خبر يجب تحطيم حماس وليس القضاء عليها.. اسرائيل اليوم

الساعة 12:33 م|23 ديسمبر 2008

بقلم: رون بريمن

واجب الحكومة الاساسي في الميثاق المعقود بين الدولة ومواطنيها، هو الحفاظ على امنهم. في المقابل يوافق المواطنون على بعض القيود والانصياع للقوانين والخبرة العسكرية ودفع الضرائب. وعندما لا تؤدي الحكومة واجبها هذا انما تتنكر للميثاق الاساسي، وتقلل من استعدادية المواطنين لتحمل القيود والواجبات، وتمس بنسيج العلاقات الحيوي في المجتمع الديمقراطي. الحكومة الحالية مثل سابقتها تتنكر للامانة والواجبات ، ومن الواجب طردها.

زيارة الجنوب تكشف النقاب عن ان الامر لا يتعلق بـ "غلاف غزة" وانما بـ "خاطف غزة"، منطقة تزداد يوم بعد يوم بسبب اخفاقات اولمرت- لفني- باراك. وايضا هناك خشية من ان يؤدي هجوم فتاك بصورة خاصة الى سقوط الكثيرين، الامر الذي يجر الحكومة من حالة اللامبالاة على مصير المواطنين في منطقة "خاطف غزة" الى رد فعل مندفع متهور على صورة حرب في غزة، على غرار لبنان الثانية.

قطاع غزة ليس دولة، هو كيان خاضع لسيطرة حكومة معادية تتيح المجال امام الهجوم على اهداف مدنية وعسكرية اسرائيلية. مواطنون يقتلون ويصابون، وكثيرون يصابون بالصدمة النفسية والقلق، والحياة السليمة الطبيعية تتشوش تماما. حتى عندما لم تكن هناك اصابات او اضرار وحتى عندما تتهرب الحكومة من الاعتراف بواقع حالة الحرب. هذا هو الواقع السائد. لا شك ان في القطاع اشخاص كثيرين لا يشاركون في الاعمال الحربية، ولكنهم هم الذين انتخبوا حماس في انتخابات ديمقراطية نسبية. اليوم ايضا لا توجد مؤشرات احتجاج ضد هذا الحكم، ويبدو ان الجمهور عموما يؤيد حماس.

دولة اسرائيل تتلعثم في مسالة : كيفية التصرف مع حماس. هناك من يطالبون بحرب تسعى لاسقاط حماس من دون التفكير بالثمن، ليس فقط ارواح الجنود والمدنيين الاسرائيليين ورعايا العدو، وانما ايضا الاخطاء السياسية وغير الاخلاقية: حكومة اسرائيل قد تحول ضحايا الجيش الاسرائيلي الى طبق فضة لاقامة دولة فلسطينية . الخطر يكمن في نقل غزة لسيطرة كيان ارهابي فلسطيني اكبر من الخطر الذي تشكله حماس. من المحظور ان يستخدم جنود الجيش الاسرائيلي كطبق من فضة لاقامة دولة فلسطينية. ان كانت هذه النتيجة المرجوة من الحرب فنحن امام حرب غير اخلاقية ومن المحظور الخروج اليها. اخرون خصوصا من انصار "فك الارتباط" الذي لم يتبق منه الا طرد اليهود ينادون بتواصل التدخل في غزة وفي سخافة اللفتات الانسانية لرعايا العدو، حتى ان شكل الامر خطرا على حياة الجنود والمدنيين الاسرائيلين- كما تبين من العمليات في المعابر الحدودية- وكذلك ان كانت هذه السياسة تعزيزا لمواقع حماس. عندما تلبي اسرائيل احتياجات السكان في غزة فهي تحل الحكم هناك من مسؤوليته تجاه المواطنين وتفرغها لتركيز على زيادة قوتها العسكرية تحضيرا للحرب، كما تصرف حزب الله عندما اتاحت له اسرائيل الاستعداد.

من المحتمل ان لا يكون هناك مفر من الحرب، ولكن من المحظور ان تبدأ هذه الحرب من دون شرطين مسبقين: الشرط الاول تقدير المخاطر بصورة مسبقة- الامر الذي كان من المفترض ان يتم فعله- وفي اطار ذلك يتم تدارس كل الامور المترتبة بالنسبة لمواطني اسرائيل ومواطني العدو والجبهات الاخرى وقوة الردع الاسرائيلية وما الى ذلك.

ليس واضحا ان كانوا قد قاموا بعملية تحقق جذرية قبل الخروج الى حرب لبنان الثاني 2006. الشرط الثاني الذي لا يقل اهمية عن سالفه ، هو تحديد اهداف الحرب. الهدف يجب ان يكون تحطيم قوة حماس العسكرية، ولكن ليس اسقاطها. التركيز يجب ان يكون متناسبا مع ذلك ومن المحظور ان يكون الهدف اسقاط حماس ونقل الحكم الى ابو مازن. حماس هي الافضل مقارنة مع فتح توأمها . حماس هي عدو ظاهر ومعلن، والثمن السياسي الذي ندفعه لمواجهتها منخفض. اما فتح فعدو ذو اهداف مشابهة لاهداف حماس ولكنه يطرح كطرف معتدل، واولمرت – لفني- باراك مستعدون لدفع الثمن لهذا الطرف باثمان فتاكة بالنسبة لاسرائيل. الدولة الطبيعية السليمة لا تمد اعداءها بالغذاء والدعم الانساني وبالتاكيد ليس بالوقود والكهرباء والاسمنت التي تستخدم في الته الحربية. محاصرة العدو ومنع وصول الامدادات اليه بما في ذلك من المواطنين الخاضعين تحت سيطرته كانت عبر التاريخ الانساني وسيلة مقبولة لاخضاع العدو. في الحروب السابقة شاهدنا حصارات كثيرة وقصف جوي بما في ذلك لاهداف مدنية واقتصادية لانهاء الحرب والوصول للسلام.

الاستنتاج: يتوجب تعزيز الحصار على القطاع بدلا من تشكيل خطرا على المواطنين والجنود الاسرائيليين من خلال امداد العدو بالوقود. من الممكن توفير الاحتياجات الطبية والوقود للمولدات في المستشفيات بصورة جزئية كلفتة انسانية. وعلى اية حال يتوجب التوضيح لحماس ولصديقين المزيفين الذين ينشطون من اجلها، ان المسؤولية عن منع كارثة انسانية ملقاة عليها كحكومة. ان ارادت خففت الحصار من خلال تسليم صواريخ القسام مقابل الغذاء. في المقابل يحذر مواصلة سخافة التسليم باطلاق صواريخ القسام على ازديروت واعطاءهم الغذاء لغزة في المقابل. من المحظور ان تكون اللفتات الانسانية من دون مقابل، وانما فقط مقابل تسليم الاسلحة الموجودة بيد العدو وايقاف عمليات التهريب التي تشكل امدادا حرا لحماس من مصر.

ملاحظة ختامية: من المحتمل ان يوفر تعزيز الحصار تحديدا ويحول دون نشوب حرب دموية في قطاع غزة. هذا هو السبيل ايضا لاطلاق سراح جلعاد شليط. ربما سيؤدي هذا التعليل لمجريات الامور الى فتح العيون العمياء في القدس.