خبر دروكر، هذا ليس ما كتبته -هآرتس

الساعة 11:01 ص|14 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس يادلين

(المضمون: لقد احتج رفيف دروكر على ما لم أقله ولم يتناول ما قلته والذي يتلخص في أنه يجب البحث عن صيغة تختلف عن مقولة « الى حين الاتفاق على كل شيء لا يوجد أي شيء متفق عليه »، من هنا أرى أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل يفتح المجال لآفاق حلول جديدة - المصدر).

 

رفيف دروكر هو صحافي مؤهل وشجاع، له اسهام هام في الديمقراطية الاسرائيلية ومكافحة الفساد، لكن تعليقه على المقال الذي نشرته في اعقاب اعلان الرئيس ترامب عن اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل يثير الدهشة. في حين أن دروكر يحتج بشدة على الاقوال التي لم أقلها، إلا أنه يجد صعوبة في أن يتناول بجدية الاقوال التي كتبتها.

 

ما لم أكتبه في مقالي هو أن محمود عباس (أبو مازن) هو الزعيم الذي سيقود الفلسطينيين الى المصالحة التاريخية. وما لم أقله في مقالي هو إنه يمكن التوصل الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين في المستقبل القريب. بالعكس، كل ما نشرته في السنوات الاخيرة سيجد الباحث المتعمق أن ما قلته هو إن القيادة الفلسطينية ضعيفة، وأنها لا تمثل حماس والشتات، وهي غير مستعدة لتقديم تنازلات تتعلق بحل الدولتين. لذلك، لا يبدو أن أبو مازن مستعد للتوقيع على اتفاق دائم، وبالتأكيد هو غير مؤهل لتنفيذه. لقد قدرت أن الرئيس ترامب سيفشل في محاولة التوصل الى « الصفقة النهائية »، كما قدرت أن وزير الخارجية جون كيري سيفشل في جهود مشابهة بذلت في العام 2014. لقد اقترحت في هذا السياق تبني مقولة البرت آينشتاين حول « ضرورة التوقف عن السياسة غير المعقولة لتكرار محاولة نفس الشيء وتوقع نتائج مختلفة ».

 

في المقابل، ما كتبته في مقالي هو أن علينا اعادة فحص الافتراضات الاساسية التي قادت العملية السلمية خلال ربع قرن والتطلع الى انجازات سياسية ايضا في ظل غياب سلام شامل ونهائي. مقالي أشار الى امكانية التوصل الى انجازات سياسية ايضا بدون اتفاق نهائي. لذلك كتبت عن معارضة مبدأ « الى حين الاتفاق على كل شيء لا يوجد أي شيء متفق عليه ».

 

وقد أشرت في اقوالي في السنوات الاخيرة الى الحاجة الى أن نسحب من الفلسطينيين الفيتو على تشكيل صورة ومستقبل دولة اسرائيل. تصريح ترامب يمكن أن يؤدي الى تفاهمات مع الامريكيين حول خطوات ستشكل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وآمنة وعادلة. هذا هو جوهر رؤيتي السياسية والاستراتيجية. في حين أن دروكر يقود الى تشاؤم، كل ما يمكن أن نستخرجه منه هو انتقاد عقيم (ومفهوم) لحكومة اسرائيل، وأنا أدعو الى تفكير جديد خارج الصندوق يمكنه أن يطرح حلول ابداعية.

 

هنا نصل الى اعتراف الرئيس الامريكي بالقدس عاصمة لاسرائيل، حسب رأيي هذه العملية التي تم تنفيذها في ظل تهديد الفلسطينيين وخلافا لرأي المتشائمين في وزارة الخارجية الامريكية وفي وسائل الاعلام، من شأنها فتح الباب لعمليات سياسية جديدة.

 

قبل تصريح الاعتراف بالقدس، قطعت الادارة الامريكية الطريق على « استراتيجية التدويل » لابو مازن، الذي هدف الى عزل اسرائيل دوليا واخضاعها سياسيا. الآن، ادارة ترامب أوضحت للفلسطينيين أن الوقت يمكن أن يعمل ضدهم وليس في صالحهم. كما أنها أوجدت نظام علاقات حميمية مع الدول العربية السنية التي تغرق في مشكلات داخلية وفي مواجهات ضد ايران وداعش. تصريح الاعتراف بالقدس يضيف لبنة اخرى في سياسة الولايات المتحدة التي تنشيء نماذج جديدة وعمليات تختلف عن التي كانت في السابق، مع امكانية أن تشكل رافعة أكثر نجاعة امام الاسرائيليين والفلسطينيين من اجل تغيير الوضع الراهن ولعملية سياسية مختلفة مستقبلا.

 

إن الانقضاض على رجال الاستخبارات والصاق تهمة « الفشل الامني » بكل تطور سلبي هو عادة سيئة تجذرت في اوساط الجمهور الاسرائيلي منذ حرب يوم الغفران. إن نجاح الاستخبارات في مجال التقدير والتنفيذ بقي سريا – وهذا افضل. الايام ستقول من هو الذي أعطى تقديرات مبالغ فيها حول الرد على الاعتراف الامريكي بالقدس ومن قدرها بصورة صحيحة. ولكن حتى الآن الشرق الاوسط لم يشتعل، والشارع العربي لم ينقض على السفارات الامريكية، والصلوات في الحرم مرت بهدوء، وعدد المتظاهرين في الضفة كان قليلا نسبيا. اذا اندلعت في نهاية المطاف انتفاضة ثالثة فهي ستحدث ليس بسبب خطاب ترامب، بل بسبب تغيير تقدير موقف الفلسطينيين بالنسبة لما يمكنهم تحقيقه من عمليات العنف.

 

ولكننا هنا لا نقوم بنقاش موضوع الاستخبارات، بل السياسات. وهنا أقترح أن لا نقلل من اهمية رسالة بوش وخطاب ترامب. المعلمان اللذان حققتهما اسرائيل من رسالة بوش – الاعتراف بالكتل الاستيطانية وعدم الموافقة على حق العودة – تحولا عمليا الى أسس سياسة احترمها حتى الرئيس براك اوباما ووزير خارجيته كيري. لقد أصبحا جزء لا يتجزأ من الصيغة المقبولة اليوم فيما يتعلق باتفاق السلام المستقبلي. سيكون للاعتراف بالقدس تداعيات مشابهة، والذي سيعزز موقف اسرائيل في المفاوضات في المستقبل، يمهد الطريق لنشاط صهيوني جديد لا ينتظر أبو مازن، لأخذ مصيرنا بأيدينا ويضمن مستقبلنا.

 

كلمات دلالية