الإسرائيليون يعتبرونه "السيناريو الأصعب"

ماذا لو اندفع الفلسطينيون بسيل بشري عارم نحو "إسرائيل"؟

الساعة 01:16 م|13 فبراير 2018

فلسطين اليوم

يتداعى نشطاء التواصل الاجتماعي لخيار الزحف الشعبي نحو الحدود، وبدأوا بالتنظير لهذا الخيار الذي بات وحيداً مع انغلاق الخيارات التي من بينها خيار "التسوية" التي أطلق عليها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب رصاصة "الرحمة" عندما اعترف بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل"، وتأتي الدعوات مع تزايد الضغوطات على اللاجئين الفلسطينيين، والتلويح بحل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وهو امر يشكل فرصة فلسطينية لفرض الواقع على "إسرائيل" والإقليم والعالم، وقد تربك بعض المخططات".

وخرجت دعوات شبابية على مواقع التواصل الشهر الجاري تنادي بالمشاركة في مسيرة ضخمة تجاه الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة عام 1948، وإنشاء مخيم هناك.

وأعلنت صفحة على "فيسبوك" تحمل اسم "مسيرة العودة الكبرى" عزمها إنشاء مخيم قرب السياج الحدودي (دون تحديد موعد لذلك).

دعوات مواجهة "إسرائيل" بسيلٍ بشري هائل يخترق السياج الفاصل من جميع الجهات لتجسيد حق العودة والتخلص من الازمات التي يعيشها الفلسطينيون المشردون في بقاع العالم بدأت تجد لها مسامع صاغية بعد نجاح جزئي للمبادرة التي نفذت على الحدود السورية واللبنانية في 15/مايو/2011 والتي انطلقت في ذكرى النكبة من 30 نقطة تنتشر على طول حدود الدول المحيطة بفلسطين التاريخية؛ وهيَ الأردن وسوريا ولبنان ومصر، إلى جانب ذلك شهد قطاع غزة والضفة والمدن المحتلة تفاعلاً كبيراً مع الدعوة، ولاقت ردود فعلٍ دولية تنادي بضرورة تنفيذ الأمم المتحدة لقرارات تنص على حق العودة.

الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله –واحدٌ من الذين كتبوا العديد من المقالات التي تؤيد فكرة التوجه للحدود ومواجهة إسرائيل بسيل بشري كبير- يقول في مقال له بعنوان (غزة قادرة على اجتياح الحدود..!): "ينبغي التفكير خارج الصندوق واستحداث خيارات ربما تكون أكثر جدوى فليس من الطبيعي أن نكرر نفس التجربة لنتوقع نتائج جديدة، ففي ذلك مغامرة بمستقبل شعب لا يحتمل التجارب أكثر، فماذا يعني أن تكون لاجئا بعيدا عن أرضك التي طردوك منها كيلومترات بسيطة وأنت محاصر وتنعدم كل ممكنات الحياة؟".

 أكرم عطالله: إسرائيل جهزت نفسها لكل الحروب لكن إمكانية مواجهة سيل من البشر فهذا ما لم تحسب لها حسابا، ان زحف كهذا وحده الكفيل بتحييد القوة المسلحة الإسرائيلية

ويضيف الكاتب عطالله "يمكن حل الأزمات التي يعاني منها اللاجئين بضربة واحدة .. وهي أن يذهب مليون لاجئ لاجتياح الحدود مع إسرائيل للعودة لوطنهم لإنهاء قضية اللجوء .. لم تفكر الفصائل بهذا وحينها يمكن أن يفهم العالم ماذا بإمكان الفلسطيني أن يفعل، لماذا لا نفكر بالحلول الكلية؟ فلتفعلها الفصائل .. ألم يعد الموت والحياة يتساويان في غزة؟
إنها دعوة لحل جماعي، وقطاع غزة قادر على تنفيذها بسبب بؤس الحياة حد الانفجار وبسبب قربه من الشريط الحدودي وسكيولوجية الغزيين التي تتميز بالاندفاع حد التهور وفشل الوسائل التي استخدمتها الفصائل في إيجاد حل يتطلب الانتقال لخطوة جديدة ثبت نجاحها وأمامنا مشهد سيول البشر في الربيع العربي التي لم تستطع وقفها أعتى الجيوش ومشهد اللاجئين السوريين الذين يندفعون للموت من أجل الحياة، فلماذا لا يندفع الغزيون للحياة بمئات الآلاف نحو الحدود الشرقية ولماذا لم تفكر الفصائل وهي ترى الفشل في وسائلها بهذا المنطق؟".

