خبر صهيونية بدون القدس- هآرتس

الساعة 11:41 ص|13 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: دمتري شومسكي

(المضمون: القدس ليست جزء اساسيا من القومية اليهودية ولا من الصهيونية مثلما قال بينيت. فقد دعا جابوتنسكي في الثلاثينيات في الدستور الذي اقترحه للدولة اليهودية التي ستقام على ضفتي الاردن الى عدم اقامة الهيكل في المكان المخصص له حسب الشريعة اليهودية في الحوض المقدس لأنه يشكل منطقة احتكاك بين الاديان - المصدر).

 

« المناطق الهامة في البلدة القديمة في القدس التي سيتم تحديد حدودها حسب ما رأت عصبة الامم ستحظى بنفس مكانة المناطق التي تقع خارج الحدود، والمقبولة على كل العالم، بشأن مفوضيات الدول »، هكذا حدد زئيف جابوتنسكي المكانة السياسية للبلدة القديمة. كما جاء أن « كل منطقة من هذه المناطق ستعتبر منطقة بلدية خاصة وستدار من قبل مجلس، يتم تعيينه بالاتفاق بين السلطات الدينية ذات الصلة ».

هذه الاقوال جاءت في البند د في مشروع القانون للدولة اليهودية في ضفتي الاردن، الذي تمت المصادقة عليه من قبل الحركة التنقيحية في العام 1934، ونشر في كتابه الاخير « جبهة الحرب لشعب اسرائيل » في العام 1940.

البساطة الطبيعية التي تنازل فيها الرمز اليميني للصهيونية الجديدة، ومفكر رؤيا ارض اسرائيل الكاملة، عن السيادة اليهودية في صميم قلب القدس التاريخية، تدلل على حقيقة من الحقائق التاريخية الاساسية في تاريخ الصهيونية، المعروفة جيدا للباحثين في الصهيونية: خلافا للاقوال المدحوضة لنفتالي بينيت عشية خطاب ترامب حول الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، والتي جاء فيها « لا توجد صهيونية بدون القدس »، فان الصلة الوطنية – الدينية للشعب اليهودي بالقدس لم تلعب في أي يوم دور مركزي في النظرة الوطنية للصهيونية السياسية الحديثة.

لأن أحد الاهداف المعلنة للحركة الصهيونية، الذي يظهر بوضوح في « دولة اليهود » وفي « ارض قديمة – جديدة » لثيودور هرتسل، كان تحقيق « مصالحة تاريخية » بين اليهود وأمم العالم، فان الصهيونية السياسية منذ بدايتها لم تخطر ببالها فكرة سيطرة اليهود على مناطق الالتقاء بين الاديان التي كانت بين حين وآخر بؤرة توتر في البلدة القديمة.

ليس عبثا أن حدد هرتسل في « ارض قديمة – جديدة » موقع الهيكل، ليس على ارض الحرم، لذلك فانه أعطى تعبيرا رمزيا، لكن بارز، لتوجه الصهيونية السياسية بالابتعاد عن الحوض المقدس، وبدرجة بارزة ايضا على اللامبالاة السياسية تجاهه، لامبالاة نلاحظها ايضا في الدستور التنقيحي لجابوتنسكي.

في حين أن مكانة القدس في الصهيونية الحديثة هامشي جدا، فليست هكذا الحال فيما يتعلق بالقومية الفلسطينية. الشعب الفلسطيني هو الآن أكثر الشعوب اهانة من الناحية الوطنية في الشعوب العربية. هو الشعب العربي الوحيد الذي يقع تحت سلطة قومية اجنبية، مجال وجوده الوطني مقسم من قبل سلطات الاحتلال الى جيوب تشبه الغيتوات، وهذه آخذة في التقلص بسبب مشروع الاستيطان الأزعر، الذي يزدهر خلافا للقانون الدولي. هذا دون ذكر السجن الاكثر اكتظاظا في العالم، قطاع غزة.

القيادة المستقلة ذاتيا كما يبدو للشعب الفلسطيني والمجبرة على التعاون مع الاحتلال، وفي نفس الوقت يطلب فيه منها اطفاء أي بصيص للمقاومة الشعبية. واذا لم يكن هذا كافيا، فهي مكشوفة كل الوقت لتهديدات المحتل وحليفته القوية وراء البحار. كي لا تتجرأ على التظلم أمام المحكمة الدولية بشأن الجرائم الكولونيالية الاسرائيلية. على ضوء كل ذلك فان صلة الوطنية الفلسطينية بالحرم تعبر بصورة صحيحة عن القديم والثمين الذي بقي من الكرامة الوطنية للشعب الفلسطيني، التي يتم سحقها كل يوم.

 

لذلك فان ادعاء بينيت أن القدس غير مذكورة في القرآن هو ادعاء مضحك جدا. ومهما كان عدد المرات التي ذكرت فيها القدس في القرآن (أو لم تذكر) فالمهم هو أن القدس منقوشة أعمق من أي وقت مضى في روح الوطنية المحطمة للشعب الفلسطيني.

إن المصادقة على مواصلة وتعميق مشروع الاحتلال والاستيطان في شرقي المدينة، المغلف بتصريح مشعل النار من البيت الابيض الذي اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل دون التمييز بين مناطقها الاسرائيلية الشرعية واقسامها المحتلة، وهتافات السرور من قبل اسرائيل الوطنية الدينية – توصل الاهانة والقمع للشعب الفلسطيني الى ارقام قياسية جديدة. من الواضح أن الوطنية الفلسطينية ستواصل الرد على ذلك من خلال المقاومة الثابتة، مهما كان الرد الاسرائيلي.

من الصعب التنبؤ كيف ستنتهي جولة العنف الحالية بين اسرائيل والفلسطينيين، لكن يمكننا الأمل بأنه نظرا للاستعداد لتقديم تنازلات في القدس ميز منذ البداية بصورة جوهرية الرؤيا السياسية للصهيونية، فان اسرائيل ستجد في النهاية الطريق بالعودة الى الخط التنازلي بخصوص القدس الشرقية بروح آباء الصهيونية. لذلك يجب عليها أن تستوعب الموقف الديني – السياسي

الذي وجهها اليه مؤسس الصهيونية السياسية في الوقت الذي قارن في داخله انشاء الهيكل خارج الموقع المخصص له حسب الشريعة اليهودية. حسب هذا الموقف يجب أن نزيل والى الابد ذلك الحمل الديني القابل للانفجار الذي يجره التقليد اليهودي على ظهره منذ آلاف السنين، وأن نقول بصورة حاسمة إنه لا يجب تطبيق السيادة الاسرائيلية على منطقة الحوض المقدس.

شرط ضروري كي تتبنى اسرائيل هذا الموقف في يوم ما هو احراق طاعون المسيحانية السياسية الذي تفشى في الدولة منذ 1967 وهو يدفعها ويدفع كل المنطقة الى الاشتعال القاتل لحرب دينية.

 

 

كلمات دلالية