الذكرى العاشرة لارتقاء أبو مرشد

خبر عائلات فلسطينية تواصل نشيد الدم .. آل أبو عبد الله نموذج

الساعة 11:07 ص|27 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بين ثنايا الأيام تمر الذكريات وكأنها الأمس القريب، ففي كل ركن حكاية عز وفخار رغم الألم والوجع الذي يعتصر صدور من فقدوا أعزاءٍ وأي أعزاءٍ حين يكون الفقد رموزٌ صنعت مجداً وشيدوا من عظامهم  جسراً ليخطوا عليه المجاهدون والعابرون والعائدون للوطن .

ها نحن نشحذ الهمم للحديث عن الشهيدين القائدين محمد وعرفات أبو عبد الله، لعلنا بكلماتنا المكبلة بالخجل نقترب من وهج ضياءهم ونلتمس دربهم، فها نحن نخط سيرتهم لتكون نبراساً لنا ليهدينا طريق العزة والكرامة والنصر بإذن الله .

عائلات على ذات الدرب

وتعد عائلة « أبو عبد الله » القاطنة بمخيم البريج وسط قطاع غزة، والتي تعود أصولها إلى قرية « يبنا » قضاء الرملة التي هجِّرَ اهلها منها عنوة عام 48 ، واحد من العائلات الفلسطينية التي قدمت العديد من فلذات اكبادها شهداءً على مذبح الحرية والفداء..، لتؤكد مدى اصرار شعبنا الفلسطيني المتمسك بحقوقه على مواصلة طريق الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين كل فلسطين من دنس اليهود المغتصبين لها منذ قرابة السبعون عاماً .

وها هي الذكرى العاشرة لارتقاء الشهيد القائد محمد أبو عبد الله « أبو مرشد »، تهل علينا وقد ارتقى شقيقه القائد عرفات أبو عبد الله « ابو عبد الله » شهيداً قبل نحو شهرٍ ونيف، وكأنه الأمس القريب.

رحلته الجهادية

ويعتبر الشهيد القائد « محمد أبو عبد الله »أبو مرشد« ، من الرعيل الأول المؤسس لحركة الجهاد في المنطقة الوسطى، ومن أبرز القادة العسكريين الذين كان لهم بصمات واضحة في كل المراحل التي خاضوها ضد جيش الاحتلال الصهيوني .

فمنذ نعومة أظفاره، شق الشهيد مشواره الجهادي وقام بنشر مبادئ وأفكار الجهاد في المنطقة الوسطى، ومع اشتعال فتيل الانتفاضة الأولى المباركة في 1987 ،بدأ الشهيد بتشكيل أول المجموعات العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي تحت لواء »سيف الإسلام« آنذاك ،والتي نفذت العديد من العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، خاصة في منطقة الوسطى.

وفي العام 1989 جرى اعتقاله من قبل قوات الاحتلال وأمضى في السجن مدة عامين بتهمة التنظيم العسكري للجهاد الإسلامي، ثم خرج من السجن أكثر عنفوان وإصرار على مواصلة طريق الجهاد والمقاومة، فبدأ بتشكيل النواة العسكرية الأولى للجهاد الإسلامي تحت لواء »القوى الإسلامية المجاهدة قسم« برفقة الشهداء القادة هاني عابد، ومحمود الخواجا، وعمار الأعرج ومقلد حميد وبشير الدبش وغيرهم .

وتمكنوا من تنفيذ عمليات بطولية في العمق الصهيوني، وكان من بينها (عملية بيت ليد الشهيرة والتي نفذها الاستشهاديان أنور سكر وصلاح شاكر، وعملية مفترق الشهداء والتي نفذها الاستشهادي البطل هشام حمد، وعملية »كفار داروم« والتي نفذها الاستشهادي خالد الخطيب) وغيرهم.

في عام 1994 أسس القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي د.محمد الهندي مركز فلسطين للدراسات والبحوث وأخذ يجمع الباحثين المميزين، حيث كان من بينهم الشهيد القائد أبومرشد، وقد عمل في مجال البحث وإصدار سلسلة من الكتب. وتلقى في تلك الفترة دورات تقنية وتكنولوجيا اهلته ليكون احد اهم المسئولين على تقنية التصنيع.

