خبر الوسط موقع سيء..هآرنس

الساعة 02:47 م|22 ديسمبر 2008

بقلم: عكيفا الدار

هناك سياسيون خاصة في اليمين يقترحون قصف مصادر اطلاق النيران في غزة. خيرتهم والمعتبرون من بينهم يطالبون باعادة احتلال القطاع والبقاء هناك حتى اشعار آخر. وهناك في المقابل سياسيون خاصة في صفوف اليسار يدعون لتهدئة الخواطر وتجديد اتفاقية التهدئة. المعتبرون من بينهم يوصون بالشروع في مفاوضات مباشرة مع حماس. ولكن الجميع يتفقون على ان الوضع الحالي الذي يدفع فيه المستوطنون ثمن الصراع بين اسرائيل وحماس (وبين حماس وفتح) لا يمكن ان يبقى على حاله.

 

"ضبط النفس" او "الاحتواء" كما قالت لجنة فينوغراد ليستا بالكلمات السلبية. بامكان الحكومة في بعض الاحيان ان تتصرف بضبط للنفس، وتحمل اضرار على المدى القصير، وحتى الخسائر بالارواح. هذا شريطة ان يعرف القائد الى اين يسير على المدى البعيد. كان من المتوقع بعد تجربة حرب لبنان الثانية المريرة ان تبلور حكومة اولمرت استراتيجية واضحة في الساحة الفلسطينية، وكان من المأمول ان يعترف صناع القرار بقصور قوة الجيش الاسرائيلي الكبير في مواجهة جيش غير تابع لدولة، وان يبحثوا عن المخرج السياسي.

 

الازمة المتواصلة على الجبهة الجنوبية كفيلة بتعليم كل اسرائيلي متعقل ان الجلوس مكتوف اليدين من دون هدف ليس خيارا مقبولا ومنطقيا، الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني يشبه الاعشاب القوية التي تزيد من تجذرها في الارض ان لم يتم اقتلاعها من جذورها. في بعض الاحيان مثلما حدث في فك الارتباط احادي الجانب يتبين ان نصف العمل اسوأ من عدم القيام به كليا. جلاء اسرائيل عن القطاع من دون شروط اعتبر من قبل الفلسطينيين انتصارا ساحقا لتيار العنف على تيار التفاوض، هذا ما يبدو عليه الامر ايضا في نظر اسرائيليين كثيرين.

 

رغم ان الانسحاب من غزة قد تم من دون اتفاق، صواريخ القسام تحولت الى برهان اكيد على فشل المساعي الاسرائيلية للتوصل الى اتفاق "الارض مقابل السلام"، الاستطلاعات تظهر ان الاغلبية الساحقة (ثلثين الاسرائيليين) لا تؤمن بتمخض المفاوضات مع الفلسطينيين عن شيء. استطلاع مركز ترومان يظهر ان (60%) من الاسرائيليين يعارضون اقامة دولة فلسطينية على اساس حدود 1967، وتقسيم القدس، وحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين. من الناحية الاخرى يشير مقياس السلام الذي اجراه مركز شتاينتس ان اكثر من (70%) من الاسرائيليين يؤيدون استمرار المفاوضات و (60%) تقريبا يجمعون على ان الفلسطينيين يستحقون دولة مستقلة، كم هو جيد ان يكون الواحد في المنتصف.

 

متلازمة الفرار من القرارات الصعبة تحولت الى وباء في السنوات الاخيرة. السياسيون الجالسون على الجدار -رجل هنا واخرى هناك- تحولوا الى سلعة جديدة. يكفي ان يقوم احدهم بالتصريح عن انه يؤيد تواصل المفاوضات مع ابو مازن" ويندد بـ "الزعران"، في الخليل حتى يظهر في نظر الناس كشخص ذي ارادة سطحية. بالامس مثلا وزع مكتب نتنياهو بيانا يشير الى انه "يؤيد استمرار المفاوضات مع الفلسطينيين". بعد ذلك قالوا انه صرح بان القدس يجب ان تبقى "موحدة في السيادة الاسرائيلية". من المهم ايضا ان تعرف انه قال لساركوزي بأن على اسرائيل ان تبقى في الجولان. غدا سنعرف ايضا انه قال لشخص ما ان استئناف المفاوضات مع سوريا هام جدا من وجهة نظره هذا "وسطي" جدا.

 

من البديهي ان يكون كل قرار (الاصح كل عدم قرار) بصدد الازمة في غزة وكل بيان يصدر للصحافة ، بصدد مسارات التفاوض مع العرب، مصابا بتاثير الاعتبارات الانتخابية. من المحتمل ان يقوم الرئيس الامريكي الجديد بانزال اسرائيل عن الجدار ويجبرنا على التزحزح عن "الوسط" الدافىء الذي تقبع فيه. وما الذي يتوجب على المستوطنين في سديروت ان يفعلوه في العاشر في شباط؟ ان يقرأوا بتمعن البيانين المنشورين في كل يوم جمعة في صحيفة هارتس. الاول من الجهة اليمينية ويعلم "شعب اسرائيل" ان "العرب في الضفة الغربية لا يملكون اي حق في دولة" ومن اليسار بيان يفيد بان اليسار يطالب المرشحين لرئاسة الوزراء "بدفع الصهيونية على اساس مبادرة السلام العربية".

 

على المستوطن ان يحدد النهج الاكثر احتمالية لاخراجه من الملجأ من بين النهجين المطروحين واي حزب سيقود الناس الى هناك. السفر في الوسط هو ضمانة اكيدة للتصادم المباشر.