خبر لا تحسد عليه - بقلم: خالد صادق

الساعة 10:22 ص|23 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

إحدى عشرة ساعة في الجولة الأولى من الحوار الدائر في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية لم تكن قادرة على إنهاء احد عشر عاما من الحصار والعقوبات المفروضة على قطاع غزة, المشكلة ان الفصائل خرجت لتناقش ملفات عالقة كالبدء برفع العقوبات عن قطاع غزة, والتحاور حول إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية, والدعوة للانتخابات الرئاسية والتشريعية,  بينما طرحت فتح ان يقتصر النقاش حول تمكين الحكومة وتسلم الأمن وطرح موضوع سلاح المقاومة, مما وتر الأجواء بشدة وخلق حالة من الغضب لدى الفصائل التي وجهت اللوم لوفد حركة فتح, بعد ان اختلقت فتح الأعذار لعدم إقدامها حتى الآن على رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة بحجة أنها تعاني من أزمة مالية, وأنها لم تتمكن حتى الآن من بسط سيطرتها على الوزارات والمعابر بشكل كامل في قطاع غزة, وعادت إلى تفسير معنى التمكين الذي طالبنا منذ البداية بتحديد مفهومه بشكل واضح حتى لا ندخل دوامة التمكين دون ان نخرج منها, كما حاولت السلطة التنصل من اتفاق 2011م. 

الفصائل الفلسطينية المتواجدة الآن في القاهرة في موقف لا تحسد عليه, فمطلوب منها أمام الفلسطينيين أولا, ثم أمام الراعية مصر, ان تصل إلى حالة من التوافق تسمح بعودة اللحمة للفلسطينيين, ووحدة المنطلق والأهداف, والفشل غير مسموح, لذلك وفي كل الأحوال لن يسمح بإعلان فشل المصالحة, وسيعلن عن استمرار المحادثات والحوارات والنقاشات بين كل الأطراف حتى الوصول إلى حلول مرضية, وهذا الحوار لن يكون له سقف محدد نظرا لصعوبة الملفات المطروحة للنقاش, لكن الفصائل تحتاج لخطوة من السلطة أو حركة فتح لتقنع بها الناس بأن المصالحة حققت انجازاً محسوساً لصالح الفلسطينيين, وتضغط باتجاه رفع العقوبات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة, أو رفع جزء من تلك العقوبات بطريقة تدريجية, أو على الأقل إمداد قطاع غزة بالخمسين ميغاواط التي حرمت السلطة الفلسطينية قطاع غزة منها, لكن وفد فتح في القاهرة لم يأت بحلول, فكل الأمور التي تطرح يتم تحويلها إلى مقر المقاطعة برام الله حتى يعطي الرئيس محمود عباس قرارا فيها, والرئيس مش مستعجل لأنه يرى ان العقوبات هى التي أجبرت حماس على المجيء للمصالحة.

كما ان السلطة تعاني من تحول جذري في سياسات الإدارة الأمريكية تجاهها, بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن, لأن السلطة لم تدخل في مفاوضات سلام جدية مع إسرائيل, وقررت تقليص الدعم المالي للسلطة بحجة انه يستفيد منه اسر الشهداء والأسرى, وهو ما دفع السلطة إلى اتخاذ قرار بتجميد الاجتماعات مع الأمريكيين, كما ان السلطة تعاني من فشل سياسي كبير فيما تسمى بمسيرة التسوية بعد ان أعلنت نائب وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبي حوتوبيلي أن حكومتها وضعت شروطاً للتسوية السياسية في الشرق الأوسط «لا يمكن لأي قائد فلسطيني أن يقبلها». وفصلت هذه الشروط بقولها «لدينا ثلاثة مبادئ أساسية أبلغنا واشنطن بها، وقلنا بوضوح إنه لا يمكننا التنازل عنها، وهي رفض وجود أي سيادة على المنطقة الممتدة ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن سوى السيادة الإسرائيلية، ورفض أي إخلاء لأي مستوطنة، والإبقاء على القدس موحدة وعاصمة وحيدة لإسرائيل»، ثم أضافت شرطاً رابعاً هو رفض عودة اللاجئين حتى إلى المناطق الفلسطينية.

 الأغرب ان هذه المواقف الأمريكية الصهيونية, كان من المفترض ان تدفع السلطة للالتحام بالمشروع الوطني الفلسطيني, وتوحيد الجبهة الداخلية, واستخدام كل أدوات الضغط على الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية, وتتجه لتعدد خياراتها, لكنها بقيت متمترسة خلف مواقفها السلمية الهزيلة التي لم تجلب لشعبنا وقضيتنا سوى الخراب والدمار والقهر بعد سلسلة طويلة من قرارات التفريط المجاني لصالح الاحتلال, لكننا ورغم كل ذلك لا زلنا نراهن على موقف وطني موحد, وتوافق فلسطيني داخلي نظرا للأخطار الكبيرة التي تحدق بالقضية الفلسطينية, فالشعب ينتظر هذه الانفراجة, ويأمل ان يقف الجميع أمام مسؤولياته, ويقدر الحالة المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن الغزي تحديدا تحت وطأة الحصار والعقوبات, والفصائل الفلسطينية برمتها عليها دور كبير في إنجاح المصالحة بعد ان قبلت ان تكون شريكا في حوار القاهرة, وإلا فعليها ان تخرج لتفضح الطرف المعطل للمصالحة الفلسطينية وتحمله المسؤولية كاملة.

كلمات دلالية