خبر ليفني في القاهرة تبحث عن التهدئة ..مصطفى الصواف

الساعة 12:54 م|24 ديسمبر 2008

أمس التقى الرئيس محمود عباس بالرئيس المصري حسني مبارك في أعقاب زيارته لموسكو وكان على جدول الأعمال موضوع الحوار والحصار والتهديدات الإسرائيلية وفي نهاية اللقاء خرج الرئيس محمود عباس لتحميل حركة حماس المسئولية لكل ما يجري في قطاع غزة وحملها فشل الحوار، وطالب الرئيس المصري باستئناف جهدها في هذا السياق من أجل إنهاء حالة الانقسام، والعمل على عقد تهدئة جديدة مع الاحتلال.

وغداً الخميس ستكون وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني في القاهرة العاصمة المصرية وستلتقي المسئولين المصريين وعلى رأسهم الرئيس حسني مبارك وعلى رأس جدول أعمالها موضوع التهدئة ونعتقد أنها ستطلب من مصر العمل على التدخل لدى فصائل المقاومة لتجديد التهدئة لفترة جديدة، بعد أن أنهت قوى المقاومة الفلسطينية تهدئة كانت معقودة برعاية مصرية.

ليفني قبل زيارتها للقاهرة صرحت تصريحات نارية تحمل في طياتها دعوة للناخب الإسرائيلي أن انتخبوني لرئاسة الوزراء وسأكون من يخلصكم من حماس وعبر عملية عسكرية تقضي على قطاع غزة، في نفس الوقت ليفني تتوجه إلى مصر من أجل تجديد التهدئة، أمر محير، تهديدات ودعوات، ماذا تريد تسيفى على الأقل في المرحلة الحالية؟

الواقع أن ليفني تسعى إلى تهدئة، نعم (إسرائيل) تريد تهدئة وتستجديها من قوى المقاومة في ظل الوضع السياسي القائم في (إسرائيل)، وهي توجه رسالة إلى الناخب الإسرائيلي تقول إن كاديما التي ستكون رئيسته في المرحلة القادمة هو من جلب الهدوء إلى الإسرائيليين وهو من تمكن في المرة الأولى في عقد تهدئة من المقاومة الفلسطينية وهي التي تجدد هذه التهدئة( لو كان هناك تجديد ) مرة أخرى وفي ذلك عملية إغراء للجمهور الإسرائيلي كي يعطي صوته لكاديما بدلاً من الليكود الذي أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية تقدمه واعتبرت أنه من سيقود (إسرائيل) في المرحلة القادمة.

نعم، (إسرائيل) تريد تهدئة، دون أن تدفع ثمناً لهذه التهدئة، لأنها تريد هدوءاً مقابل هدوء، هذا الهدوء الذي تسعى إليه ليفني يمكنها للالتفات إلى الجبهة الداخلية بعد أن تكون قد أقنعت الجمهور الإسرائيلي بقدراتها على تحقيق الهدوء دون ثمن تدفعه للفلسطينيين وتحديداً حركة حماس.

وفي نفس الوقت تهدد ليفني الفلسطينيين بالاجتياح وهي الآن من يشارك بشكل أكبر في صنع السياسة الإسرائيلية لأنها رئيسة الحزب الحاكم ووزيرة خارجية الحكومة القائمة، هذه التهديدات الإسرائيلية بإجتياح قطاع غزة  وتنفيذ عملية عسكرية واسعة أمر صعب التحقق، والمغامرة فيه تكلف (إسرائيل) ثمناً كبيراً لا يقدر أي من قادتها الحاليين من تحمل نتائجها، إضافة إلى ذلك هذه التهديدات تعتقد ليفني أنها يمكن أن تشكل سيفاً مسلطاً على رقاب المقاومة الفلسطينية وقياداتها السياسية وتحديداً حركة حماس وتهديداً قد يجعلها تستجيب لتهدئة وفق شروط المزاج الإسرائيلي، رغم علم (إسرائيل) اليقيني أن هذه التهديدات لن تؤتي أكلها مع حركة حماس.

ليس وارداً في حسابات (إسرائيل) اجتياحٌ للقطاع، لا في عهد كاديما ولا في عهد نتنياهو لو فاز في الانتخابات القادمة، وسيكون أول عمل يقدم عليه نتنياهو لو فاز هو الهرولة إلى مصر وطلب تهدئة مع المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركة حماس.

إذا فاز نتنياهو نعتقد أنه سيعقد تهدئة مع حماس في قطاع غزة وسينفذ جزءاً كبيراً من شروط المقاومة، لأنني أرى أنه يدرك أن القضاء على حماس على طريقة أولمرت وكاديما غير ممكن، لذلك سيعمل على نفس سياسة شارون وهي أن يفتح على الفلسطينيين كل الأبواب مما يغريهم ويؤثر عليهم في الانفضاض من حول حماس، لأن النظرية لديه أنه كلما شدد الخناق على حماس اقترب منها الناس أكثر.

على العموم لا يوجد في (إسرائيل) حمائم وصقور، لأن الهدف عند كاديما والعمل والليكود وكل الأحزاب الإسرائيلية هو كسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر القضاء على مقاومته وعلى رأسها حماس، ولكن كيف يتم ذلك، نجده مختلفاً من حزب إلى حزب، إذن فتح كل الأبواب على غزة ليس الهدف منه تحقيق مصلحة للشعب الفلسطيني بل على العكس هو محاولة لاقناع الشعب الفلسطيني أن حماس هي من جلبت لهم الدمار، لذلك يجب أن يتغير موقفهم من حماس وأن يتخلوا عن تأييدها، أو سيكون العمل العسكري هو الملاذ الذي سيهدد به نتنياهو في نهاية المطاف.

 

نخلص إلى أن (إسرائيل) تريد تهدئة الآن وغداً ولا تريد مواجهة مع حماس ولا مع قوى المقاومة لو تم وقف الصواريخ والعمليات العسكرية في المرحلة القادمة، لأن (إسرائيل) أكثر من غيرها تدرك ما سيجره العدوان على المنطقة من مخاطر.