خبر يأس في رام الله -يديعوت

الساعة 10:44 ص|25 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

الشرك الفلسطيني

بقلم: روني شكيد

(المضمون: بينما ينسد الافق السياسي امام حل الدولتين وميل الدولة ثنائية القومية بالاكراه يصبح حقيقيا فان هذا الواقع مشحون بقوى هدامة سواء عندنا أم عندهم - المصدر).

اذا كان للفلسطينيين ذرة أمل في استئناف المفاوضات في عصر نتنياهو، فقد تبدد واختفى بعد تصريح القدس لترامب. « لن نقبل بالولايات المتحدة كوسيط في مسيرة السلام ولن نقبل اي خطة سلام من الطرف الامريكي »، صرح ابو مازن بيأس عميق. ينبغي الاعتراف: « منذ قيام حكومة نتنياهو في انتخابات 2009 لم تجري اي مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، وطالما كانت هذه الحكومة، فانها لن تستأنف. بشكل عام، فان مفهوم المفاوضات شطب من القاموس السياسي لاسرائيل، ناهيك عن كلمة السلام. كيف يقول نتنياهو؟ »لم يكن شيء، لا يوجد شيء، لن يكون شيء« .

في كل هذه الفترة لم تحطم رام الله الاواني. بعد انتخاب ترامب، اراد أبو مازن أن يعتقد بان الرئيس الجديد يؤيد رؤيا الدولتين، انتظر لنشر خطة السلام الامريكية وآمن بانه سيكون ممكنا العودة الى »الطاولة« . حتى تصريح القدس – ضربة قاضية من تحت الحزام من ناحيته – فقد كان أمل في أن يمتشق ترامب أرنبا سياسيا ما من تحت الابط فينقذ ما يمكن انقاذه.

 

اما الان فقد بقي صندوق الادوات السياسية لابو مازن فارغا. وهو يعلن بانه يريد مفاوضات بوساطة اخرى – اوروبية أو روسية – يريد ضغطا دوليا آخر على اسرائيل. غير أنه يعرف ان نقاشا آخر في الامم المتحدة وقرارا آخر في الجمعية العمومية لن يمنحا الا انتصارا رمزيا ليس فيه منفعة عملية، وبالتأكيد لن يقرب الفلسطينيين من الدولة. فاوروبا غارقة في مشاكلها وليس لها قدرة على أن تفرض وان تحرك مفاوضات سياسية؛ والدول العربية، ولا سيما في الفترة الحالية، هي سند متهالك للفلسطينيين.

 

رغم التصريحات، يفهمون في رام الله انه لن تكون مفاوضات دون وساطة امريكية. وعليه – ففي محاولة لاستعادة الانتفاضة الاولى، التي أجبرت اسرائيل اخيرا على الوصول الى طاولة المفاوضات، يهددون هناك الان بتصعيد الكفاح الشعبي العنيد ضد اسرائيل، مثابة حرب استنزاف. هذا الكفاح سيحاول الفلسطينيون تحقيقه حتى نهاية ولاية ترامب او حتى تغيير الحكم في اسرائيل.

حماس هي الاخرى في شرك. فزعماؤها يطلقون تصريحات قتالية وفي نفس الوقت يعضون على الشفاه ويقاتلون ضد المنظمات العاقة التي تحاول من خلال تنقيط الصواريخ جر غزة الى الحرب. يفهم السنوار وهنية بان المغامرة الحربية خطيرة على مستقبل حكم منظمتهما. وحماس محبطة ايضا من أنه رغم الاحاديث العالية عن الوحدة، فان ابو مازن ببساطة لا يأبه بغزة. فبعد القضاء على استئناف المفاوضات ليس لابو مازن دافع للمصالحة مع حماس. اما الثمن فيواصل دفعه سكان غزة الذين ساء فقط وضعهم في الاشهر الثلاثة الاخيرة.

ان الواقع في العقدين الاخيرين في المناطق، وكذا في شرقي القدس تغير تماما، والان بتشجيع ترامب يتثبت – 450 الف مستوطن وبنى تحتية مدنية واقتصادية. كما ان شروط حكومة نتنياهو التي تعلن عن استعدادها للمفاوضات بدون شروط، تضخمت. ليس فقط »لا" للمفاوضات على القدس وليس فقط المطالبة باعتراف فلسطيني باسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي بل وايضا شرط جديد – لا مفاوضات دون اعتراف الفلسطينيين بالقدس كعاصمة الشعب اليهودي. بالمقابل، قام جيل فلسطيني جديد، اكثر تدينا ومفعم بمشاعر جماعية من الغضب، الاحباط، الكراهية والانتقام، وواقع كيان مثابة دولة على 18 في المئة فقط من مناطق الضفة. في واقع لا يرى فيه الفلسطينيون جدوى سياسية في المستقبل المنظور فان رد فعلهم الاولي هو استمرار التمسك بفكرة النزاع الذي يمنحهم في نظرهم مبررا لمواصلة الكفاح.

ان المأزق السياسي، استمرار البناء في المستوطنات والضم الفعلي لمناطق عديدة في الضفة كلها لا تترك أملا لرؤيا الدولتين. اما ميل الدولة ثنائية القومية بالاكراه – بخلاف تطلع الصهيونية الى دولة يهودية وديمقراطية – فيصبح حقيقيا. هذا الواقع مشحون بقوى هدامة. عندهم وعندنا على حد سواء.

كلمات دلالية