خبر على كفة الميزان.. معاريف

الساعة 10:52 ص|30 نوفمبر 2017

بقلم

(المضمون: نتنياهو يرى التحريض، يغلي ويفهم ضرره؛ وفي نفس الوقت يرى ولكنه لا يفهم حجم وجوهر الفساد المزعوم، مثلما يراه بعض من الجمهور، يفهم ويشعر بخجل عميق بل وبالاشمئزاز - المصدر).

موضوع هذا المقال هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فقد كتب المعلق درور ايدار، الاكثر طلاقة وعمقا برأيي من بين كل رجال اليمين المؤيدين لنتنياهو، مقالا هذا الاسبوع في « اسرائيل اليوم » قال فيه « اذا وضعنا على كفة الميزان انجازات نتنياهو في كل المجالات امام علب السيجار وزجاجات الشمبانيا، واضح أن الاوائل تحسم بشكل واضح »ترهات السيجار« .

رأيي مختلف. كتبت في حينه عن الموضوع وسأعود لاكرر ذلك. وبالفعل، عن عظيم ملوك اسرائيل، الذي حكم 40 سنة، وسع حدود اسرائيل من »مداخل حماة وحتى بحر العربا« ، جعل لاسرائيل »اسواق في دمشق« وجلب للدولة ازدهارا اقتصاديا لم يشهد له مثيل – يقول »التناخ« : »ويفعل الشر في نظر الرب« . فطرح البروفيسور ليفوفيتش السؤال: لماذا؟ لماذا ملك كهذا، ذو انجازات هائلة، حظي بعلامة سلبية في نظر كتاب »التناخ« ؟ وجوابه/تفسيره هو: بسبب الفساد الهائل الذي ألم باسرائيل في عهده، من أخمص القدم وحتى الرأس. في عالم القيم الاخلاقي لـ »التناخ« يوجد ليفوفيتش، في الميزان بين الفساد والانجازات السياسية والامنية، الفساد يفوق، وكل الانجازات تذوب أمامه. أنا مؤيد لهذا الفكر الاخلاقي، ولا شك عندي بان ليفوفيتش كان سيقف ضد كل فكر يحاول »تحصين« الفساد من أجل التحقيق المزعوم للانجازات السياسية.

كيف نعرف عن الفساد وعن  العفن الاجتماعي الذي ألم بالمجتمع في اسرائيل؟ بالاساس من النبي عاموس الذي تنبأ في عهده وترك لنا لغة عبرية رائعة عن حجوم الفساد في زمن يربعام بن يوئيش؛ بما في ذلك تعبير »البقرات السمان" كتعبير عن النخب الفاسدة.

ينبغي للمرء أن يكون سخيفا كي لا يرى ويفهم بانه في عهد نتنياهو كرئيس للوزراء، وصلت دولة اسرائيل الى ازدهار سياسي، امني واقتصادي مثلما لم تشهده من قبل؛ يجدر بنا أن نعترف بان كل اولئك الذين تنبأوا بان خطابه في الكونغرس الامريكي سيؤدي الى شرخ لا يمكن رأبه في العلاقات مع الولايات المتحدة، وسيكون هذا بكاء للاجيال – اخطأوا. ويجدر بنا ان نعترف بالحقيقة البارزة بان نتنياهو هو الممثل الاكثر ثقافة، طلاقة، تجربة في الحاضر العالمي من كل واحد في اسرائيل، حتى اكثر من باراك. ينبغي للمرء أن يكون شريرا تاما كي يتجاهل انجازاته او يحاول ايجاد اخفاقات غير قائمة.

وفي نفس الوقت ينبغي للمرء أن يكون أعمى ألوان كي لا يرى في أعمال وأقوال نتنياهو بان الحديث لا يدور فقط عن السيجار والشمبانيا، بل عن أمر أوسع بكثير: عن سلوك غير اخلاقي؛ عن محيط حميم قريب، في الماضي وفي الحاضر، مشبوه بالفساد وعن رفقاء درب يعمدون على انتاج قوانين غير عادية لاستصدار ترخيص قانوني لما يبدو كالفساد. عموم الامر هو القرف من فوق الى تحت. والحجة بانه حتى قبل نتنياهو استشىرى الفساد في القيادة هي صحيحة ولكنها غير ذات صلة. وفي نفس الوقت لا يمكن بالطبع أن نتجاهل من أنه ضد نتنياهو تجرب حملة تحريض مقرفة، مزدوجة الاخلاق، مليئة بالاكاذيب، فظة، لم يسبق أن كان مثلها في اسرائيل. وميزتها الاساسية: كل الوسائل مشروعة، حتى تدمير الدولة، المهم أن يطير نتنياهو.

أين المشكلة برأيي؟ ان نتنياهو يرى التحريض، يغلي ويفهم ضرره؛ وفي نفس الوقت يرى ولكنه لا يفهم حجم وجوهر الفساد المزعوم، مثلما يراه بعض من الجمهور، يفهم ويشعر بخجل عميق بل وبالاشمئزاز.

كلمات دلالية