المعارضون يخشون ردة الفعل

خبر مشروع إعدام الفدائيين: خشية أمنية وسياسية تصعّب تمريره

الساعة 07:06 ص|28 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

يستعد الكنيست الإسرائيلي لمناقشة مشروع قانون يتيح إعدام الفلسطينيين من منفذي العمليات الفدائية التي تؤدي لوقوع قتلى إسرائيليين، إذ كان من المتوقع التصويت عليه بالقراءة التمهيدية، أمس الأربعاء. قانون عنصري تعريفاً، بما أنه يقتصر على الفلسطينيين حصراً، ويعتقد كثيرون في دولة الاحتلال أن المعارضة الموجودة ضد مشروع القانون ستحبطه، لأسباب أمنية وأخرى سياسية، الأولى تتعلّق بالرأي الذي يفيد بأن إعدام منفذي العمليات الفدائية سيزيد من حجم أعمال المقاومة المسلحة، والثانية تحيل إلى الخشية من تضرّر « صورة إسرائيل » في الغرب إن عاودت تنفيذ عقوبة الإعدام.

ويقود حملة إقرار القانون حزب « إسرائيل بيتنا »، بقيادة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، الذي يرى أن الوقت قد حان لقانون « يردع » الفدائيين عن عملياتهم، فيما يرى معارضو القانون أنه يضر بمصالح إسرائيل ولا يفيدها. ويزعم ليبرمان أن كل منفّذ لعملية فدائية يدخل السجن، ولا يتم إعدامه، « يشكل حافزاً للآخرين لمواصلة الهجمات »، وأنه « آن الأوان لاعتماد القانون ».

ويأتي اقتراح القانون رغم وجود قانون في كيان الاحتلال يتيح للمحاكم العسكرية إصدار أحكام بالإعدام على منفذي العمليات التي توقع قتلى شريطة إجماع القضاة، فيما يسعى القانون الجديد لإتاحة الإعدام حتى ضمن أغلبية عادية، كما يتيح للمحاكم المدنية إصدار قرارات الإعدام أيضاً، ولكنه بند مؤجل على الأرجح لوقت لاحق. ولا يطبّق القانون القائم حالياً، لاعتبارات عدة، منها أمنية وأخرى خارجية خشية من الانتقادات الدولية.

وقال رئيس كتلة حزب « إسرائيل بيتنا » البرلمانية روبرت اليطوف، الذي سيعرض اقتراح القانون للتصويت، إنه « بعد سنوات من تأجيل اقتراح القانون من قبل الحكومة والكنيست، وافق عليه أخيراً رؤساء أحزاب الائتلاف. القانون يجب أن يكون واضحاً وبسيطاً جداً. منفّذ العمليات الذي يقوم بالقتل يجب أن يعدم... السجون ستخلو من وجوه القتلة، وهذا تحوّل تاريخي بالنسبة للغبن الذي طاول عائلات القتلى »، على حد تعبيره.

على الطرف الآخر، من المنتظر أن تناقش اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، الأسبوع المقبل، اقتراح قانون تقدّمت به النائبة في الكنيست الإسرائيلي عن حزب « ميرتس » اليساري ميخال روزين - والذي وقعت عليه أحزاب أخرى - لإلغاء قانون الإعدام القائم في إسرائيل. وفي مطالبتها بإلغاء القانون، قالت روزين: « آن الأوان للانضمام إلى الدول الديمقراطية، التي تلغي من قوانينها عقوبة الإعدام. محاولة تبرير هذا القانون بأنه رادع للعمليات لا تتعدى كونها إرضاءً لبعض الشرائح، ومعلوم للجميع أنه لا يشكل أي رادع ».

وفي هذا الإطار، سبق أن استعرض المحاضر في قسم علم الجريمة في كلية عسقلان الأكاديمية، أفي بروخمان، حجج المؤيدين لقانون الإعدام في إسرائيل والمعارضين له، مشيراً إلى أنّ هذه العقوبة ألغيت في معظم الدول الأوروبية. ويرى مؤيدو العقوبة، وفق ما لخصها بروخمان، أن « الإعدام يجب أن يكون مصير منفذ أي عملية، بحيث لا يمكنه أن يبقى إلى الأبد في السجون الإسرائيلية، كما أن ذلك يضمن عدم عودته لتنفيذ عمليات أخرى مجدداً في حال الإفراج عنه ضمن صفقات أو غيرها، وبذلك تحمي الدولة مواطنيها ». كما أنّ سجن منفذي العمليات الفدائية وعدم إعدامهم، برأي مؤيدي القانون، هو « تشجيع على خطف إسرائيليين ويهود ».

