خبر كن حكيما وليس محقا فقط.. يديعوت

الساعة 10:30 ص|24 ديسمبر 2008

بقلم: غيورا ايلاند

رئيس مجلس الامن القومي سابقا

عند ادارة المفاوضات السياسية يميل الناس الى الافتراض بانه كلما كانت دولة ما اقرب لنا في مواقفها الاساس، فان مصالحها ومصالحنا تتشابه في كل موضوع. وحسب ذات الافتراض فانه كلما كانت دولة (او كيان سياسي) معاد لنا اكثر، تتضارب مصالحها ومصالحنا في كل امر.

اما الواقع فمختلف تماما. عمليا، توجد غير مرة اوضاع يكون فيها تداخل في المصالح بيننا وبين ألد اعدائنا، وتضارب للمصالح بيننا وبين اكبر اصدقائنا.

قبل ثلاث سنوات جرت انتخابات للبرلمان الفلسطيني. وكانت المسألة المركزية هل سيسمح لحماس بالمشاركة في الانتخابات. من اراد مشاركة حماس؟ حماس نفسها والولايات المتحدة. من عارض؟ اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وهكذا نشأت تحالفات غريبة.

موضوع حاضر اكثر بكثير يتعلق بالوضع في غزة. حماس مستعدة على ما يبدو لوقف النار، ولكنها تشترط ذلك ضمن امور اخرى ايضا بفتح معبر رفح. معبر رفح هو معبر بين قطاع غزة ومصر، ويوجد في المكان الذي لا يوجد فيه على أي حال حضور اسرائيلي.

لمن يوجد مصلحة في أن يفتح المعبر؟ لحماس، وكذا، لاسرائيل ايضا. لمن توجد مصلحة معاكسة؟ لمصر. مصر تعارض كونها لا تريد ان تكون مسؤولة عن غزة. واسرائيل؟ مصلحتها هي ان يكون المعبر مفتوحا. فالسلاح على أي حال يتدفق الى غزة من فوق ومن تحت الارض، وفتح المعبر سيعفي اسرائيل نهائيا من زعم "الاحتلال".

فضلا عن ذلك اسرائيل وافقت في الماضي على الخروج من محور فيلادلفيا (المحور الذي يفصل بين غزة ومصر) كي "تفك الارتباط" وهكذا فاننا ندفع ثمنا أمنيا باهظا ولكننا لا نتمتع بكل المزايا، اذ في نظر العالم طالما بقي معبر رفح مغلقا – فان اسرائيل واسرائيل وحدها مسؤولة عن توفير كل نواقص سكان غزة.

وضع مشابه جدا حصل ايضا بالنسبة للبنان. بعد اغتيال الحريري ارتبطت الولايات المتحدة، فرنسا، الامم المتحدة والسعودية واتخذت قرارا مصمما لاخراج سوريا من لبنان. اسرائيل انضمت الى المبادرة بحماسة. لمن كانت مصلحة معاكسة؟ لسوريا بالطبع، وكذا – لاسرائيل ايضا. لاسرائيل كان واضحا (كان ينبغي أن يكون واضحا...) ان اخراج القوات السورية من لبنان سيؤدي الى تطورين: الاول، فراغ تدخله ايران. وبالفعل، القوة السياسية والعسكرية لحزب الله ازدادت دراماتيكيا مع خروج السوريين من لبنان. الثاني، بعد خسارة لبنان، سينتقل مركز اهتمام سوريا الى هضبة الجولان. طالما كان السوريون يحتاجون الى الصراع في سبيل الحفاظ على قوتهم في لبنان (المهم لهم اكثر بكثير من هضبة الجولان)، لم يكن هناك أي ضغط في هذا الاتجاه.

مسألة اتفاق السلام مع سوريا مقابل اعادة الجولان هي مسألة شرعية. واضح مع ذلك بانه كان من الافضل لمثل هذه المفاوضات ان تدور بينما يكون السوريون لا يزالون يسيطرون في لبنان. لو بقوا في لبنان، لكان السوريون ملتزمين بالسلام الذي يشمل ايضا لبنان، بما في ذلك حل حزب الله (لهذا اضطروا ان يوافقوا في العام 1999). اما اليوم فسوريا ليست مسؤولة عما يجري في لبنان. نحن يمكننا ربما ان نصنع السلام مع سوريا، ولكن مشكلة حزب الله لن تحل.

وبالنسبة لغزة وللبنان ايضا فان السياسة السليمة تستدعي القراءة السليمة لكل خريطة المصالح وليس فقط الوقوف التلقائي الى جانب حلفائنا والمعارضة التلقائية لمطالب اعدائنا.