ومع اشتعال فتيل انتفاضة الأقصى المباركة، بدأ أبو مرشد ومجموعة من رفاقه قيادات الحركة العسكرية وعلى رأسهم أبو الوليد الدحدوح ومحمد الشيخ خليل وماجد الحرازين »أبو المؤمن« وأبو عرفات الخطيب والذين سبقوه إلى الفردوس الأعلى بتأسيس الجناح العسكري سرايا القدس، وأشرف شخصيا على تنظيم صفوف سرايا القدس على المستوى التنظيمي وعلى مستوى الهندسة والتصنيع وعلى مستوى التسليح، فقد بدأ بتنظيم دورات تدريبية عسكرية، وتخرج على يديه المئات من فرسان سرايا القدس الميامين .

وعمل الشهيد أبو مرشد على تأسيس جيش القدس ليكون هدفه حماية ثغور الوطن الداخلية والقيادات العسكرية في الحركة، وخضع هذا الجيش لدورات عسكرية وتخرج منه العديد من الفرسان الذين كانوا نواة سرايا القدس .

وكان لشهيدنا شرف التخطيط لعدة عمليات نوعية بطولية أوجعت الكيان الصهيوني، وقضت مضاجعه، كان من أهمها عملية الصيف الساخن في معبر كوسوفيم ومنفذها الاستشهادي محمد الجعبري، وعملية زلزلة الحصون التي استشهد فيها المجاهد محمود سلامة.

وارتقى الشهيد ابو مرشد خلال مسيرته الجهادية، حيث كان رئيس مجلس الشورى الأعلى لسرايا القدس، والعقل التقني والمفكر لتطوير صواريخ القدس، والعبوات التي منها رعد وبرق وسجيل وعبوات موجهة ضد »الأفراد« ، كما يسجل له تصنيع وتطوير قذائف الهاون من العيار الثقيل وتطوير القنابل اليدوية.

حكاية ارتقائه

كان اسم الشهيد القائد أبو المرشد على رأس قائمة الإرهاب الصهيوني للمطلوبين للاغتيال، لاعتباره المخ التقني للمنظومة الصاروخية لسرايا القدس، وتعرض لعدة محاولات اغتيال، لكن بفضل الله باءت بالفشل جميعها، حتى جاء يوم السابع والعشرين من ديسمبر 2007 قامت الطائرات الصهيونية باغتيال اثنين من عناصر سرايا القدس وهما الشهيد محمد فوزي أبو حسنين، ومحمد أحمد أبو حسنين، فهرع الشهيد أبا مرشد يتفقد المكان برفقة اثنين من رفاقه، فباغتته  طائرات الحقد بصاروخ نجا منه الشهيد، وأصاب أحد رفاقه الذي استشهد في وقت لاحق وهو الشهيد إبراهيم اللوح، فعاد أبا مرشد لنجدة رفيقه فإذا بصاروخ آخر يصيبه، ليرتقي شهيدا يوزع دمه على جداول فلسطين ليؤكد بدمه صوابية النهج أن لا خيار أمام الفلسطينيين إلا المقاومة ولتحرير الأرض من بحرها إلى نهرها من اليهود وعملائهم.

نبذة عن حياته

وتجدر الاشارة إلى أن الشهيد محمد أبو عبد الله »أبو مرشد" كان ميلاده في مخيم البريج، في يوم الحادي عشر من فبراير للعام 1964م، حين تفتحت عين االفارس المغوار على صيحات الثكالى والأرامل .. وعلى أنقاض المدن والقرى الفلسطينية المدمرة على رؤوس أصحابها.

تلقى شهيدنا الفارس تعليمه الأساسي في مدارس وكالة الغوث للاجئين في مخيم البريج، والتحق بالجامعة الإسلامية وحصل على بكالوريوس من كلية التجارة تخصص اقتصاد، وتخرج منها بتقدير امتياز/ الأول على دفعته في العام 1986. وأدى فريضة الحج في عام 2005 للشهيد أربعة من الإخوة ترتيبه الثالث بينهم وتسعة أخوات. وهو متزوج وله من الأبناء ستة اثنتان من البنات.

كلمات دلالية