عباس لم يتغير..لماذا كانت شكوك “حماس″ و”الجهاد” في محلها؟

الساعة 10:45 ص|16 يناير 2018

فلسطين اليوم

بقلم : عبد الباري عطوان

جاء خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في افتتاح دورة انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله مخيبا للآمال، لانه لم يتطرق مطلقا الى القضايا المحورية التي يطالب الشعب الفلسطيني باتخاذ قرارات حاسمة بشأنها، مثل سحب الاعتراف بإسرائيل، وانهاء التنسيق الأمني معها، وإلغاء اتفاقات أوسلو، الامر الذي يؤكد بأن شكوك الحركات والفصائل الفلسطينية التي رفضت المشاركة في الحضور مثل حركتي “حماس ” و”الجهاد الإسلامي” والجبهة الشعبية “القيادة العامة” كانت في محلها.

الرئيس عباس كرر في خطابه ما قاله في العديد من خطابات سابقة، مثل القول بأن السلطة التي يرأسها بلا سلطة، وان هذا الوضع لم يستمر، ولكنه لم يطالب مطلقا بتصعيد الانتفاضة وتقديم كل الدعم لها.

صحيح انه ابدى اعجابه بالانتفاضة الفلسطينية الأولى التي جاءت بالسلطة الى رام الله عبر بوابة تنازلات اتفاق أوسلو، ورفض الثانية المسلحة، واكد ايمانه بالمقاومة الشعبية السلمية، ولكنه في واقع الحال لا يريد أي انتفاضة سلمية كانت او مسلحة، ويفضل بعض الاحتجاجات التي يشارك فيها العشرات في مواجهة الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية.

فاذا كانت القدس ازيحت من مائدة المفاوضات في “صفقة القرن” وحلت محلها بلدة “ابو ديس عاصمة لدولة فلسطينية مهلهلة فاقدة السيادة والحدود، على حد قوله، فإنه لم يذكر مطلقا من حمل له هذا العرض، أي المملكة العربية السعودية وولي عهدها، مثلما لم يكشف عن خططه لمواجهة هذه التصفية الإسرائيلية المدعومة أمريكيا للقضية الفلسطينية.

كان لافتا ان الرئيس عباس عبر عن اعجابه بإستراتيجية المفاوض الإيراني مع الدول الكبرى حول الاتفاق النووي، وهذا شيء جميل، ولكنه ينسى ان هذا المفاوض كان صلبا ودقيقا، وتوقف عند النقطة والفاصلة، ولم يقدم أي تنازلات، مما اطال عمر المفاوضات ما يقرب الأربع سنوات، بينما لم تستغرق مفاوضات أوسلو الا أربعة اشهر على الأكثر التي اشرف عليها الرئيس عباس بنفسه، ولهذا جاءت مسلوقة ومليئة بالكثير من الثغرات ولم تتمخض المفاوضات التي انبثقت عنها، واستمرت اكثر من 23 عاما عن دولة فلسطينية، او حتى توسيع صلاحيات الحكم الذاتي وحدوده، بل مضاعفة المستوطنات في الضفة والقدس المحتلة ثلاثة اضعاف على الاقل، بحيث بلغ عدد المستوطنين فيهما ما يقرب من 750 الفا.

الإصرار على عقد اجتماع المجلس المركزي في رام الله كان خطة مدروسة لتجنب مشاركة المعارضين للسلطة وسياسة الرئيس عباس، ولضمان صدور بيان ختامي باهت لا يتضمن أي جديد، وحتى لو تضمن هذا البيان مواقف رافضة للاحتلال واتفاقات أوسلو وإلغاء الاعتراف بإسرائيل والتنسيق الأمني معها، فإن هذه القرارات والمواقف لن تنفذ على غرار مثيلاتها التي صدرت عام 2015 عن المجلس نفسه.

الرئيس عباس يقول انه لا يريد عقد المجلس المركزي خارج الأراضي الفلسطينية، وهل قطاع غزة “المحرر” أراضي فنزويلية مثلا، فلماذا لا يعقد الرئيس عباس جلسة المجلس على ارض القطاع، خاصة ان السلطة ممثلة في رئيس الوزراء رامي الحمد الله قد تسلمت السيطرة على كل الوزارات والإدارات من حركة “حماس.

بات يصعب علينا تصديق أي كلام يقوله الرئيس عباس، بما في ذلك وقف الاتصالات مع الإدارة الامريكية احتجاجا على قرار ترامب بنقل السفارة الى القدس المحتلة، فكيف يقاطع الرئيس عباس أمريكا، ويرفض لقاء مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، ويوجه في الوقت نفسه الدعوة للقنصل الأمريكي في القدس المحتلة لحضور اجتماعات المجلس المركزي، ولولا احتجاج الجبهة الشعبية واشتراطها سحب الدعوة هذه لكان حضوره مؤكدا، والحفاوة به في ذروتها.

الرئيس عباس اكد مرة أخرى انه لم يتغير ولن يتغير، ويسير على النهج نفسه في تبني عملية سياسية تفاوضية كارثية حرصا على بقائه والمجموعة الملتفة حوله في قمة السلطة، والشعب القابل لهذا الوضع لا يستحق غير هذه القيادة.

كلمات دلالية