إرهاب الكنيست وسلمية التشريعي!.. بقلم/ د.أحمد الشقاقي

الساعة 09:31 ص|03 يناير 2018

فلسطين اليوم

ترجع أسباب ارتفاع مؤشرات الإحباط في الشارع الفلسطيني للعجز الرسمي، وكذلك الفصائلي عن تقديم جديد يقنع الرأي العام ويعطيه انطباع بأن هناك ثمة محاولات لتجاوز الواقع السياسي الملبد بغيوم الفشل وانحسار البدائل وتراجع الإرادة، على حساب لقمة العيش وضنك الحياة وتفاصيل جدول الكهرباء وانهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة.

وأمام هذا الواقع نشهد تراجعاً للمؤسسات الفلسطينية أمام هيمنة مؤسسات الاحتلال، ما بين نشاط حزبي يميني لمكونات العمل السياسي في دولة الاحتلال لصالح ضم المزيد من الأرض الفلسطينية، وتوجهات الكنيست نحو مزيد من القرارات التي تهاجم الهوية الفلسطينية، وتمنع الساسة الإسرائيليين من الذهاب نحو أي مسار لتسويات سلمية على حساب الواقع الجديد الذي تعيشه دولة الاحتلال بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال.

وما ذهب له الكنيست من قوانين وآخرها "القدس الموحدة" يعني عملياً انتهاء أحلام المراهنين على فريق إسرائيلي مؤمن بعملية تسوية تأتي بدولة فلسطينية عاصمتها القدس في أدني حدود المنطق الجغرافي وحتى السياسي.

وبنظرة سريعة للأداء الفلسطيني والإسرائيلي على مستوى المؤسسات التشريعية التي تصنع توجهات السياسية وتبني استراتيجيات المرحلة أمام الرأي العام. نلحظ مهزلة فلسطينية بامتياز، أركانها سلطة متهالكة وبرنامج سياسي متناقض وانقسام سياسي عماده المال والوظيفة.

الجهاز القضائي الذي يلاحق نتنياهو في قضايا الفساد، لا يقف عائقاً أمام اجتماعات حزبه لضم الضفة الغربية، ولا يمنع ائتلافه الحاكم من تمرير قوانين تحظر التنازل عن الحق الفلسطيني أمام أي تسويات أو صفقات سلام، عدا عن عدوانه المباشر وقتله للمدنيين الفلسطينيين في الضفة المحتلة وقطاع غزة.

أما الأشاوس الفلسطينيون فهم جاهزون للمناورة في المحافل الدولية، وبعد ما يقارب الشهر على القرار الأمريكي لم تلتقي الهيئات الفلسطينية! وتعلن نيتها الانعقاد في منتصف الشهر لتدارس الواقع والخروج بتوصيات تناسب المرحلة! وفي نفس الوقت لن تسحب الاعتراف ولن ترفع السلاح ولن تهدد، بل ستذهب لتبحث عن وسيط تسوية جديد.

إن تعطيل المجلس التشريعي عن العمل في ظل هكذا ظروف خيانة وطنية تستجوب المسائلة ومن حق كل مواطن أن يسأل نوابه أين انتم؟ وماذا فعلتم؟ وماذا تنتظرون؟

وإن اختفاء المجلس الوطني عن المشهد يدفع بعشرات التساؤلات عن دوره، فماذا ننتظر؟ حتى نشهد انعقاده بما يعبر عن الكل الفلسطيني، ومتى يلتئم الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير؟

الحالة الفلسطينية التي نعيشها بفعل الانقسام أصبحت مبرراً لكل أفعال التراجع الفلسطيني، حتى وإن كان ذلك يتعلق بمسار التضامن مع القدس المحتلة. فكيف يمكن تبرير المشاركة الكبيرة في مسيرات تطالب بالحقوق الشخصية للموظفين(والذين أتضامن مع حقوقهم) وغياب هذا المستوى من التفاعل مع قضايا الثوابت الوطنية.

إن خروج الشباب الفلسطيني ليلتحم مع الاحتلال في نقاط المواجهة والتماس في الضفة المحتلة وقطاع غزة حالة ثورية وطنية ينبغي تعزيزها، لكن هذا الخيار الصائب يحتاج إلى قرارات سياسية داعمة بحجم التضحية المبذولة حتى يمكن البناء على هذه الدماء التي تغضب لفلسطين والقدس، لا أن يترك الشباب في الميدان يقذفون المحتل بالحجارة وتقذفهم طعنات الانقسام في ظهورهم، يرهبون الاحتلال بشجاعتهم وتصطادهم شباك العقم لدى أصحاب القرار الفلسطيني.

إن المطلوب من القيادات الفلسطينية أن تشغل أنفسها بأجندات وطنية ليست فصائلية، فما زلنا نعيش مرحلة تحرر وطني، ومن المبكر القفز إلى بناء مؤسسات لا تعني سوى "صراف آلي" في توريط للمواطن بلقمة العيش ورهنه بالوظيفة على حساب الواجب.

أزمة القرار الفلسطيني تعود أسبابها لحملة التضليل الممنهجة للجمهور وإشغاله بتفاصيل الأزمات الخلافية، في حين أن المسألة ببساطة تحتاج إلى قرار وطني يوحد مسار السفينة الفلسطينية ويشترك الجميع في دفع فاتورته في سياق معركة النضال الفلسطينية المستمرة. وإن إقدام الجميع دون استثناء على خوض معركة موحدة ومفتوحة مع الاحتلال سيجعل الرأي العام الفلسطيني يؤمن بقيادته، لكن هذا القرار يقف أمامه من رأي أن ربطة العنق وجزالة الألقاب وامتلاك مواقع "التنفيذية" سيمكنه من إقامة الدولة المنتظرة في ظل الاحتلال.

كلمات دلالية