خبر إسرائيل: معركة الانتخابات في قلب غزة ..بلال الشوبكي *

الساعة 04:31 م|24 ديسمبر 2008

تقليديا، يمكن الجزم أن التطورات على كلا الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية تشكل عاملاً محدداً لسياسة كل منهما، بل تتجاوز هذا الأمر لتصل المتغيرات الداخلية في أي من الساحتين إلى موقع صياغة موازين القوى الداخلية في الساحة المقابلة. حالياً، وكون المتغير الأبرز منذ عامين أو زد قليلاً، هو حكم حماس المنفرد في غزة، فإن الطرف المتأثر بذلك هو الجانب الاسرائيلية، سواء في سلوكه السياسي، أو في حراكه الداخلي وإعادة تشكيل موازين القوى الداخلية.

 

المميز في هذه الحالة، هو حالة التقارب غير المعهودة بين الأحزاب الاسرائيلية فيما يخص التعامل مع قطاع غزة، وهذا ما ظهر جليا قبيل انتخابات 2009 الإسرائيلية، حين تبين أن غالبية الأحزاب الإسرائيلية تتبنى نهجاً استئصالياً لحكم حماس، بتفاوت وتباين الأدوات. وفي ظل حالة التوافق الضمني على ضرورة مواجهة حماس، فإن المنافسة الحزبية الداخلية في ظل الحملة الانتخابية الإسرائيلية سترتكز على قاعدة رئيسية مفادها، إثبات القدرة على تحجيم حماس.

 

هنا يظهر قطاع غزة الآن كعامل متأثر بالتطورات الداخلية الإسرائيلية وليس العكس، وفي ظل تركيز قوى المعارضة الإسرائيلية وخاصة الليكود في دعايتهم الانتخابية على هشاشة كاديما وأداواتها في التعامل مع حماس، فإن الأخير لن يبدي في هذه المرحلة أي تساهل مع قطاع غزة، حتى لا يظهر أمام الناخب الاسرائيلي كمن يجتر الفشل من بيروت إلى غزة، مضافا إلى ذلك حرص كاديما على عدم تعزيز ادعاءات الليكود عموما ونتنياهو على جه الخصوص، وبذلك يبدو قطاع غزة ساحة لاستعراض القوى بين الأحزاب الإسرائيلية.

 

جدير هنا الاشارة إلى أن تعامل كاديما الحازم وغير المتساهل لا يمكن حصره فقط في إطار التعامل العسكري، فإن استطاع تأمين فترة جديدة من الهدوء على حدود القطاع مع إسرائيل، فإن ذلك سيخدمه أكثر من محاربة حماس والمخاطرة بحياة عدد كبير من الجند، المهم الآن بالنسبة لكاديما أن يثبت قدرته على التعامل مع حماس، لا أن يثبت قدرته على استخدام السلاح ضدها.

 

الناخب الإسرائيلي عموما، ليس صانعا للسياسة بقدر ما هو متكيف معها، ولذلك فإن ساسة إسرائيل هم من يحددون المعايير التي على أساسها سيصوت الناخب وليس العكس. عمليا، لا يوجد الآن سوى حزب كاديما من هو قادر على إدخال العمليات العسكرية كمعيار للتصويت، فهو الآن من يحكم وبيده القوة العسكرية، وأعتقد أن كاديما سيدرس هذه المرة خياراته بشكل أكثر دقة، وسيحاول الابتعاد قدر الإمكان عن أي خيار يعيد إلى الأذهان حزيران 2006.

 

لكن إن تم استخدام القوة، فإن ذلك سيؤثر بشكل قوي على مجرى الانتخابات، وأعتقد أن التغييرات لن تكون في صالح كاديما، فإذا ما ظهر للناخب الاسرائيلي أن الحل مع قطاع غزة هو حل عسكري، فإنهم سيصوتون لمن هو أقدر على تنفيذ هذا القرار، والمقصود هنا الليكود. فكاديما لم يكن خيار إسرائيل للحرب، وإنما كان خيارها لفك الارتباط والابتعاد عن مأساة المواجهة مع قطاع غزة، وإن غيّر كاديما وجهته، فإن مبرر وجوده إسرائيليا لن يبقى قائما.

 

* محاضر في قسم العلوم السياسية – جامعة النجاح الوطنية