خبر يمينا سر - معاريف

الساعة 09:49 ص|27 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: ران أدليست

القصة معروفة: فنان ذا روح حرة تجول في المظاهرة الاخيرة في تل ابيب، مع ما بدا لي كقاطعة سيجار كبرى، وجر تنديدات من الحائط الى الحائط على التحريض. كنت هناك. كمدخن سيجار منذ أكثر من 40 سنة، فاني احصي جملة ردود فعلي لمشهد القاطع، وقد حصل هذا على مراحل وكأنها محتمة: رد الفعل الاولي كان ان هذا قاطع سيجار. أما الثاني فكان أن هذا مقصلة ماري انطوانيت ولويس السادس عشر، محبي المناعم، مغلقي الحس تجاه محيطهما، واللذين أنهيا حياتهما الملوكية في ميدان كونكورد. اما الثالث فقد أعطى اصداء الزوجين نتنياهو، والرابع – تحية للابداع. وفوق ذلك، وقع الفهم: الالة اليمينية ستستخدم المقصلة للتهديد بالقتل، وكيف سيؤثر رد اليمين على الجمهور المحدد في أن المظاهرة تحاول جرفه ضد فساد الزوجين نتنياهو؟

 معظم الحاضرين في المظاهرة استقبلوا الشاب مع المقصلة مثلي: بلا مبالاة تامة (باستثناء الشوق الى سيجار جيد وميلتشن ما)، كجزء من العروض التي أعربت عن رأي عارضيها حول الفساد. رد الفعل من اليمين لاحقا كان شرطيا ومتوقعا: القاطع شبه بتابوت الدفن في ميدان صهيون، باغتيال رابين وبالتحريض على قتل نتنياهو. إذن هدئوا الروع واذهبوا الى المخابرات، وهناك ستسمعون بان مخزونات التزمت والتطرف من جانب اليمين خطيرة أكثر على رئيس وزراء يتخلى عن اراضي بلاد اسرائيل مما هو الـ « تزمت » من جانب اليسار. وكأن، ماذا؟ هل يوجد احتمال طفيف ما في أن الطاقة الثورية للمتجمعين في الميدان (القسم الاكبر منهم مرتاحين للغاية) ستتسلل الى يغئال عمير أو يونا ابروشمي ما؟ اشك، مثلما قال القدامى. فضلا عن هذا، فان نتنياهو اليوم هو الذخر الاساس للمعارضة.

 

          ان مشكلة المظاهرة هي أن الناطقين بلسانها جرفوا الجمهور ضد نتنياهو الرجل وليس ضد الفساد كرجاله. هذا خطأ سياسي عسير كفيل بان يصفي الذهر الاغلى للمظاهرات الحالية، الا وهو الطاقة الثورية.

 

          فالرقص على دم نتنياهو في لعبة طقسية في الميدان هو موضوع مثير جدا، ولكنه يفوت الامر الاساس، وهو السير الى رأس الافعى – حكومة فاسدة وائتلاف يغطي على رئيس وزراء فاسد. هذه حكومة تعد خطايا مباي كالثلج امام خطاياها. نتنياهو اليوم هو جثة سياسية، كلما بقيت في مكانها، هكذا التصقت الرائحة بكل شركائها. من فهم هذا هو يوعز هندل، الذي نظم مظاهرة سياسية يمينية ضد نتنياهو خوفا من أن تلتصق وصمة الفساد باليمين كله.

 

          للحاخام حاييم دروكمان ايضا يوجد حساب يميني سياسي، وقد خرج علنا ضد المظاهرة في القدس: « كلنا نذكر الخطوة الخطيرة التي أدت في العام 1992 الى اسقاط حكومة اليمين والى اتفاق اوسلو الخطير، الذي ادى الى اكثر من الف قتيل. لهذا هذا هو الوقت لخطوات خطيرة من شأنها أن تؤدي الى اسقاط الحكومة وتغيير الحكم، مما سيضع لا سمح الله في خطر كبير عالم التوراة وبلاد اسرائيل ».

 

          ان المواجهة بين هندل وتروكمان هي حول الحيلة السياسية التي تحمل مشاريع المستوطنات والتدين. اما الفساد؟ فهذه لعبة العلمانيين.

 

كلمات دلالية