تحذيرات من تفجر الأوضاع

خبر تحركات دبلوماسية فلسطينية لوقف التهديدات الأميركية بشأن القدس

الساعة 06:18 ص|04 ديسمبر 2017

فلسطين اليوم

يجري الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منذ نحو ثلاثة أيام اتصالات مكثفة مع الرؤساء العرب في محاولة لإيجاد دعم عربي يوقف التهديدات الأميركية، التي ارتفعت وتيرتها هذه المرة بهدف نقل السفارة الأميركية في « إسرائيل » من « تل أبيب » إلى القدس المحتلة.

ورغم تواصل هذه الاتصالات والمناشدات، إلا أنه لم يخرج حتى الآن أي موقف عربي معلن داعم للفلسطينيين في هذا الشأن، ما جعل عباس (أبو مازن) يطلب من وزير خارجيته، رياض المالكي، أن يطالب بعقد اجتماع طارئ للمندوبين الدائمين في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وقال مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، رفض ذكر اسمه، لـ« العربي الجديد »، « من خلال حديثي مع المسؤولين الأميركيين هناك شيء جدي في الحديث عن نقل السفارة الأميركية أكثر من أي وقت مضى، والرئيس محمود عباس يستشعر هذا الخطر، وبدأ بمكالمات مكثفة مع الرؤساء العرب بهدف الضغط على الإدارة الأميركية ». ونقلت وكالة « الأناضول » أمس الأحد عن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قوله لعباس، في اتصال هاتفي أول من أمس، إن من الضروري قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. وقال إن « إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتتمتع بالسيادة مع القدس الشرقية عاصمة لها، مسألة ضرورية لتأمين السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ». وكرر أردوغان دعمه القضية العادلة للشعب الفلسطيني، مؤكداً أن رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة من شأنه أن يساهم في إحلال السلام.

وأضاف المسؤول الفلسطيني « لقد أرسل أبو مازن رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية، ماجد فرج، إلى واشنطن، على أمل أن ينجح، برفقة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الذي يتلقى العلاج هناك منذ أشهر، في علاج أمرين مهمين، أولاً منع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو الأكثر أهمية الآن، وثانياً عدم إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ». الإضافة النوعية التي يمكن أن يضيفها ماجد فرج، وفق المسؤول الفلسطيني، ليست ما تكرره القيادة الفلسطينية من موقف معلن أكثر من مرة حول أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيدمر عملية السلام، ولكن البعد الأمني الذي تؤديه أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الإقليم، وتستفيد منه إسرائيل وأميركا بشكل سبق وتمت الإشادة به من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، شخصياً. وأوضح المسؤول الفلسطيني أن « تقديرات المستوى الأمني الأميركي تدعم فرج، ودور الأمن الفلسطيني في جمع المعلومات وإرسال عمليات تحذير مبكرة حول الإرهابيين، لذلك يقف المستوى الأمني الأميركي إلى جانب رؤية فرج بعدم نقل السفارة الأميركية إلى القدس وعدم إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن ». وأكد أن « ترامب لم يعرض على القيادة الفلسطينية أية رؤية حول عملية السلام، ونحن في نهاية الأربعة شهور التي منحها أبو مازن للإدارة الأميركية لعرض رؤيتها للسلام، لكن في المقابل ترامب عرض خطة تتعلق بحل إقليمي على السعودية التي بدورها عرضتها على أبو مازن.

عباس فضّل الصمت وعدم التطرق لما جرى مع السعودية في اجتماعات اللجنة المركزية لحركة »فتح« ، التي خرجت ببيان في 25 الشهر الماضي أشادت فيه بدور السعودية، فيما عبر عباس »عن تقدير اللجنة المركزية لحركة فتح للموقف السعودي الثابت الداعم لنضال الشعب الفلسطيني، وتمسكه بمبادرة السلام العربية كما هي« . كما ثمنت اللجنة المركزية الدعم المادي الدائم للشعب الفلسطيني وزيادته خلال الزيارة الأخيرة، من دون أية تفاصيل تذكر حول فحوى هذه الزيارة التي تم تسريب القليل عنها. ولم يتم عقد اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كما جرت العادة بعد اجتماع اللجنة المركزية لإطلاع أعضاء المنظمة على تطورات الأحداث ونتائج زيارات أبو مازن، وتحديداً إلى مصر والسعودية.

