خبر سياسة جديدة: عهد البراغماتية الواقعية..إسرائيل اليوم

الساعة 02:54 م|21 ديسمبر 2008

بقلم: زلمان شوفال

موسم الانتخابات التمهيدية- دفيئة للتطرف اللفظي وبث الشعارات بلا رصيد- انتهى في الاحزاب الكبيرة. وفقا لقواعد اللعبة لا يتوجب التشكيك بذلك- ربما باستثناء المجال الاخلاقي- والجميع يدركون ان على الاشخاص المنتخبين ان يغيروا القرص مع نشر نتائج الانتخابات.

 

هذا ما حدث في امريكا فعلا- اوباما حذف من شعاراته التي اطلقها قسما كبيرا من الامور التي كان قد قالها خلال الانتخابات التمهيدية، وغير اتجاهه نحو العبارات ذات الطابع الاجماعي الوطني، وعين هيلاري كلينتون ووزيرة الدفاع غيتس- التعيين الذي قام به بوش-، والصديق المقرب لسيناتور مكين، والجنرال المتقاعد جونز في ارفع مناصب في المجال السياسي – الامني في ادارته.

 

في اسرائيل المشبعة بالمشاكل، بدءا من الوضع في الجنوب وحتى الشمال وانتهاءا لمشاكل الاقتصاد، سيكون المحك الحقيقي في شهر شباط، عندما سيقوم الجمهور بانتخاب رئيس الوزراء، ومن المحتمل ان يكون لنتنياهو تفوق واضح على منافسيه الاخرين. لذلك على الليكود ان ينتقل من مسار الانتخابات التمهيدية الى مسار الخط الوطني الاجماعي والحكمة السياسية.

 

التحديات التي ستواجهها حكومة اسرائيل القادمة ستكون اكثر التحديات تعقيدا. الجدل الجاري في البلاد، وهذا ايضا بالاساس من اجل الاحتياجات الانتخابية، بين اولئك الذين يقولون حسب ادعاءهم "نعم للسلام"، وبين اولئك الذين يقولون دائما كما يزعمون "لا" – زائف. منذ اوسلو وقبل ذلك في واقع الامر، اقترحت حكومات اسرائيلية ذات الوان سياسية مختلفة على الفلسطينيين تسويات انطوت على تنازلات كبيرة او صغيرة نسبيا- وعلى الدوام اصطدموا بحائط محكم الاغلاق من الرفض. المسؤولون الاسرائيليون عن المفاوضات لم يفهموا، او تجاهلوا ذلك، ان عدم استعدادية الطرف الاخر للتسويات نابعة من رفض مجرد وجود الدولة اليهودية في محيطهم- ولا فرق ان كانت ملاصقة لـ "الخط الاخضر" ام لا.

 

رفض ابو مازن التنازل عن حق العودة "للاجئين" والتسامح الذي يبديه حتى "المعتدلون" نحو الارهاب هي دلالة على موقف الفلسطينيين الذي لا يقبل المساومة. ومع ذلك رغم ان النظرة للوراء تشير الى ان كل محاولات دفع السلام سواء الاسرائيلية او الامريكية– من كامب ديفيد 1978، مرورا بمؤتمر مدريد، فأوسلو، فكمب ديفيد، كلينتون، وباراك، وواي وانتهاءا بانابوليس- قد ذهبت هباءا، حكومة نتنياهو كما يصرح هو نفسه لن تتوقف عن بذل الجهود لدفع المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين ومع العالم العربي عموما. الا ان ذلك سيترافق مع خطوات وافكار جديدة.

 

من المعتقد ان النهج الواقعي البراغماتي الذي يتبعه نتنياهو، مقارنة مع سابقيه، سيقود المفاوضات نحو امكانية تحقيق تسويات عملية، لا تتساوق مع حلم السلام المثالي غير القابل للتحقيق في العهد الحالي. الى جانب ذلك هذه التسويات ستوفر للاسرائيليين درجة اكبر من الامن وللفلسطينيين حياة اكثر طبيعية كافراد وكيان وطني.

 

على اية حال، ايقاف العملية السياسية ليس خيارا، لا من الناحية الموضوعية والجوهرية ولا من حيث الواقع الدولي الذي لا يمكننا ان نتجاهله. في محيط اوباما تتزاحم خطط ومشاريع مختلفة بصدد الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني ، والتي ترتكز على النظرية الخاطئة (او المزيفة بصورة مغرضة) في ان كل مشاكل امريكا الدولية وخصوصا في الشرق الاوسط، ستحل بلحظة ان تم حل هذه المشكلة.

 

من وجهة نظر مقدمي النصائح هؤلاء الصيغة هي كالعادة تنازلات اسرائيلية على طول الطريق تقريبا، بما في ذلك قضية القدس والحدود والمستوطنات وكذلك في مسائل امنية معينة. يجب ان نذكر اننا نشهد في قضية التهديد الايراني ايضا تصريحات امريكية يجب ان تثير في نفوسنا القلق.

 

امريكا لن تستخدم ضدنا اساليب ربما كانت دولا اخرى لا تخشى منها- ولكن اسرائيل ستنجح في المحافظة  على مصالحها الحيوية  فقط ان كانت على رأسها حكومة تستطيع الى جانب تمسكها باهدافها، ايجاد المسارات والسبل الملائمة للتفاهم والتعاون مع واشنطن.