خبر « سنعيش في ظل الخوف دائما ».. يديعوت

الساعة 01:39 م|25 ديسمبر 2008

بقلم: يغئال سيرنا

يوم امس في الساعة الرابعة والنصف فجرا استيقظت ميشي حزيزا على صافرات الانذار لتجد نفسها في اليوم الاكثر عرضة للقصف حتى الان . في المساء السابق نامت على الاريكة في صالون المنزل لانها ارادت ذلك. فالان اجازة عيد الانوار وهي صبية مغنية عمرها (15) عاما ومن المسموح لها ان تفعل ذلك.

عندما تعالى صوت مكبرات الصوت مع الفجر، غطت نفسها بشرشف يغطيها حتى الرأس- وواصلت النوم "لانني اشعر انني في امان بهذه الطريقة". في الساعة الثامنة والنصف تعالى صفير الانذار مرى اخرى وسقطت الصواريخ حول سديروت في الحقول وفي القرى الاخرى. واخيرا وسط المدنية بجانب قاعات افراح ملخيئيل الا ان ميشي قد سئمت وملت من التراكض نحو الملجأ المغلق في الاسفل او الخروج من السرير الى الممر لانهم لا يمتلكون غرفة محصنة. "انا تعبت من كل هذا". ولذا غطت جسمها وبدأت من ذلك المكان الدافىء بمراسلة صديقتها عبر هاتفها الخليوي.

ايام من الهدوء

الرسائل التي يرسلها الاطفال لبعضهم هي لغة الخوف هنا. ميشي عرضت علي ما كتبته لصديقتها: "رالي لم تعد لدي قوة لتحمل ذلك". "استغفري ربك يا ميشي ماذا تقولين" ردت رالي. "اوف ف ف ... بعد قليل سأبدأ في البكاء" ردت ميشي. "لقد اصبحت حياتنا سيئة بالمرة". ردت الصديقة. ولكن عندما اتيت للمنزل في ساعات الظهيرة وجدت ميشي مفعمة بالحيوية استعدادا للغناء امام رئيس الدولة شمعون بيرس. الاغنية "ايام من الهدوء". "ها هي ايام الهدوء تطل علينا بعد الضجة الكبرى. وسيكون من الممكن النوم قليلا على الشرفة" بهذه الطريقة تتأرجح هذه الفتاة بين اليأس والشهرة بين المرارة والحزن على حياتها الضائعة في سن الخامسة عشرة وبين امال امها تكفا الكبيرة التي كانت اول طفل يولد في سديروت قبل (54) عاما لان امها تدفعها نحو احتراف الغناء. ميشي حزيزا مطربة الجنوب. مطربة القسام.

امها عرضت عليها اغانيها الجميلة عندما شاركت في مباراة الغناء في اسدود. انها جميلة ومليئة بالقوة. اطفال سديروت هم طراز خاص يمتلك القدرة لاجتياز كل شيء والتغلب على الصعاب. اخصائيون نفسيون حدثوني في المدينة اكثر من مرة عن المشاكل التي ستحدث لهؤلاء الاطفال في المستقبل. الأكاذيب والشعارات الجاهزة.

اطفال غزة تحت النار ومعهم اطفال سديروت. اطفال الخوف والتوتر . كل آلياتهم الدفاعية ومناعتهم تسحق، ولكن هناك لدى الاطفال عموما شيئا ما يبعث على الامل ولا يمتلكه البالغون. هذه طبيعة الحياة. الطفل هو دائما امل المستقبل الواعد، اما الرشدون فغارقون في الاعيبهم الخطيرة وثرثراتهم واكاذيبهم وزيفهم. كلما اصبح الوضع اكثر اثارة للبلبلة واكثر تعقيدا واكثر صعوبة على الحل، تكاثرت الشعارات الجاهزة وزدادت  الاكاذيب لدرجة تدفعك للصراخ والقول كفى.