وضمن جهود الاتصالات مع الدول العربية طلب عباس من وزير خارجيته، رياض المالكي، أمس الأحد، المطالبة بعقد اجتماعين طارئين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، على مستوى المندوبين الدائمين. جاء ذلك خلال اتصالات المالكي بالأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف بن أحمد العثيمين، كما أجرى اتصالاً بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني. وحسب بيان من الخارجية الفلسطينية وصل إلى »العربي الجديد« ، فقد أطلع المالكي الأمناء العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي على آخر التطورات على الساحة الفلسطينية بشكل عام، وما يتم تداوله بشأن عزم ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لدولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل خاص، وذلك في خطاب يلقيه الأربعاء المقبل، ومدى تأثير ذلك على القضية الفلسطينية من جهة، وعلى الدول العربية والإسلامية من جهة أخرى. وبين المالكي أن ذلك سيُفقد الولايات المتحدة الأميركية دورها في عملية السلام، ويضعها في خانة المنحاز لدولة الاحتلال وطموحاتها التوسعيّة، وأنّ في ذلك تجاوزاً للقرارات الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي من جهة والصراع العربي الإسرائيلي من جهة أخرى.

وحمَّل المالكي، في البيان، »الولايات المتحدة الأميركية التداعيات الخطيرة لمثل هذه الخطوة« ، محذراً من أنها ستفجر الأوضاع في الأرض الفلسطينية والإقليم، مشدداً على أنه كان أحرى بالولايات المتحدة، التي تلعب دور الوسيط، أن تُقدِّم خطتها المنتظرة للحل، وليس زيادة التعقيد في مسائل الحل. وبيّن المالكي أن مثل هذه الاجتماعات مهمَّة، لأنها ستناقش الخطوات الواجب اتخاذها بخصوص هذا الإجراء الأميركي غير المسؤول، آملاً أن تكون القرارات بهذا الشأن تتناسب وحجم القدس وأهميتها بوصفها عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة من جهة، وكونها أولى القبلتين وفيها المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين، وكذلك كنيسة القيامة. وأوضح أن عباس اتصل بالعديد من الزعماء على كافة الساحات العربية والإسلامية والخليجية والدولية، داقاً ناقوس الخطر لنتائج مثل هذا القرار وتداعياته الخطيرة.

بدوره، قال رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة »فتح« ، منير الجاغوب، في تصريح، إن »أي قرار ستتخذه الولايات المتحدة الأميركية بشأن القدس سيشكل بكل تأكيد عملاً عدوانياً ضد حقوق الشعب الفلسطيني وانتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ومن شأنه أن يقود إلى إنهاء أي فرصة لتحقيق حل الدولتين على أساس حدود 1967. إذ إن موت حل الدولتين سيؤدي إلى تغيير جذري في مسيرة الصراع وفرص حله، مع ما يحمله ذلك من عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها. كما أن قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها للقدس، أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، لن يشكل إضراراً بالشعب الفلسطيني وحده، وإنما سيقود بلا شك إلى تعزيز الاحتلال والظلم والعدوان« .

ودعت »فتح« ، على لسان الجاغوب، »الإدارة الأميركية إلى تقييم عواقب هذه الخطوة على صورة أميركا، وعلى مصالحها وأمنها، إذ إن دورها الحقيقي هو خدمة مصالح الشعب الأميركي، وليس خدمة مصالح المستوطنين الإسرائيليين. ومن المستحيل تفهم أي مبرر لهذه الخطوة العدوانية الاستفزازية والتي تتعارض مع مواقف جميع الإدارات الأميركية، الديمقراطية والجمهورية، المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية، والتي تتعارض بشكل صارخ مع الإجماع الدولي الذي لا يتزعزع، وهو الأمر الذي سيؤثر من دون أدنى شك على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعالم« . وشدد الجاغوب على أنه »على الإدارة الأميركية أن تختار بين الانقياد نحو القوى اليمينية الأكثر تطرفاً في إسرائيل وممثليها في الحكومة الإسرائيلية، أو اختيار الدفع بعملية السلام قدماً، ويجب أن يكون واضحاً أن هذين الموقفين لا يلتقيان أبداً، وعلى ترامب أن يفهم أن أي قرار بشأن القدس هو أحد القرارات الخطيرة والحاسمة، التي من شأنها تحديد علاقة الولايات المتحدة، تحت رئاسته، مع فلسطين والمنطقة العربية والعالم الإسلامي وبقية المجتمع الدولي".

كلمات دلالية