وتابع: الوصول إلى مبادرة متكاملة بالزحف نحو الحدود يحتاج إلى التبني من قبل القوى التي تستطيع قيادة الجماهير فهي قوى منظمة قادرة على الحشد، مطالبا أن يذهب الفلسطينيون بعائلاتهم وأطفالهم وشيوخهم للزحف نحو أرضهم .. سيل من البشر يتدفق شرقا يتقدمه الأطفال الذين يئنون من وطأة الحصار والشيوخ والنساء والشباب ولنا أن نتخيل المشهد وقد أثارت مبادرته جدلا كبيرا على صفحات التواصل الاجتماعي، ومؤيدون كثر، أكثرهم ضررا، طالب بالإعداد الجيد قبل التحرك، ماذا ستفعل إسرائيل حينها وهي الدولة التي تراقب كيف يحتضن العالم الحضاري اللاجئين السوريين؟ هل ستطلق النار؟ هل ستقتل الآلاف؟ لقد استشهد الآلاف في ثلاث حروب حتى الآن ولم نجن سوى الدمار والحصار فلماذا لا ندفع ثمن برنامج قد يضعنا نحن وإسرائيل والعالم على المحك؟ ..

ويشير عطالله أن "إسرائيل" ستقف عاجزة عن المواجهة ولن تستطع ممارسة القتل بالحملة وبالبث الحي والمباشر ولتفعلها إذا كانت تستطيع وهي تدعي من خلال بعض الأصوات أن إنسانيتها وصلت حد المطالبة باستقبال اللاجئين السوريين .. ها هم اللاجئون الفلسطينيون أقرب وهم يعيشون جحيم الحصار والدمار والعدم".

"لقد جهزت إسرائيل نفسها لكل الحروب .. قنابل نووية .. جيش أقوى من الجيوش العربية كما أراد بن غوريون .. ترسانة أسلحة ضخمة وسلاح طيران قوي .. وتفوق في أجيال السلاح .. لكن إمكانية مواجهة سيل من البشر فهذه لم تحسب لها حسابا، ان زحف كهذا وحده الكفيل بتحييد القوة المسلحة الإسرائيلية وهذا لم يجهز جيش إسرائيل نفسه مواجهته ولن يستطيع، ففي حزيران 2011 بعيد الاضطرابات في الإقليم كانت خلاصة ورشة لكبار ضباط الجيش تقول إنه لو بدأ ربيعا في الضفة الغربية لن يستطيع الجيش الإسرائيلي مواجهته وبعدها قامت إسرائيل بشراء مدافع صوتية وقنابل برائحة كريهة وقنابل غاز .. لكن أحد الحاخامات كان أكثر صراحة حين تساءل عن مستقبل إسرائيل حين قال، «لكن ما الذي سيحصل إذا زحف الملايين من الضفة وباقي الحدود»؟ الإجابة لدى الفلسطينيين وهي إجابة قد تشكل حلا لكل أزماتهم... ألم يتعبوا من أن يكونوا لاجئين محاصرين فقراء معدومين بائسين؟، قول عطالله.

ويختتم عطالله مقاله "الفكرة جديرة بالنقاش وهي تشكل برنامجا قادرا على المواجهة من منطق المعرفة الدقيقة لنقطة ضعف إسرائيل ونقطة القوة الفلسطينية، برنامجا قادرا على توحيد الشعب الفلسطيني في ربيعه الذي تأخر ويخرجنا من ثنائية العجز .. المفاوضات والسلاح التي لم تنجز الكثير بل وكانت مدعاة للانقسام .. برنامجا قادرا على أن يجعل تلك الدولة المدججة تجثو على قدميها .. الفصائل قادرة على تحويلها إلى رافعة للعمل .. وقد تعارضها أو لا تتعاطى معها فصائل لديها برنامج مختلف حتى لا ينكشف عجز برامجها ولكن هذه الفكرة قادرة على تحريك الواقع الأكبر قادرة على استدعاء كل وسائل الإعلام .. قادرة على تغيير حركة التاريخ إذا ما كان هناك إرادة .. وبالتحديد لدى القوى الفلسطينية .. وإذا لم تتبنها على الشعب نفسه أن يمتشق الراية ويشق طريقه معتمدا على ذلك ومخزونه الهائل من المعاناة والتوق للحياة ..!

في السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي د. عدنان أبو عامر في تعليقه على ترتيبات يقودها شباب فلسطينيون لتشكيل مسيرة العودة نحو الحدود "ترتيبات مسيرة العودة نحو الحدود المحتلة، قد تكون فرصة لفرض الواقع الفلسطيني على إسرائيل والإقليم والعالم، وقد تربك بعض المخططات".

 عدنان أبو عامر: مسيرة العودة نحو الحدود المحتلة، قد تكون فرصة لفرض الواقع الفلسطيني على إسرائيل والإقليم والعالم، وقد تربك بعض المخططات

ويرى أبو عامر ان نجاح ترتيب مسيرة العودة الكبرة يتوقف على ثلاثة عوامل (حجم الحراك والتحشيد له - توحد الجهود الشعبية والفصائلية مجتمعة حوله - توفر أجندة وجدول فعاليات منظم متفق عليه).

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري "أن مبادرة تنظيم انفجار شعبي مضبوط ومسيطر عليه باتجاه الحدود، وبالتحديد باتجاه إسرائيل، تطبيقًا لحق العودة، ومحاولة لكسر الحصار ومنع الانفجار وتوجيهه ضد الاحتلال، أشبه بتكرار للمبادرة التي نفذت على الحدود السورية واللبنانية في 15/5/2011، من خلال اقتحام حشود جماهيرية للحدود، ما أدى إلى إرسال رسالة قوية للعالم حول حق عودة اللاجئين، وسقوط عشرات الشهداء والجرحى".

هاني المصري: خيار اقتحام الجماهير للحدود يرسل رسالة قوية للعالم حول حق عودة اللاجئين ولكن بحاجة إلى دراسة من جميع الأبعاد

ودعا المصري في مقال له بعنوان (تقدير استراتيجي .. سيناريوهات الحل والمصالحة وآفاق الوضع في قطاع غزة) إلى التكفير مليًا، ودراسة الاحتمالات المختلفة بشأن تنفيذها، إذ لا ينفع الجزم من دون تفسير مقنع بأن إسرائيل لن تتخذ إجراءات مسبقة قد تصل إلى تحويل الشريط الحدودي إلى "حزام من نار" لمنع الاحتشاد فيه، أو أن ترتكب مجزرة كبيرة لوقف الزحف الشعبي، حتى لو كان سلميًا 100% ومنظمًا ومنضبطًا بشكل كبير جدًا".

وأشار المصري إلى ان "أنه من غير المؤكد أن تشارك أعداداً كبيرة من المتظاهرين في الزحف الشعبي عبر الحدود في ظل الانقسام والفجوة الكبيرة بين الشعب والقيادة والفصائل والترهل والفساد، وبعد عدم التجديد في المؤسسات والأشخاص، ولأن اليأس المخيِّم على الأجواء الفلسطينية يُحد من الحركة الجماهيرية الواسعة. وهذا لا يعني الامتناع عن هذه الفكرة، ولكن يجب أن تكون التوقعات واقعية، مع الحرص على أن يكون الزحف الشعبي سلميًا، حتى لو اقتضى الأمر على الحدود من دون اجتيازها إلا بشكل منظم ومحسوب جيدًا".

من جانبه، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي "أن الإسرائيليين يجاهرون أن سيناريو الرعب الذي يخشونه يتمثل في توجه حشود كبيرة من الغزيين صوب الحدود، على اعتبار أن هذا التطور سيمثل تحديا سياسيا وأمنيا واقتصاديا للكيان الصهيوني".

صالح النعامي: الإسرائيليون يجاهرون أن سيناريو الرعب الذي يخشونه يتمثل في توجه حشود كبيرة من الغزيين صوب الحدود

ودعا النعامي إلى اعتماد إستراتيجية عمل مضادة تقوم على توجه حشود جماهيرية ضخمة باتجاه الحدود مع فلسطين 48، للتأكيد على أن الفلسطينيين في غزة لن يقبلوا أن يكونوا مادة لبعث الرسائل ولن يقبلوا بالموت البطيئ بواسطة حصار إسرائيل ونظام السيسي وعقوبات محمود عباس.

وكان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، قال "إن رداً على قرار ترامب ينبغي ان يكون ردنا وما ينبغي ان نفكر به كلاجئين هو العودة الى الارض وعبور الحواجز واقتحام خط الهدنة عام 48 بعشرات الالاف من غزة والضفة والشتات والبقاء هناك في ارضنا المحتلة امام اعين العالم ووسائل الاعلام، وسنرى كيف سيتصرف المجتمع الدولي ودعاة حقوق الانسان حين ذاك".

 

كلمات دلالية