خبر معزولون أكثر من أي وقت مضى -معاريف

الساعة 10:48 ص|16 نوفمبر 2017

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي ميلمان

(المضمون: عمليا، اسرائيل معزولة اكثر من أي وقت مضى في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط. فروسيا، كما يتضح، ليست حليفا، رغم جهود نتنياهو التحبب على رئيس روسيا فلاديمير بوتين، فانه لاجل مصالحته وارضائه، لا يمكن لاسرائيل أن تعتمد حتى على الولايات المتحدة - المصدر).

 

يواصل زعماء اسرائيل التصرف وكأن شيئا لم يحصل في الجبهة السورية، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع افيغدور ليبرمان يواصلان اطلاق شعاراتهما بان « اسرائيل ستعرف كي تحافظ على مصالحها الامنية ». بالانجليزية يسمون مثل هذا السلوك بانه « Face Saving » (حفظ ماء الوجه). أي انهم يحافظون على المظهر الخارجي وكأن الامور تسير كالمعتاد. أما الحقيقة فهي غير ذلك. إذ ان بيان وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف هذا الاسبوع بانه لا يوجد أي اتفاق بموجبه ستترك القوات ايرانية سوريا وان تواجدها هناك شرعي، مثله كمثل القنبلة بوزن طن التي تسقط على القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية.

 

لم يقل لافروف ذلك صراحة، ولكن يمكن أن يفهم من تصريحاته بانه في نظر الكرملين، فان التواجد الايراني في سوريا الى جانب حلفائها – الميليشيا الشيعية الدولية وحزب الله - ليس فقط شرعيا بل وحيويا. روسيا، التي تواجدها في سوريا جوي اساسا، ترى فيهم – القوة المقاتلة على الارض – لحم المدافع الذي بفضله ينجح نظام بشار الاسد في البقاء وهو حيوي لاستمرار صمود النظام وجهوده لاستعادة السيطرة في معظم اراضي الدولة.

 

توضح روسيا بانه على المستوى التكتيكي، في التنسيق العسكري لمنع المعارك الجوية والصدام العسكري مع الجيش الاسرائيلي، فانها مستعدة للتعاون مع اسرائيل وستواصل عمل ذلك، بل وان تتجاهل – وبذلك في واقع الامر تؤدي هجمات سلاح الجو ضد مخازن وقوافل السلاح لحزب الله. أما على المستوى الاستراتيجي، فان المصلحة الروسية في تثبيت نظام الاسد بمساعدة ايران افضل من المصالح الاسرائيلية.

 

فضلا عن ذلك، ردت روسيا الموقف الاسرائيلي الذي يقول « حتى لو سلمنا، دون أن نعترف بذلك علنا، بتواجد الايرانيين في سوريا، ابعدوهم على الاقل عن حدودنا ». ثمة اليوم تواجد خفيف جدا لرجال قوة القدس، الحرس الثوري وحزب الله على مسافة 5 حتى 10 كيلومترات عن الحدود. في المستقبل قد يبعد الى مسافة 20 كيلومتر، ولكن عددهم سيزداد. المشكلة هي أنه حسب الاتفاق المتبلور بين الاردن، روسيا والولايات المتحدة (والذي تغيب عنه اسرائيل) لتحديد التواجد السوري – الايراني في الحدود، « الحكم » المشرف على التنفيذ هو روسيا. بمعنى أن موسكو تملي شروط الاتفاق ومسؤولة في نفس الوقت عن تنفيذه.

 

عمليا، اسرائيل معزولة اكثر من أي وقت مضى في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط. فروسيا، كما يتضح، ليست حليفا، رغم جهود نتنياهو التحبب على رئيس روسيا فلاديمير بوتين، فانه لاجل مصالحته وارضائه، لا يمكن لاسرائيل أن تعتمد حتى على الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة دونالد ترامب تواصل سياسة سلفه، براك اوباما – تعترف بسوريا كمنطقة نفوذ روسية وتهجر الشرق الاوسط.

 

المواساة الوحيدة التي يمكن ان تكون لاسرائيل هي أن علاقاتها مع السعودية تتوثق. فكلما تقدمت ايران في هيمنتها في المنطقة – في العراق، في سوريا وفي اليمن – هكذا يتعاظم التخوف السعودي منها ويعزز رغبة زعماء الرياض في تحسين علاقاتها مع اسرائيل. وهذا ينطبق ايضا على لبنان الذي يوجد في ذروة أزمة سياسية عميقة بعد أن اجبرت السعودية رئيس الوزراء السني سعد الحريري، الذي حققت عائلته مالها في المملكة السعودية، على الاستقالة. تسعى السعودية لخلق فوضى في لبنان كي تضرب ايران وحزب الله وتقلص اضرار التوسع الايراني.

 

سترغب السعودية في أن تشن اسرائيل حربا ضد حزب الله في لبنان، مثلما ترغب في ان تضرب اسرائيل بقوة اشد المنظمة الشيعية في الحرب اللبنانية الثانية في 2006. ولكن يمكن التقدير بيقين اكبر بكثير بان اسرائيل هذه المرة لن تخرج لتنزف دماء ابنائها من اجل مصالح اجنبية، مثلما اضطرت في حرب لبنان الاولى للمساعدة في اقامة نظام ماروني مؤيد لاسرائيل، الخطوة التي انهارت مع تصفية المرشح للرئاسة، بشير الجميل، على ايدي السوريين. ولكن حتى التعاون السري مع السعودية محدود الضمان. فالسعودية غير ناضحة لخطوة اقامة علاقات علنية مع اسرائيل، طالما لا يوجد حراك في الساحة الفلسطينية.

كلمات دلالية