أما معارضو القانون، فلخّص بروخمان توجهاتهم بأنهم يرون أن « الحكم غير قابل للتنفيذ: دولة إسرائيل ستضطر لإبرام صفقات تبادل بين المحكوم عليهم بالإعدام، مقابل إسرائيليين أسرى، لأن الإقدام على تنفيذ العقوبة سيعني بالمقابل قتل الإسرائيليين المحتجزين. كما أن قانوناً من هذا النوع، من شأنه تعريض إسرائيل لضغوطات دولية كبيرة ». وقانون الإعدام بنظر المعارضين، « لن يكون رادعاً لمنفذي العمليات أو من ينوون الإقدام عليها، بل العكس هو الصحيح، إذ إنّ إعدام منفذي العمليات سيحولهم إلى أبطال في صفوف أبناء شعبهم، وسيصبحون قدوة، بحيث يتم تقليد عملياتهم والسير على خطاهم من قبل آخرين. وهذا الأمر من شأنه أن يزيد منظمات المقاومة قوّة، وهو ما تأخذه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعين الاعتبار »، كما أنّ هذه النقطة تشكّل أحد أسباب معارضة « جهاز الأمن العام الإسرائيلي - الشاباك » لقانون الإعدام، وتثير مخاوف كبيرة.

على مستوى المنظمات الحقوقية، رأت بعضها أنّ قانون الإعدام ينتهك حقوق الإنسان، كما من شأنه أن يخلق تمييزاً إضافياً إلى ما هو موجود بين العرب واليهود، بحيث لا يتم التعامل بالمعايير نفسها بحال أقدم يهودي على قتل فلسطيني. ورأى آخرون أن قانون الإعدام من شأنه أن يتسبب للاحتلال بأزمات خارجية. ومن بين المحللين الإسرائيليين من استعرض قائمة الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام، وقالوا إنهم لا يريدون أن تظهر إسرائيل بينها، بل يريدونها ضمن قائمة الدول الأوروبية « الأكثر تحضراً والرافضة لهذه العقوبة ».

وكان النائب في الكنيست الإسرائيلي نحمان شاي (من حزب المعسكر الصهيوني المعارض)، قد هاجم اقتراح القانون، معتبراً أنّ « عقوبة الإعدام ستخلق ضغطاً دولياً لا يمكن لإسرائيل احتماله في هذه المرحلة، وكل ذلك من أجل استمرارية الائتلاف ». ورأى شاي أن « عقوبة الإعدام ليست رادعة، وإنما ستحوّل منفذي العمليات إلى أبطال »، مضيفاً « لذلك، في العالم المتحضّر الذي ننتمي إليه، يفرضون عقوبات بالسجن مدى الحياة ولكن يمتنعون عن عقوبة الإعدام ».

من جانبها، تؤيّد عائلات القتلى الإسرائيليين قانون الإعدام، بزعم أنه « سيشفي غليلها ويهوّن عليها، وسيشكل رادعاً لعمليات مقبلة ». كما يطالبون بعد الاكتفاء بالإعدام، وإنما كذلك « فرض عقوبات اقتصادية ودفع تعويضات ».

وجدّد رئيس جهاز « الشاباك » الإسرائيلي نداف أرغمان، تأكيده مطلع الأسبوع الحالي، خلال مشاركته في جلسة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، على أنه يعارض قانون الإعدام. ويقول مراقبون إن معارضته تعكس التخوفات الأمنية من ردود الفعل على تنفيذ أي إعدام. كذلك، أعرب المستشار القضائي للحكومة معارضته للقانون، وأبلغ كلاً من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وليبرمان، بموقفه بأن « الإعدام لا يشكل رادعاً عند الحديث عن منفذي العمليات ».

كلمات دلالية