منازل مستورة تخشى القادم

تقرير "بحبحة في غزة"..غاز بالشيكل ودواء بالحبة وأسواق خاوية وعروض خاسرة

الساعة 09:40 ص|16 يناير 2018

فلسطين اليوم

" بكاؤهُ ملأ المكان وهو يستجدي والدته أن تعطيه شيقلاً واحداً ليشتري ما يشاء كباقي الأطفال ،إلا أن الضرب والصراخ من أمه أنه لا يوجد في المنزل أي شيء مزق قلب كل من سمع صراخهما من المارة في الصباح الباكر..".

عائلة مستورة من بين آلاف الأسر التي لم ترحمها الأوضاع الاقتصادية وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وسط غياب الأفق وبُعد المسافة بينهم وبين البحبحة التي تحدث عنها الرئيس "محمود عباس" لانفراج الوضع المـأزوم في قطاع غزة واستلام حكومة الحمد لله القطاع منذ أكثر من 100 يوم دون أي تحسن للظروف.

" تعبئة أسطوانات الغاز للنصف أو بقيمة بضع شواكل لم يصدقها العديد من المواطنين " مراسل فلسطين اليوم" تجول بين عدد من محطات تعبئة الغاز ليتأكد أن العديد من أرباب البيت يتوسلون لتعبئة الأسطوانة ب10 شواقل أو 20 شيقلاً لعدم تلقيهم رواتب.

أسطوانات الغاز لم تكن الأولى من بحث المواطنين عن حلول لأوضاعهم الصعبة، فكانت الأدوية من ضمن قائمة التقليصات والبحث عن حلول في ظل صعوبة الحال.

رانية إبراهيم وتعمل في إحدى صيدليات القطاع، أكدت أن المواطنين منذ سنوات يطلبون الأدوية بالأشرطة وليس كما هو بالروشتة والتي قد تكون 3 أو أربعة أشرطة .

وقالت رانية لمراسلة "فلسطين اليوم": إن الجديد من طلبات المواطنين ليس الشريط إنما بالحبة, وهذا غير مقبول نهائياًلتلافي فساد " الدواء" , مشيرةً إلى أنها تعطي معظم المواطنين الأدوية "بالدين" ولكن من شدة تراكمها " أوقفت الديون ".

وما هز صفحات الفيس بوك خلال الأيام الماضية هو الحديث عن المرأة التي تقوم بغسل "البامبرز" لتعاود استخدامه مجدداً نظراً لوضعها الاقتصادي السئ وعدم قدرتها على الشراء،  حالة من السخط والغضب للوضع الاقتصادي السيئ الذي وصل له قطاع غزة والبحث عن حلول عاجلة لإنقاذ القطاع من السقوط في الهاوية والأزمات.

الأزمات لم تترك أحداً، فقد خلت أسواق الملابس نهائياً من المواطنين, وبقى لسوق الخضار بعض الزائرين الباحثين عن الأطعمة الأرخص لسد رمق أطفالهم.

فالأوضاع الصعبة دفعت مؤسسات القطاع الخاص في قطاع غزة، للإعلان عن إضراب تجاري شامل الأسبوع المقبل؛ نتيجة الانهيار الاقتصادي الكارثي الذي أصابهم جراء الحصار" الإسرائيلي" والانقسام.

إضراب لتحريك المياه الراكدة

وقال رئيس الغرفة وليد الحصري، مؤتمر صحفي: نحن في مؤسسات القطاع الخاص ونتيجة لهذا الانهيار الكارثي نعلن عن أولى خطواتنا من ضمن سلسلة خطوات التي سوف نقوم بها بإعلان إضراب تجاري شامل الاثنين المقبل الموافق 23-1-2018.

وحمّل الحصري، المسؤولية لكافة المسؤولين الفلسطينيين والمؤسسات الدولية عن هذا "الانهيار" الذي طال كافة مناحي الحياة في قطاع غزة.

وأضاف "إننا في مؤسسات القطاع الخاص باسم آلاف المنشآت الاقتصادية وعشرات الآلاف من التجار ورجال الأعمال والصناعيين والمقاولين والزراعيين والعاملين لديهم نطلق هذا النداء العاجل كصرخة أخيرة؛ بعد أن وصلت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الكارثية التي يمر بها قطاع غزة إلى نقطة الصفر وقاربنا من الانهيار الاقتصادي".

إسرائيل تحذر

أما أوساط أمنية "إسرائيلية" فحذرت من تدهور الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة الى مستويات غير مسبوقة، وبالتالي التعجيل في تفجر الأمور، في حين بدا أن المستوى السياسي غير مبالِ بالأزمة الإنسانية.

ويرى المستوى السياسي وفقاً لصحيفة "هآرتس" العبرية، أنه بالإمكان مواصلة الضغط العسكري على حماس من خلال تجاهل متواصل للضائقة الإنسانية التي يعيشها القطاع.

في الوقت الذي يرى فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي أن هكذا توجه يبعث على القلق على المدى البعيد، "فقد يتسبب كل هذا الضغط والتدهور الاقتصادي إلى انفجار خارج عن السيطرة"، بحسب الأوساط الأمنية.

وتحدثت الصحيفة عن انخفاض كبير في معدلات الشراء في قطاع غزة، ما دفع التجار إلى تقليص عدد الشاحنات الإسرائيلية التي تصل معبر كرم أبو سالم إلى قرابة النصف خلال الأشهر الأخيرة.

الانفجار قادم

ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، أن كافة المؤشرات تؤكد أن قطاع غزة دخل في مرحلة الانهيار الاقتصادي"، محذرًا من انفجار قريب في حال لم تُنهي "إسرائيل" حصارها المستمر للقطاع منذ 11 عامًا.

وذكر الطباع لمراسلنا" انه وخلال استعراضه للتقرير السنوي لعام 2017 الذي أصدره بين أن غزة "أصبحت نموذجًا لأكبر سجن في العالم، بلا إعمار ومعابر وماء وكهرباء وعمل ودواء وتنمية وحياة"، داعيا المؤسسات الدولية الضغط الفعلي على الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء حصاره الظالم على القطاع، وفتح كافة المعابر التجارية وإدخال احتياجات غزة من السلع والبضائع، وعلى رأسها مواد البناء دون قيود وشروط؛ لإنقاذ القطاع من حالة الموت السريري التي يعاني منها.

وأضاف: " يجب أن يعلم الجميع أن الخناق يضيق بقطاع غزة والانفجار قادم لا محال".

وحذراقتصاديون لفلسطين اليوم من عدم وجود صادرات ولا تجارة داخلية أو خارجية، كما أن عوائد الدخل محدودة جدا، لافتا إلى أن أهم أسباب الركود الاقتصادي بغزة هو ندرة المال لعدم وجود مدخولات، لأن قطاع غزة يعتمد على رواتب الموظفين، وهو ما أدى لضعف القوة الشرائية وخاصة تدمير الكثير من المنشآت الاقتصادية.

ودعا  إلى ضرورة أن تنظرقيادة السلطة والفصائل بجدية إلى تطورات الأوضاع بغزة، وخاصة كون غزة ذاهبة إلى الهاوية.

ومهما كانت الأوضاع الاقتصادية تزداد من يوم لآخر تلوح هذه الأيام قضية موظفي الأونروا في الأفق وبقوة , مما يهدد بمزيد من الانهيار الاقتصادي للقطاع , الأمر الذي يتطلب ضرورة التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع المدمر.

كلمات دلالية