المنطقة امتلأت بالامس بين الرشقات الصاروخية التي اطلقت على منطقة غلاف غزة بالمصوَرين من منطقة السهل الساحلي. سرت في اثر الرئيس شمعون بيرس من اشعال شمعة العيد في مصنع اوسم الجديد، مرورا بالمركز الجماهيري وانتهاءا بالمدرسة. ثلاث مرات اشعل بيرس شمعة. تحدث عن انتصار مفتخر ونظيف ينتظرنا. وتحدث عن المكابيين واليونان وانتصار الاقلية في مواجهة الاغلبية. "اجتزنا 60 عاما صعبة وقاسية، وفي كل مرة خرجنا منها اشد قوة واكثر كبرا... وفي ذات يوم ستتفاخرون بابنائكم "، وعد الرئيس الجمهور الذي ملأ نصف المركز الجماهيري بالكاد. نوحي دنكنر جليس هناك. دان فروفر وصل قبل ذلك. وكذلك بعض الاشخاص الاخرين.

الرئيس قام بعدة انشطة وفعاليات وقص شريطا هنا وهناك. مر بجانب مركز ابحاث حديث لانتاج المأكولات الخفيفة، وغنى مع جوقة اطفال متدينين وتذوق بعض المأكولات الخاصة بالاطفال. في غرفة الطعام اخطأ حيث بدأ يتحدث عن بيت شيمش ولكنه قوم نفسه بسرعة وذكر سديروت ذلك لان المشاكل انما تتنقل من بلدة الى اخرى. "ليس هناك رد اكثر ملائمة لهذا الوضع من اقامة مصنع جديد في هذه المنطقة؟" قال الرئيس.

"سديروت استيقظي؟"

في مكان اخر شاهدت بعض مخمني ضريبة الاملاك وهم يقومون بمسح للاضرار التي لحقت بالمنازل والممتلكات. احد المواطنين قال لبيرس صارخا "الى متى؟". بيرس هدأ من روعه فهو خبير جدا في الاحتجاجات. "الاجيال القادمة ستحتفل بعيد المكابيين خاصتكم؟" وعد بيرس ابناء سديروت بالنصر المجيد طالبا منهم ان يتحلو بالصبر والثقة الكاملة بالجيش الذي يعرف جيدا ماذا يفعل.

في الخارج حيث خيم ظلام المساء، شاهدت تجمرها صغيرا في وسط المدينة. كان هناك بعض المراسلين والصحافيين واحد المواطنين قصير القامة ذو شاربين وعلى راسه قبعة بيريت وعلى صدره لافتة بخط يده : "سديروت استيقظي؟ ستتلقين روليتا". هو رفع راية كبيرة وسار وحده في الشوارع الفارغة.

"انا لا انام في الليل" قال لي، "لقد سئمت من شدة الخوف والفزع". من بعيد شاهدنا بريق قذيفتين سقطتا بجانب الكيبوتسات. عندما عدت الى تل ابيب مثل الضيوف الاخرين في ذلك الحدث، بقيت ميشي في ذاكرتي. ميشي تعود الى منزلها من استعراضها الغنائي القصير امام الرئيس حتى تنام في الصالون مع الخوف والفزع. قلبها سينبض نبضة اخرى مع كل صافرة انذار بسقوط صاروخ.

"حتى ان سكنت يوما واحدا في تل ابيب، سأقفز من فراشي فزعة عندما يقومون في كل مرة بازالة القمامة" قالت لي. "هذه مسألة بكل العمر، سنعيش دائما مع الخوف" . ميشي وامها واختها عادوا بعد شهر من زيارة جميلة وممتعة لجنة عدن في تايلند وهنا تستقبلهم النيران التي تسقط من السماء. هناك ايضا كانت تقفز فزعة عندما تسمع اي ضجيج. وهناك ايضا بحثت عن مكان لرؤية "الاخ الاكبر". كل شيء يلتصق بجلدك. هويتك الاسرائيلية ستلحق بك اينما هربت منها. الضغط، العشيرة، الخوف وكذلك الفرح والامل.