خبر لا يوجد رعد من دون برق.. هآرتس

الساعة 12:36 م|23 ديسمبر 2008

بقلم: يوئيل ماركوس

لم يقتل احد من الرشقات الصاروخية التي اطلقت بعد انتهاء التهدئة حتى كتابة هذه السطور. هذا لا يعني اننا امام وضع يمكن التعايش معه، ولكن يبدو ان رد فعل الجمهور الهستيري عموما والسياسيون على وجه الخصوص ينبع بالاساس من حقيقة ان الدولة في موسم الانتخابات، وهي فترة يتحدثون فيها من البطن وليس من الرأس، والتضليل الديماغوجي في ذروته. بينما يعبر الجمهور العريض عن العصبية من الوضع ويكرر شعار عدم امكانية الاستمرار فيه على هذ النحو الا ان المتنافسين على الحكم يضيفون الزيت على الموقدة لاعتبارات شخصية سخيفة.

مطالبة الوزراء واعضاء الكنيست وزير الدفاع والجيش- بالدخول الى غزة- تبدو مثل خطابات انتخابية. ايلي يشاي هو الاكثر اثارة للغضب من بينهم، يشاي الذي يمثل حزبا يكرس اغلبية ابنائه الاصحاء وقتهم وطاقتهم لدراسة التوراة بدلا من الخدمة في صفوف الجيش، ومع ذلك يسارع الى دق طبول الحرب اكثر من الجميع. يبدو انه يقوم من خلال ذلك بتمهيد الطريق للانضمام لائتلاف مع بنيامين نتنياهو اكثر من اي شيء اخر.

ولأن الجمهور العريض لا يمتلك المعلومات الملائمة او الادوات التي تمكنه من اتخاذ القرار بصدد الخروج للحرب او عدمه، لا يوجد في هذه الايام من يمكن الاعتماد عليه الا جهات الامن. انت تسمع من اشخاص لا يقطنون في مدى الصواريخ وهم يطلقون نداءات الحرب، ولا تفهم الاساس الذي يجعلهم يدعون بالرجولية الفائقة. هل نسوا حرب لبنان الثانية ونتائجها الفتاكة بسبب اعتبارات متسرعة وفاسدة.

تبلور هنا وضع غريب، يتهرب فيه اللاعبون المركزيون في الساحة الانتخابية من المسؤولية ويلقون بها على كاهل جهاز الامن. تسيبي لفني محسوبة منذ عامين على الثلاثية التي تقود الحكومة وتمسك بيديها قرارات تتعلق بالحياة والموت. الا انها وايهود اولمرت مثلها لا يقولان ما الذي يتوجب على الحكومة ان تفعله، وانما يشيران نحو ايهود باراك.

باراك نفسه في معضلة سياسية. هو يبدو وكأنه لم يحسم امره بعد ان كان مطاردا للسلام وساعيا له اكثر من ميرتس ام انه وزير دفاع صاحب سمعة. حماس تلمس الترددات، ومن المريح مواصلة التهدئة ضمن الشروط الملائمة لها- هذا يعني، ان بامكانهم بين الحين والاخر ان يواصلوا اطلاق النار، وفي نفس الوقت يتمتعون بمعابر مفتوحة. نوع من التهدئة الساخنة في شروط مفتخرة. وضع لا يخطر بالبال ولا يعقل ان يكون تسوية او نظام دائما.

من الممكن الافتراض ان لباراك ايضا اعتباراته السياسية الشخصية قبل الاقدام على عملية عسكرية في غزة باي حجم كان. ذلك لانه يعرف تقريبا انه لن يكون رئيسا للوزراء في الولايات القادمة. ولكن ان واصل التردد والتصرف كما يفعل الان، قد يفقد حقيبة الدفاع ايضا. لدى لفني ونتنياهو وزراء دفاع بديلين: موشيه يعلون لليكود وشاؤول مفاز لكاديما. بعد الانتخابات وفقا لنتائجها، قد تنشأ ضغوط مطالبة بالتنازل عن خدمات باراك في المجال الذي لا يوجد له فيه قرين.

ان كان هناك حل لمشكلة غزة، فلن يأتي من خلا ل الهستيريا والضغط، وانما بالعقل وبالتفكير المعمق اولا. وفي هذه المجالات لا يوجد لباراك منافس خصوصا في تفكيره البارد والحاد مثل السيف. الدخول الى غزة ليس من نوعية العمليات الخاطفة السريعة. هناك درجات متفاوتة في سلم الرد، والتي يتوجب تدارس نتائجها في كل مرحلة. هناك من يعتقدون ان على اسرائيل ان تتوجه لمصر والاردن وابو مازن اولا، قائلة لهم ان الوضع الحالي لا يمكن ان يتواصل، ومعرفة رأيهم بالوصفة التي يقترحونها او يمكنهم ان ينضموا اليها. لا يعقل ان يقفوا جانبا او ان يقوموا حتى بالتنديد باسرائيل ان تصرفت وفقا لتدريج ردود الفعل الذي اعدته مسبقا.

من المهم ايضا ان يكون لاسرائيل دعم دولي لكل عملية تتقرر- ذلك لان التجربة تشير، الا ان العملية التي تجري بين السكان المدنيين قد تتسبب بتهجم العالم كله علينا، ان قتل نساء واطفال ايضا في العمليات.

من يعتقد ان من الممكن اسقاط حكم حماس- ان كان الامر ممكنا عموما- من دون احتلال غزة، فهو ربما لا يريد سماع تقييمات الجيش الاسرائيلي او انه يخدع نفسه. وهل نجح الامريكيون في اقتلاع الطالبان من افغانستان؟

من يعتقد ان الدخول الى غزة في عملية محدودة هو مسألة عادية، يخدع نفسه ويضلل الجمهور. خصوصا في ظل الصواريخ الطويلة المدى التي تمتلكها حماس، والتي تستطيع الوصول حتى يافنه ومداخل بئر السبع. ولكن هناك تدريجات كثيرة في سلم ردود الافعال التي تمتلكه اسرائيل، وانا اعتقد ان قرار الهجوم قد اتخذ.

اينما وجد الرعد سيكون هناك برق ايضا، والامر يعتمد على حالة الطقس.