خبر شجاعة باراك..معاريف

الساعة 02:39 م|22 ديسمبر 2008

بقلم: ياعيل باز ميلاميد

ايهود باراك يمكنه ان يكسب علمه السياسي في يوم واحد. في ساعة واحدة. كل ما يحتاجه هو اعطاء ضوء اخضر لدخول قوات الجيش الاسرائيلي بقوات كبيرة الى قطاع غزة. وبعد ذلك؟ فليكن ما يكون. الجمهور متحمس لعملية عسكرية. اضربوهم. اروهم ماذا نحن قادرون عليه، الزموهم بدفع ثمن باهظ.

 

ايذكركم هذا بشيء؟ هذا بالضبط كان المزاج قبل سنتين ونصف عندما قرر رئيس وزراء ووزير حرب عديما المسؤولية ما سمي "حملة" سرعان ما تدحرجت الى حرب لبنان الثانية. حرب زائدة، كثيرة الضحايا، مع جيش غير جاهز ترك وراءه رئيس الاركان السابق بوغي يعلون، الذي اصبح اليوم الامل الجديد للسياسة الامنية الاسرائيلية. لايام كثيرة بعد اندلاع الحرب البائسة اياها، سادت هنا شبه نشوى بشأن ضرورتها. تصفية حزب الله بدت كخيار واقعي، كفعل عادل بوضوح، رد صهيوني مناسب على قتل الجنود واختطاف الجنديين الداد ريغف واودي غولدفاسر.

 

مثلما في حينه الان ايضا. عندما يتحدثون عن "الحاجة للقرار اخيرا"، يقصدون بشكل عام قرار واحد: الدخول بقوة بل واحتلال القطاع. ينقصه، ايهود باراك، ان يواصل العناد على استئناف التهدئة. رئيس الاركان غابي اشكنازي هو الاخر، الذي يقف كالصخرة المنيعة ضد كل الحماسة لمن لا يفهمون، لن يخرج هو الاخر كاسبا من القرار بعدم الدخول الى غزة. فسيقولون عنه انه غير قادر على اتخاذ القرار، انه متردد، حذر. ولكنه هو، الذي يفهم بالضبط على ماذا ينطوي الدخول الى غزة، لا يتأثر. وكمن ليس لديه تطلعات سياسية فانه لا حاجة حقا لان يسير على الموضة، فيتحبب للجمهور. التزامه هو تجاه الجيش الاسرائيلي فقط، تجاه الجنود والاهالي. وكذا تجاه امن الدولة. اشكنازي يعرف ما يعرفه كثيرون في الجيش بما في ذلك اولئك الذين كانوا ذات مرة ضباطا كبار في الجيش: الجيش الاسرائيلي يمكنه أن يحتل في عدة ايام قطاع غزة. وعندها ماذا؟

 

الوضع معقد: من جهة مئات الاف السكان في مدى القسام والجراد، ينتظرون عن حق بان يقدم لهم احد ما حلا. فهم يعيشون منذ نحو تسع سنوات في جحيم متواصل. من جهة اخرى، الواقع الوحشي: حل بالقوة واحتلال غزة ليس حلا. الاحتلال هو مسؤولية عن مليون ونصف فلسطيني. وصواريخ القسام ستواصل السقوط، مثل الكاتيوشا من لبنان في صيف 2006. الاف الجنود سيتعين عليهم المكوث في اوساط القطاع وكثيرون ايضا سيدفعون الثمن بحياتهم. عندما تبدأ مسيرة التوابيت سيتغير رأي الجمهور ولكن عندها سيكون فات الاوان. نحن سنكون في الداخل عميقا: لا يمكن ان نبقى، لا يمكن أن نخرج. اذ الى الفراغ لن تدخل سوى حماس.

 

الحل الوحيد المنظور في هذه اللحظة اقل سوءا من كل الافكار الاخرى: التحصين بسرعة شديدة كل مبنى محتمل في بلدات النقب الغربي. وحقيقة أن هذا لم يتم هذا الان هو قصور كبير اخر تتحمله حكومة اولمرت على ظهرها المحمي على أي حال. وكذا ان يضاف الى السكان المستنزفين امتيازات اقتصادية واسعة. منحهم كل ما يحتاجون واكثر من ذلك بكثير. هذا لن يمنع الركض الفزع لسماح انذار "لون احمر" ولكنه سيخفف قليلا عن العيش في الجبهة.

 

وفضلا عن ذلك ملزمون باستئناف التهدئة. خبراء في شؤون حماس يدعون كل الوقت بان هذه منظمة برغماتية. اذا ما عرضوا عليها وقفا لكل القتال ورزمة امتيازات اقتصادية فانهم سيسيرون نحو التهدئة. ربما مع خروقات هنا وهناك، ولكن بالاجمال هدوء. لا يوجد حل آخر حتى برأي رجال جيش كبار.

 

ولكننا في فترة انتخابات. بنيامين نتنياهو أخذ منذ يوم امس رجاله لعقد جلسة كتلة في الجنوب. وهو "سيطالب بحزم" القيام بفعل ما وتصفية النار من القطاع. وكأن في جعبته حلا سحريا. وكأنه لا يعرف بان هذا غير ممكن. كلما يهبط الليكود في الاستطلاعات ستزداد الحماسة من جانبه. هذه ورقة شعبية: اضربوهم. وايهود باراك؟ هو ويتعين علينا أن نأمل ذلك، سيواصل معارضة الدخول المكثف الى غزة، وسيتخذ كل القرارات السليمة وسيواصل دفع ثمن سياسي باهظ لقاء ذلك.