خبر الحياة على الزمن المستقطع.. هآرتس

الساعة 12:35 م|23 ديسمبر 2008

بقلم: يوسي سريد

الاسابيع الاخيرة لم تكن سهلة بالمرة: شخص عزيز يسير بيننا، في حالة توتر دائمة وحزن فظيع. قسمات وجهه تدلل على حالته العاطفية هذه. هذا الشخص يمر بآلام كبيرة والجمهور يتألم لألمه من دون ان يعرف هذا الجمهور بماذا اخطأ.

جهود كبيرة قد بذلت لأرضائه- ولكن بلا جدوى. الوضع آخذ في التدهور فقط، وخصوصا الحالة المزاجية، والوضع السيء لا يغادره. الا يظهر احد ما ليلحن له حتى يخفف عنه ويخرجه من ازمته؟.

من الممكن تفهمه: ومن الممكن بالتاكيد تفسير سبب غضبه، فهذا الشخص معد لعظائم الامور فمنذ رعيان الصبا وهو يحلم بصلوجان ورئاسة الوزراء، وحاخامات كبار باركوا له على ذلك. ومن اللحظة التي اصبح فيها المربع المهمل بصورة ابدية شاغرا، سارع الى التشبث به بكل قوة ورغم كل شيء.

بالنسبة لقضية رئاسة الوزراء- من يستحقها ومن لا يستحقها- نحن نعرف مذهبين اساسيين: مذهب يدعي انه في مستوى رفيع. اما المذهب الثاني فيقول ان كل واحد يستحق ويستطيع ان يصبح رئيسا للوزراء، وهناك ايضا اسبقيات لذلك.

بالفعل وفقا لروايات لم يفصل بين مفاز وبين الوصول الى المنصب الا بضعة مئات من اصوات عمال الموانىء-. ومنذ ذلك الحين وهو يبكي وينتحب على خسارته، ويرفض نسيان ذلك والخروج من حالة الحزن. ومنذئذ ايضا نعيش كلنا على الزمن المستقطع. ومن هنا نوجه له نداءا عاطفيا: فلترحمنا برحمتك يا اخينا ولا تتجاهل نوايانا الطيبة واحترامنا لك.

الان انا اضع مسدسا في راسكم واطالبكم بان تشيروا ولو لانجاز واحد لوزير المواصلات الاسرائيلي، الذي يشغل هذا المنصب منذ ثلاث سنوات. حتى وان وقف امامكم طابور من الجنود وصوب بنادقه نحوكم وليس مجرد مسدس، لما وجدتم انجازا واحدا ملائما وجديرا. وهكذا تعود القضية المثيرة للظهور مرة اخرى- هل يمكن ان تكون هناك علاقة ولو غير مباشرة بين نجاح الشخص في منصب واحد وبين مراهنته على شغل المنصب التالي: وهل يتوجب ان يكون هناك تلائم ولو ضعيف بين النجاح وبين الرقي والتقدم؟

على اي اساس في واقع الامر يطلب مفاز ان يصبح رئيسا لكاديما عن طريق رئاسة الوزراء؟ كان هناك وزراء المواصلات الفاشلون من امثاله- مئير شتريت وافي جدور ليبرمان مثلا- ولم يكن هناك اكثر منه فشلا. هذه الوزراة لم تكن ملائمة لمقاساته من البداية، فهي صغيرة عليه بعدة ارقام شخصية. دروب صهيون تبقى مكتظة وخطيرة وبالاساس مليئة بالحداد- البعض يسير على الاقدام والاخر فوق السيارات، واخرون عبر القطار الذي يخرج عن مساره. بالايام الاخيرة لمسنا مرة اخرى ما الذي يمكن ان يحدث عندما يتخاصم سائقا باصات وهما يسافران على الطريق، وما الذي يمكن ان يحدث عندما يكره سائقو قادة كاديما بعضهم البعض بينما يجلس كلاهما وراء مقود واحد؟.

في اخر الاسبوع علمنا وادركنا ان المناشدات لم تجدي نفعا: سلطة الطيران الفدرالية في الولايات المتحدة انزلت اسرائيل الى ادنى مستوى قريبا من غامبيا وزمبابوي بسبب النواقص والعيوب في اجراءات السلامة خلال الطيران، وبعد انذارات ولفت نظر متكرر لم يلقى اية اذان صاغية. مجالنا الجوي هو منطقة مهملة مستباحة، وحتى الله لم يعد بامكانه ان ينقذ في منتصف الليل.

وانا اسأل ما الذي يوجد لوزير المواصلات حتى يفعله بحيث يكون اكثر الحاحا واهمية؟ وما الذي يفعله هناك بحق السماء في ذلك الديوان في وزارة المواصلات ان لم يكرس وقته لانقاذ طائرة بمئات مسافريها من السقوط شبه المحقق والقريب.  وعندما ستسقط الطائرة، كيف سيبرر جلوسه مكتوف اليدين؟ انه كان مشغولا في الانتخابات التمهيدية؟ ام انه كرس وقته لمغازلة رؤساء النقابات ومقاولي الاصوات؟ وما زال امامه وقت للهمس في اذان احصنة طروادة الليكودية.

الان مع الهبوط في المدرج، ستفرض علينا عقوبات وهذا امر جيد. هذه اللغة الوحيدة التي يفهمونها هنا. العقوبات الدولية فقط هي التي ستنقذنا من الفلتان الفظيع ومن اخفاقات مفاز.

الاجراءات الظالمة المجحفة التي قد ارتكبت ازدادت واضيف لها ظلم جديد: مفاز ليس الوزير الوحيد الذي لا توجد اية صلة بين احلامه وبين الواقع الذي يعيشه، ولماذا تتم التفرقة بحقه مقارنة مع نظرائه- تساحي هنكفي وزئيف بويم وافي دختر وانتهاءا بايلي افلالو وحاييم رامون وروحاما بليلا، ولماذا نفرق بين هؤلاء وبين نظرائهم القلائل من العمل والليكود.

لقد ان الاوان لاجراء اصلاحات تربوية: عندما يرغبون بالارتقاء للصف الاعلى، يتوجب عليهم ان يعرضوا علينا كشف علاماتهم في صفهم السابق. بهذه الطريقة فقط سنعرف ان كان هناك ثواب على ما فعلوه ام انهم يستحقون العقوبة.