يطلقون النار ويدفعون الثمن -معاريف

الساعة 01:24 م|27 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي ميلمان

(المضمون: اتفاق التعويضات بين اسرائيل والاردن إثر الحادثة في السفارة في عمان هو نمط يكرر نفسه: اسرائيل ترفض اخذ المسؤولية، تجر الارجل، واخيرا تتنازل وتدفع الثمن بفائدة مضاعفة - المصدر).

إنثنت اسرائيل هذا الاسبوع امام الاردن واضطرت لان تدفع تعويضات على حادثتين قتل فيها حراس اسرائيليون مواطنين اردنيين. لقد اصبح هذا الاستسلام نمطا يكرر نفسه كل بضع

سنوات: جهاز الامن يفشل امام المواطنين او الجنود من دول اخرى، تلك الدول تطلب الاعتذار والتعويض من اسرائيل، وهذه ترفض في البداية. ومثل شركات التأمين، فان حكومة اسرائيل هي الاخرى تجر الارجل، تحاول التسويف في الوقت وفي النهاية تتنازل وتدفع بفائدة مضاعفة. باختصار: يطلقون النار، يتجاهلون، ينفون وبعدها يدفعون الثمن. لقد سبق لهذا ان حصل خمس مرات، وفي ثلاث من الحالات كان رئيس الوزراء هو بنيامين نتنياهو.

في 8 حزيران 1967، في اليوم الرابع لحرب الايام الستة، أغارت طائرات سلاح بالخطأ على سفينة التجسس الامريكية ليبرتي، امام شواطيء العريش في سيناء. وقتل في الغارة 34 ملاحا ورجال طاقم، واصيب 171. ادعت اسرائيل بانها اعتقدت بانها سفينة مصرية، ولكن الكثيرين في الولايات المتحدة رفضوا تصديق التفسير، وبالتأكيد ليس المصابين وابناء عائلاتهم. وكلما تخندقت اسرائيل في موقفها هكذا تعاظمت نظريات المؤامرة، التي يتبناها غير قليلين حتى اليوم. ورغم كل لجان التحقيق في اسرائيل والوثائق الرسمية الامريكية التي اتضحت بان هذه كانت عملية مبيتة، فان محبي المؤامرات لا يدعون الحقائق تشوشهم. فعلى مدى السنين رفضت اسرائيل الاعتراف بمسؤوليتها، ولكن في مرحلة معينة انثنت ووافقت على دفع 12.7 مليون دولار لعائلات القتلى والجرحى.

مرت سبع سنين وتورطت اسرائيل مرة اخرى. في تموز 1973 قتل مقاتلو وحدة العمليات "قيساريا"، احمد بوشيكي في مدينة الاستجمام "ليهامر" في النرويج. فقد اعتقدوا بالخطأ ان هذا هو حسن علي سلامة، رجل العمليات الكبير في م.ت.ف، الذي كان مشاركا في التخطيط لقتل 11 رياضيا في ميونخ. كان هذا خطأ في التشخيص. ومن صفي كان نادلا مغربيا زوجته النرويجية كانت حاملا.

حتى اليوم تعتبر هذه العملية أحد الاخفاقات اللاذعة للموساد. ستة من رجال الخلية اعتقلوا وارسلوا الى فترات سجن. اسرائيل لم تأخذ على عاتقها اي مسؤولية مع أنه كان واضحا للجميع انها هي التي تقف خلف الاغتيال. في 1996 استسلمت وأعربت حكومة اسرائيل عن اسفها (دون الاعتراف بالذنب على قتل بوشيكي، ووافقت على دفع تعويضات بمبلغ 400 الف دولار لابنه الذي يعيش في النرويج.

بعد سنة، في 1997، كان امتناع اسرائيل آخر. مقاتلان من وحدة "كيدون"، وحدة عمليات رأس الحربة في الموساد، امسك بهما في الاردن بعد محاولتهما تصفية زعيم حماس خالد مشعل برشه بالسم. وفر مقاتلان آخران الى السفارة الاسرائيلية في عمان. رئيس الوزراء الذي اقر العملية على ارض الصديقة الاستراتيجية الاكبر لاسرائيل في العالم العربي، حتى بثمن المخاطرة بالعلاقات، كان نتنياهو. اما الملك حسين الذي شعر بالاهانة الشخصية من الخيانة الاسرائيلية – رئيس مخابراته قال لرئيس الموساد داني ياتوم: "طعنتمونا بسكين في الظهر" – هدد بارسال وحدة عسكرية لاقتحام السفارة اذا لم يسلم رجلا الموساد. كما هدد بقطع العلاقات مع اسرائيل

فاستدعى نتنياهو على عجل لمساعدته رجل الموساد القديم افرايم هليفي (الذي في غضون وقت قصير سيحل محل ياتوم في رئاسة الجهاز)، والذي كان يعرف الملك منذ سنوات عديدة. وتوصل هليفي الى اتفاق انهى الحدث الخطير: فقد "احيت" اسرائيل مشعل، الذي كان على شفا الموت السريري، من خلال اكسير مضاد للسم، اعد لحالة ان يتضرر احد المقاتلين بالخطأ. كما أنها اعتذرت ووعدت بانها لن تعمل ابدا مرة اخرى على الارض الاردنية. كما حررت اسرائيل من حبسه مؤسس حماس وزعيمها الروحي الشيخ احمد ياسين.

بعد مرور 13 سنة مرة اخرى تورطت اسرائيل في حادثة نهايتها ان تنتهي بذات النمط. في 2010 حاولت قوة من الوحدة البحرية 13 السيطرة على السفينة التركية "مرمرة"، وعليها نشطاء من مؤيدي حماس ابحروا لكسر الحصار على غزة. القوة العسكرية، التي تعرضت للاعتداء من بعض النشطاء، فشلت في انهاء مهمتها بلا اصابات. وقتل 9 نشطاء أتراك. طلب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من اسرائيل الاعتذار ودفع التعويضات. اسرائيل رفضت ولكن في النهاية، على طريقة شرائح السلامي، استسلمت مرة اخرى. بداية اعتذر نتنياهو في مكالمة مع اردوغان، بعد ذلك، في ختام مفاوضات طويلة وافقت اسرائيل على دفع 21 مليون دولار لعائلات المصبين. تركيا من ناحيتها تعهدت بوقف الاجراءات القانونية ضد ضباط وجنود الجيش الاسرائيلي واوفت بتعهدها. ولكنها تنتهك تعهدا آخر لها: ان تطرد من اراضيها قيادة حماس ونشطائها.

 

والان، نصل الى القضية الاخيرة في السلسلة. في تموز 2017 قتل حارس وزارة الخارجية اردنيين في نطاق السفارة الاسرائيلية في عمان. صاحب البيت وشاب جاء لتركيب اثاث في الشقة. ادعى الحارس بانه تعرض لاعتداء بمفك. حاولت اسرائيل تهريب كل فريق السفارة، ولكنها لم تنجح