خبر أتكون حرب؟ إذن أنا هادىء.. معاريف

الساعة 10:33 ص|24 ديسمبر 2008

بقلم: جدعون سامت

في ذاك السؤال الغريب اياه للجساس الاعمى، قلق بولي ولم يهدأ الا بعد ان طمأنه رفاقه ووعدوه بالحرب. هذا هو ايضا التخمين الصحيح الان. عملية عسكرية حادة في غزة من شأنها ان تنزلق الينا على موجات الهستيريا والقلق. ومرة اخرى سنحصل على حرب من حكومة عديمة الاتجاه، لم يعد لديها الاعصاب كي تتخذ صورة  من تعوزه الوسيلة، المحرجة بهذا القدر. صورة الردع للقوة العظمى الاسرائيلية تنزف. وهكذا قدرة القيادة المعتزلة على ادارة أزمة كبيرة في موسم الانتخابات.

هذه المسيرة، الابن غير الشرعي لحرب لبنان الثانية، تتعاظم رغم الحقيقة المريرة: لا توجد خطوة عسكري محددة نفعها أكبر من ضرها. فهي ستحقق انعاشا لحظيا للعزة الوطنية المهينة. اما صواريخ القسام فلن توقفها. الاستيلاء على مناطق في غزة ليس واردا بسبب الخطر الجسيم على الجيش وحجم الاصابة للمدنيين. هذا سيكون فعلا متطرفا من انعدام المسؤولية. قيادة الجيش الاسرائيلي لا تؤيده. إذن سيكون هناك اغلب الظن خليط ما من الوسائل ضمن سلة اهداف هيئة الاركان.

وزير الدفاع يصوغ نفسه بحذر حول رد فعل كثيف. وهو سيبدو سخيفا اذا ما تحدث، كما يريد حاييم رامون عن خطوات لانهاء حكم حماس. وهو يعرف انه في هذه الفترة المخجلة فان الظروف على أي حال ستحسم في صالح الرد بالقوة اذا ما اوقعت النار من القطاع ذات يوم مصيبة كبيرة. باراك يسمح لنفسه في هذه الاثناء فقط في أن يقول انه أمر هيئة الاركان ببلورة خطوات الرد. الامر باستخدامها ينتظر. ربما ليس لكثير من الوقت.

موسم الانتخابات هو زمن بائس يستدعي الموقف المنفلت. ولكن الاقوال التي تستعرض العضلات كانت ستصدر حتى بدون صندوق اقتراع ينتظر وراء الزاوية. السبب العميق لهذه الاقوال ليس فقط الوضع المعقد جدا مع امكانيات الرد المحدودة والازمة المشتدة في الجنوب. النقاش المشوش في الحكومة حول غزة هو مثال آخر على النقص التقليدي في التفكير السياسي الشامل، المرتب، الاستراتيجي.

الجوقة الناطقة التي تتحدث عن ضرورة العمل بكل القوة لا تختلف عن تلك التي احتفلت في مواجهة م.ت.ف، فتح وياسر عرفات. عشرات السنين من الغضب والتشنج مرت حتى مصافحة الزعيم الفلسطيني. حركة حماس في بدايتها كانت خيارا اسرائيليا كوزن مضاد لقوة عرفات. المنظمة اكتسبت منذئذ ما تستحقه من عداء، ولكن اعمالها لا تختلف كثيرا عن اعمال القيادة الفلسطينية قبل أن تعتدل في مواقفها.

وعن عرفات قالوا انه ضعف وانه على وشك السقوط وان شعبه لن يقف في وجه الضغط. اسرائيل فعلت كل ما هو ممكن لضعضعة مكانته. اما حياة ابو مازن فنغصنا عليها. اسماعيل هنية هو الصيغة الحالية لعرفات في صورة الشيطان. اطفال مصابون بالهلع في سديروت اكتسبوا بألم الحق برسمه هكذا. وبالمقابل، فان حكومة مع نظرة واسعة كانت ملزمة بان تسجل امامها منذ زمن بعيد بان الوسائل العسكرية وحدها لن تجدي ضد مضرمي النار من غزة.

مصر حققت هذا الاسبوع يوما من وقف النار. لحظات هدوء مشكوك فيها. تسيبي لفني تحاول اطالتها في القاهرة. ولكن اسرائيل، التي تعد حملة اعلامية دولية تمهيدا لتصعيد عسكري، لم تعمل حتى الان على تجنيد مزيد من الدول لممارسة الضغط على الحكم في حماس ممن يقلقها وضعه بقدر لا يقل. السعودية، التي انطلقت منها المبادرة الابداعية لتقدم التسوية مع الفلسطينيين ودول الخليج. الاردن، تركيا، الاتحاد الاوروبي وامريكا بروح اوباما.

الى أن نجرب هذه الاستراتيجية لن نعرف اذا كانت ستنجح اكثر من حماسة التهديدات لالحاق الهزيمة بحماس. سيأتي اليوم الذي سنتحدث فيه مع حكومة هنية في غزة على وقف النار وعلى رفع الحصار. مثل هذا السيناريو لا يزال يبدو وحشيا مثلما بدا قبل سنوات جيل احتمال الاتفاق مع الظالمين من الضفة الغربية. في هذه الاثناء تتكتك مشورة الجساس الاعمى. الطمأنينة مع حرب صغيرة اخرى.