحرب اليومية الدائرة بين السائقين الذين يكافحون من اجل الصعود على جسر روكح في تل ابيب ("هآرتس"، 18/2). هوروفيتس يعتقد أن كل ذلك بسبب "اهمال المجال العام وعدم تطبيق القانون بصورة منهجية". وهو يريد المزيد من رجال الشرطة والمزيد من متابعة تطبيق القانون في الشوارع. وهو يعتقد أنه بذلك سيتغير الوضع، وسيكون بامكانه الصعود بهدوء وراحة وحسب الدور، على الجسر. هوروفيتس لا يعرف الاسرائيليين.

 

لا يوجد افضل من الشارع لمعرفة طبيعة الشعب. ربع ساعة من القيادة تعلم اكثر من أي بحث انثربولوجي. حاولوا الدخول الى شارع "اوتويل" في باريس وستعرفون الفرنسيين، وحاولوا قطع الشارع قرب ميدان التحرير في القاهرة وتعرفوا على المصريين، تعالوا الى مفترق طرق في كولومبوس، اوهايو، المكان الذي توقف فيه الجميع من الجهات الاربعة وتعرفوا على امريكا الوسطى، شاهدوا كيف ينتظم الناس في السويد في الدور بسياراتهم عند الصعود الى العبارة البحرية، ستعرفون في حينه اسكندنافيا، شاهدوا الالمان وهم يتدفقون بنظام مدهش في الطريق السريع وتعرفوا على المانيا. الاسرائيلي ليس اسوأ من الفرنسي المضغوط أو الامريكي العصبي، كتب هوروفيتس. لقد قضى هوروفيتس سنوات كثيرة من حياته في الخارج، خلافا لي، ومع ذلك أنا اتجرأ على القول بأنه مخطيء. السويدي يتصرف حسب القانون وليس خوفا من الشرطة، والبريطاني مؤدب في الشارع ليس بسبب الكاميرات المخفية. الشارع هو القالب الذي يضم كل الغرائز والقيم واللغة والاخلاق الجماعية. بكلمات اخرى، الثقافة.

 

الشارع الاسرائيلي يسير بصورة سيئة. ليس بسبب أن الشرطة لا توجد فيه. ليس هناك تجارب في اسرائيل أقسى من تجربة القيادة في شوارعنا، توتر دائم. تأخير لمدة ثانية وصافرات الغضب تنطلق، توقف للحظة، وابواب جهنم تفتح، الغمازات هي فقط للمغبونين – لماذا تضيء الغماز، من الذي مات – اعطاء حق الاولوية هو دليل على الضعف؛ أن توقف السيارة وتبقي مكان لسيارة اخرى يعتبر عرض فني. لا يوجد شرطي يمكنه تغيير ذلك، أو أي سيارة شرطة يمكنها ذلك.

 

كل القسوة الاسرائيلية والزعرنة والعنف وعدم الاهتمام بالآخرين، أي آخرين، المرارة وربما الكراهية – كل ذلك على الاسفلت الاسود. اهلا بسيارة الجيب، أي ليلة تحيط بنا. لماذا تحولت

 

اسرائيل الى بلاد الجيبات؟ لأنها الاكبر والاقوى والاعلى والجارحة اكثر، بالضبط كما نحب. المهذبون واللطيفون ايضا يتحولون الى وحوش يقطرون الكراهية في الشارع الاسرائيلي، ولا توجد لذلك صلة بمتابعة تطبيق القانون.

 

اسرائيل توقفت عن قطف الازهار البرية، وعن أكل المكسرات في السينما، وعن الصاق العلكة على المقاعد، وعن التدخين في المطاعم وعن الاصغاء للافلام ليس بسبب الخوف من المفتش. في طفولتنا كان يوجد عدد كبير من المفتشين، ومع ذلك قمنا بالتدخين في السينما، السيجارة كانت بين الساقين. "رأيت ضوء المصباح، هذا يعني أن المفتش قد دخل، وهذا يعني أن هناك غرامة بانتظارنا، فرقة "الغشاشيم" غنت كلمات نسيم الوني في "سينما غشاش" ونحن ضحكنا. هذا توقف لأن اسرائيل تغيرت. هذا كان تغييرا لم يفرض من الاعلى، لقد اعتبر من قبل المجتمع أمر غير مرغوب فيه. وهذا مجدي اكثر من أي متابعة لتطبيق القانون.

 

في الشارع يحدث العكس، الشارع هو "الأنا" الاسرائيلية. هناك مسموح لها كل شيء. ألف شرطي لن يطفئوا ذلك. كلمة السر في الشارع، وهي كلمة السر لجميع الاسرائيلية: "مغبون". يجب أن لا تكون مغبونا، قيمة عليا. أنت تقف في الطابور على جسر روكح اذا أنت مغبون. أنت تخترق بفظاظة الطابور لتقف على رأسه، أنت لست مغبون ولن يضحك عليك أحد. ضعوا شرطي في روكح، الاسرائيلي سيميل نحو أيلون. ضعوا كاميرا في أيلون، الاسرائيلي سينحرف الى ارلوزوروف، ايضا تطبيق سنغافوري للقانون لن يغير الاطباع الوطنية.

 

الاسرائيليون الذين يسارعون لمساعدة امرأة عجوز على الرصيف، يهددون بسحبها مع سيارتها اذا قادت السيارة ببطء. الاسرائيليون الذين يتطوعون من اجل انقاذ ناجين من هزة ارضية في شبه جزيرة كمشتكا لا يسمحون لعجوز سير بأن يندمج في حركة السير، المحكمة لن تجدي. كل الكراهية والاحباط ينفجران على الشارع، جربونا، جربوا القيادة في دولة اخرى وشاهدوا كيف نتغير في دقائق. وذلك ليس بسبب الخوف من الشرطي السويدي.